درس الفجر - القواعد الأربعة
الشفاعة المثبتة والشفاعة المنفية
الشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية وشفاعة مثبتة. الشفاعة المنفية هي الشفاعة الشركية التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فمن طلب من الله شيئا لا يقدر عليه إلا هو وقال أريد الشفاعة فقد أشرك؛ وذلك لأنهم لا تغني شفاعتهم شيئا رسم> لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ قرآن> رسم> .
ولذلك قال تعالى: رسم> يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا قرآن> رسم> يعني في الآخرة، وقال تعالى: رسم> وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ قرآن> رسم> رسم> وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ قرآن> رسم> وفي هذه الآية في سورة البقرة: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> وهو يوم القيامة؛ يعني قدموا لآخرتكم شيئا ينفعكم من النفقات والعبادات قبل أن يأتيكم ذلك اليوم الذي ليس فيه بيع، يعني لا يملك أحد شيئا يتجر به، ولا يملك أن يبيع شيئا يفتدي به، ولو ملك الأرض كلها لافتدى بها كما في قوله تعالى: رسم> فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ قرآن> رسم> .
رسم> ولا خلة قرآن> رسم> الخلة: الصداقة والأخوة؛ أي ليس هناك بين الناس أخوة، بل كل خليل يتبرأ من خليله. في الدنيا هناك أخلة ولكن تنقلب خلتهم يوم القيامة عداوة، قال تعالى: رسم> الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ قرآن> رسم> فهكذا لا خلة ولا أخوة ولا قرابة، بل كل قريب يتبرأ من قريبه: رسم> يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ قرآن> رسم> .
رسم> ولا شفاعة قرآن> رسم> أي: ليس فيه الشفاعة الشركية التي تطلبونها من الأموات، أو تطلبونها من غير الله، يوم القيامة يأتون إلى آدم اسم> ويقولون اشفع لنا فيعتذر ثم ... لفصل القضاء، هذه شفاعة بإذن الله تعالى. أخبر -صلى الله عليه وسلم- بأنه لا يشفع إلا بعد إذن الله، حتى يقول الله له: رسم> ارفع رأسك، وسل تُعطَ، وقل تسمع، واشفع تشفع متن_ح> رسم> فلا يبدأ بالشفاعة إلا بعد أن يأذن الله ويقول له: اشفع.
ولهذا جاء هذان الشرطان في القرآن، يجمع الله بينهما وقد يذكر أحدهما، جمع بينهما في سورة النجم: رسم> وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى قرآن> رسم> يأذن ويرضى: الإذن للشافع، والرضى عن المشفوع فيهم.
وكذلك قال تعالى: رسم> يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا قرآن> رسم> أذن للشافع، ورضي عن المشفوع له.
وذكر الرضا في سورة الأنبياء قال تعالى: رسم> وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى قرآن> رسم> أي: لمن رضي قوله، ومعلوم أن الله لا يرضى عن القوم الكافرين، كما أخبر بذلك: رسم> فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قرآن> رسم> وإذا كان لا يرضى عنهم فلا يأذن للشفاعة فيهم، وقال تعالى: رسم> وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ قرآن> رسم> .
وأما الإذن فذكره في آيات كآية الكرسي: رسم> مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ قرآن> رسم> الأنبياء يتوقفون عن الشفاعة في الآخرة إلا بإذن؛ إذا أذن الله لهم وقال: رسم> أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه دينار من الإيمان متن_ح> رسم> يخرجونهم بإذن الله، فيأذن الله للأنبياء وللملائكة وللصالحين أن يشفعوا في بعض من دخل النار حتى يخرجوهم إذا كانوا من أهل التوحيد، وإنما دخلوا النار ببعض المعاصي.
فالحاصل أن الشفاعة إنما تنفع بهذين الشرطين. الشرط الأول: الإذن للشافعين: رسم> مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ قرآن> رسم> والشرط الثاني: الرضا عن المشفوع فيهم من أهل الذنوب: رسم> وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى قرآن> رسم> .
مسألة>