قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
لقاء مفتوح بالمخيم التوعوي للشباب
2915 مشاهدة print word pdf
line-top
أهمية حلقات العلم

نقول: لما رأى إخواننا القائمون على هذه المخيمات كثرة المنحرفين الذين يذهبون إلى تلك الأماكن الفاتنة -رأوا إقامة هذا المخيم، وجعلوا فيه هذه المحاضرات, وهذه النصائح, وهذه المواعظ التي ترغب من يأتي إليها، ويستفيد فوائد جمة؛ فأول شيء أنه يحفظ وقته، يستغله في الشيء الذي ينفعه, لا في الشيء الذي يضره؛ وذلك لأنها تعتبر مجالس ذكر.
ومجالس الذكر مجالس الملائكة, كما ورد ذلك في حديث, في الحديث المشهور: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج مرة على أصحابه, وهم في حلقة يتذاكرون، فسألهم فأخبروه أنهم يذكرون الله تعالى, ويشكرونه على ما رزقهم، وعلى أن من عليهم بإرسال هذا الرسول, فقال: إني لم أستحلفكم تهمة لكم, ولكن الله تعالى يباهي بكم الملائكة !! يباهي بكم الملائكة !! ؛ أي أنكم على عمل صالح، وأن الله تعالى قد رضي فعلكم وذكركم.
ورد أيضا في حديث: أن لله ملائكة سياحون, يلتمسون مجالس الذكر، فإذا وجدوها تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، هلموا إلى حاجتكم؛ فيحفونهم بأجنحتهم, فيسألهم ربهم هو أعلم منهم فيقولون: جئنا من عند عباد لك يذكرونك, ويشكرونك, فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا, والله ما رأوك؛ فكيف لو رأوني؟! قالوا: لو رأوك لكانوا أشد لك ذكرا، وأشد لك شكرا, وأشد لك عبادة؛ فيقول: فماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك الجنة، ويستعيذون بك من النار. فيقول: هل رأوها؟ لو رأوها, لو رأوا الجنة لكانوا أشد لها طلبا، وأشد عليها حرصا، ولو رأوا النار لكانوا أشد منها هربا، وأشد منها فرارا، فيقول الله تعالى: أشهدكم أني قد غفرت لهم. فيقول واحد من الملائكة: إن فيهم فلانا ليس منهم, وإنما جاءهم لحاجة، فقال الله تعالى: قد غفرت له، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم !! .
فما أسعدهم!! أنهم لا يشقى بهم جليسهم، من جلس معهم وأصغى إلى الذكر، وأصغى إلى العبادة، وأصغى إلى العلم؛ كان بذلك منهم، يغفر الله تعالى له كما غفر لهم. لا شك أن هذا فضل الله تعالى وأنه عطاؤه. نقول: المجالس الخيرية هي التي تكتب للإنسان، يكتب له أجر.
فإذا كان ذلك المجلس مجلس علم؛ يتعلم فيه شيء من العلوم الشرعية علم القرآن، وعلم السنة، وعلم الفقه، والتفقه في الأحكام، وعلم العقائد، وعلم التوحيد، وكذلك علم الآداب، وعلم الأخلاق؛ الأخلاق الحسنة, والأخلاق الدينية. إذا كانت تلقى في مثل الحلقات، وفي مثل هذه المجتمعات, كانت المجالس مجالس علم, يستفاد منها فوائد كبيرة، وكان الذين يجلسون فيها رابحين ليسوا خاسرين.
نقول: هنيئا لكم؛ هنيئا لكم مجالسكم، هنيئا لكم أوقاتكم التي استعملتموها في تعلم العلم, وفي التفقه في الدين؛ وذلك لكثرة الأدلة التي تدل على فضل المجالس الخيرية، كما جاء في الحديث؛ الحديث المشهور عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من سلك طريقا يلتمس فيه علما, سهل الله له طريقا إلى الجنة ما أعظمه من ثواب!! طريق إلى الجنة!!
كذلك يقول -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يفعل ؛ أي أنها تتواضع له. العادة أن الطائر إذا كان متواضعا فإنه يمد جناحيه متواضعا لمن حوله، فكذلك الملائكة تتواضع لبني آدم, وتضع أجنحتها تواضعا له، وأخبر بأن طالب العلم يستغفر له كل شيء, حتى الحيتان في البحر، حتى الأسماك في البحر تستغفر له، وذلك فضل كبير.
كذلك أيضا يقول عليه السلام: إن العلماء هم ورثة الأنبياء, وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما, وإنما ورثوا العلم أخبر بأن هذا ميراث الأنبياء، فهنيئا لكم الذين تتزودون من هذا العلم, الذي هو ميراث الأنبياء، أكرم بهم وارثا وموروثا.
فنقول: نشكر الإخوة القائمين على مثل هذا المخيم؛ حيث فكروا هذه الفكرة التي تجتذب الشباب، وترغبهم في نيل الخير؛ وذلك حرصا منهم على أن يستغلوا أوقاتهم في الشيء الذي يفيدهم، والذي ينفعهم.
