من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
درس الفجر - القواعد الأربعة
6962 مشاهدة print word pdf
line-top
الشفاعة المثبتة والشفاعة المنفية


الشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية وشفاعة مثبتة. الشفاعة المنفية هي الشفاعة الشركية التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فمن طلب من الله شيئا لا يقدر عليه إلا هو وقال أريد الشفاعة فقد أشرك؛ وذلك لأنهم لا تغني شفاعتهم شيئا لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ .
ولذلك قال تعالى: يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا يعني في الآخرة، وقال تعالى: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ وفي هذه الآية في سورة البقرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ وهو يوم القيامة؛ يعني قدموا لآخرتكم شيئا ينفعكم من النفقات والعبادات قبل أن يأتيكم ذلك اليوم الذي ليس فيه بيع، يعني لا يملك أحد شيئا يتجر به، ولا يملك أن يبيع شيئا يفتدي به، ولو ملك الأرض كلها لافتدى بها كما في قوله تعالى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ .
ولا خلة الخلة: الصداقة والأخوة؛ أي ليس هناك بين الناس أخوة، بل كل خليل يتبرأ من خليله. في الدنيا هناك أخلة ولكن تنقلب خلتهم يوم القيامة عداوة، قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ فهكذا لا خلة ولا أخوة ولا قرابة، بل كل قريب يتبرأ من قريبه: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ .
ولا شفاعة أي: ليس فيه الشفاعة الشركية التي تطلبونها من الأموات، أو تطلبونها من غير الله، يوم القيامة يأتون إلى آدم ويقولون اشفع لنا فيعتذر ثم ... لفصل القضاء، هذه شفاعة بإذن الله تعالى. أخبر -صلى الله عليه وسلم- بأنه لا يشفع إلا بعد إذن الله، حتى يقول الله له: ارفع رأسك، وسل تُعطَ، وقل تسمع، واشفع تشفع فلا يبدأ بالشفاعة إلا بعد أن يأذن الله ويقول له: اشفع.
ولهذا جاء هذان الشرطان في القرآن، يجمع الله بينهما وقد يذكر أحدهما، جمع بينهما في سورة النجم: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى يأذن ويرضى: الإذن للشافع، والرضى عن المشفوع فيهم.
وكذلك قال تعالى: يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا أذن للشافع، ورضي عن المشفوع له.
وذكر الرضا في سورة الأنبياء قال تعالى: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى أي: لمن رضي قوله، ومعلوم أن الله لا يرضى عن القوم الكافرين، كما أخبر بذلك: فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ وإذا كان لا يرضى عنهم فلا يأذن للشفاعة فيهم، وقال تعالى: وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ .
وأما الإذن فذكره في آيات كآية الكرسي: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ الأنبياء يتوقفون عن الشفاعة في الآخرة إلا بإذن؛ إذا أذن الله لهم وقال: أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه دينار من الإيمان يخرجونهم بإذن الله، فيأذن الله للأنبياء وللملائكة وللصالحين أن يشفعوا في بعض من دخل النار حتى يخرجوهم إذا كانوا من أهل التوحيد، وإنما دخلوا النار ببعض المعاصي.
فالحاصل أن الشفاعة إنما تنفع بهذين الشرطين. الشرط الأول: الإذن للشافعين: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ والشرط الثاني: الرضا عن المشفوع فيهم من أهل الذنوب: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى .

line-bottom