فإذا استغلوا أوقاتهم في ذلك كانوا مثابين، فهنيئا لهم على أنهم انتشلوا شبابا من المسلمين تتخطفهم الأمواج، هناك من يدعوهم إلى الملاهي، هناك من يدعوهم إلى الخمور، هناك من يدعوهم إلى الدخان، هناك من يدعوهم إلى الغناء، هناك من يدعوهم إلى الصور، هناك من يدعوهم إلى الزمر، وما أشبه ذلك. ولكن عصوا أولئك الدعاة.
عصوا من يدعوهم إلى هذه المفاتن، عصوا أهواءهم، وعصوا شياطين الإنس، وعصوا شياطين الجن، وقالوا: نربأ بأنفسنا عن أن نعرضها للهلاك؛ هلاك معنوي هلاك العقيدة، وهلاك الأخلاق وهلاك الديانة. نربأ بأنفسنا، نبخل بأوقاتنا أن نستعملها في الشيء الذي لا يفيد، فجاءوا إلى هذا المكان؛ فوفق الله تعالى القائمين على ذلك للخير، وجعلهم إن شاء الله من الذين يحرصون على إخوانهم، وعلى أولاد إخوانهم، فلهم الأجر؛ لأن من اهتدى بواسطتهم فله مثل أجره، كما جاء ذلك في الحديث: من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه, من غير أن ينقص من أجورهم شيئا !! .
فنقول: نوصيكم أيها الإخوة بأن تواظبوا على مثل هذه المخيمات الإسلامية، وكذلك أيضا أن تدعوا أولادكم, وأولاد إخوانكم, وأولاد جيرانكم -إلى أن يشتركوا معكم في هذه المخيمات؛ حتى ينالوا مثل ما نلتم؛ فيحصلوا على علم ينتفعون به، ويعملون به على بصيرة، ويدعون إليه، ويحصلون أيضا على أجر, يكون لهم حسنات عند الله تعالى، ويحصلون أيضا على حسنات تكتب في موازين حسناتهم.
فإذا حصلوا على ذلك كان لكم أجر؛ حيث أنكم دللتموهم على ذلك ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله ؛ فهذه وصيتنا لكم، ونثق إن شاء الله أن إخواننا الذين قبلنا وبعدنا أنهم سيولونكم نصائح دينية تثبت في القلوب، ويكون لها تأثير في السيرة وفي السريرة. ونسأل الله أن يجزي إخواننا القائمين على هذا أفضل الجزاء على حسن نيتهم، وعلى حسن مقصدهم.
ونسأله سبحانه أن يجزيكم على تكبدكم, وعلى تفرغكم, وعلى جلوسكم في هذه المجالس، هذا المجلس الخيري, أن يجعل ذلك حسنات ترفعوا بها درجاتكم يوم يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ونسأله سبحانه أن يضاعف لكم وللمسلمين عموما الأجور، ويكفر عنكم السيئات ويغفر الخطايا والزلات، وينفعنا جميعا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعا، ويرزقنا علما نافعا، وعملا صالحا.
كما نسأله أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يبرم لهذه للأمة أمر رشد يُعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعاصي، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.
كما نسأله أن يمكن لنا ديننا الذي ارتضاه لنا، وأن يبدلنا بعد الخوف أمنا, وبعد الذل عزا، وأن يصلح أئمة المسلمين وقادتهم، ويجعلهم هداة مهتدين، يقولون بالحق وبه يعدلون، فيجعلهم محكمين لشرع الله تعالى، ناصرين لدينه، ناصرين لكتابه، مؤيدين لشرعه، مؤيدين للقائمين به، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله أعلم, وصلى الله وسلم على محمد .
أسئـلة
جزى الله سماحة الوالد الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين على هذه النصائح الغالية، وعلى هذه الكلمة الراقية، نسأل الله أن يجعلها في موازين حسناته, وحسناته إذا اجتمعن مع باقي أمره, سماحة الشيخ، الأسئلة كثيرة، وأذكر الإخوان أنا حرصنا على اختيار المهم منها، ثم نعلم سماحة الشيخ أن معظم الأسئلة قد بُدئت بقوله: إنهم يحبون الشيخ في الله, فيريدون ردا من سماحتكم.
نسأل الله أن يرزقنا حبه، وحب من يحبه، والعمل الذي يقربنا إلى حبه، ونسأله أن يجعلنا من المتحابين فيه، يقول الله في الحديث القدسي: وجبت محبتي للمتحابين فيّ, والمتباذلين فيّ, والمتزاورين فيّ لا نشك إن شاء الله أننا نحبكم, أنكم تحبوننا وتحبون كل مسلم تقي، ونقول: أحبكم الذي أحببتمونا له، ورزقكم جميعا حبه, وحب طاعته.
س: أثابكم الله, يقول السائل: رجل توفي وعليه دين، فهل أفعل الفعل الآتي حفظكم الله: أن أقضي عنه دينه؟ أم أعطي أبناءه مالا لينفعهم به؟ نرجو الإفادة, وجزاكم الله خيرا
إذا لم يخلف مالا يقضي الدين الذي عليه، فلأولاده أن يجمعوا من التبرعات والزكوات ما يسددون به دينهم. فإذا كانوا مضطرين, ليس عندهم ما يتقوتون به، فإنك تعطيهم ما يكون قوتا لهم وغذاء قبل وفاء الدين، فإذا كان عندهم ما يقوتهم وما يكفيهم فاحرص على أن توفي دين أبيهم.
س: أثابكم الله, يقول السائل: رجل كان لديه ما يقارب ربعمائة رأس من الغنم، فلم يزكِ عنها حتى ماتت جميعها، والآن لم يبقَ منها شيء، فماذا عليه ؟ أفتونا حفظكم الله.
لا شك أنه أخطأ، فينظر في السنوات التي مرت عليه وهو لم يزكها فيخرجها. إذا كانت أربعمائة ففيها أربع من الغنم؛ أي من أوساطها, لا من أغلاها ولا من أدونها، فإذا مرت عليه مثلا أربع سنين، وهو في كل سنة لا يزكيها وهي أربعمائة، فأربع سنين فيها ستة عشر؛ أي من الغنم، متى وجدها فإنه يخرجها، أو يقدر قيمتهاويتصدق بها؛ وذلك لأن الدين لله تعالى, وفي الحديث: دين الله أحق أن يقضى .
س: أثابكم الله, يقول السائل: ما رأي سماحتكم في المرابحة الإسلامية المعروفة الآن في البنوك؛ حيث إنها أصبحت كثيرة, وإعلاناتها أكثر؟ أفتونا فيها مأجورين.
ينظر فيها، فأنا ما قرأت شيئا عنها ولا عن صفتها، فإذا كان هناك من نظر فيها من المشائخ من كبار العلماء وأعضاء الإفتاء، فإنه إذا أقرها, وقال: إنها مصيبة, فلا بأس بذلك. وأما أنا فما أذكر أنها وصفت لي وصفا دقيقا. وبكل حال لو أن أحد البنوك جعل له قسما من المعاملات يتعامل فيها بالمعاملات الشرعية، ويساهم المساهمون فيه؛ بحيث إنه إذا صرف الصرف فلا يصرف إلا يدا بيد إذا كان بين عملتين.
وكذلك أيضا إذا باع أو اشترى, فلا يشتري إلا شراء شرعيا, ولا يبيع إلا بيعا شرعيا, فإن التعامل معه لا بأس به, وإن المساهمة معه لا بأس به. ولو كان القسم الثاني فيه أمثلة وأنواع من الربا. إذا تحقق بأن هذا القسم, أو هذا الجزء القائمون عليه مأمونون موثوقون.
س: أحسن الله إليكم, يقول السائل: ذكر الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الآية. يقول: لدي إشكال في فهم هذه الآية في ذكر الفقراء والمساكين معا, مع أنه بفهمي القاصر أقول: بأن ذكره سبحانه وتعالى للمساكين يغني عن ذكره للفقراء. نرجو بيان الحكمة من ذلك وفقكم الله
ذكروا لأجل الترتيب. فإذا كان معك مثلا مائة ريال صدقة, ورأيت هذا مسكينا, وهذا فقيرا, فإنك تبدأ بالفقير؛ يعني للأهمية. الفقير هو الذي لا يجد شيئا, أو دخله أقل من نصف الشهر مثلا، دخله وراتبه يكفيه عشرة أيام أو نحوها, والبقية يقترض أو يتصدق عليه. أما المسكين فإنه أخف حالة وحاجة منه, فلما ذكر الله تعالى الفقراء والمساكين, دل ذلك على أن الإنسان عليه أن يبدأ بمن هو أشد حاجة, فيبدأ بالفقراء, ثم بعد ذلك إذا سد حاجتهم أعطى المساكين.
س: أثابكم الله, سماحة الشيخ, بالنسبة للمرابحة التي تسمى المرابحة الإسلامية, طريقتها أن أختار نوع السيارة, من المعرض الذي توجد به السيارة, وأقدمها في طلب للبنك. يقوم البنك بعمل عقد اتفاقية, وأدفع له مبلغا قدره خمسمائة ريال.
يقوم البنك بشراء السيارة من المعرض بسعر الكاش كما يقولون, ثم يبيعها على المشتري بموجب عقد من البنك. في حالة التراجع عن الشراء يقوم البنك بأخذ المبلغ الخمسمائة؛ مقابل أتعاب البنك, فهل يدخل هذا البيع في الربا ؟ أفتونا، جزاكم الله خيرا.
لا شك أنه فيه إشكال, وهوأنه يشرط الشراء قبل أن يتملك. قبل أن يملك السيارة يشرط عليه أنه يشتريها, فيدخل في قوله: لا تبع ما ليس عندك كذلك أيضا إذا لم يشتر يأخذ عليه هذا المبلغ, الذي هو خمسمائة, فيكون بذلك أخذ شيئا بدون مقابل.
فنحن نقول: الطريقة السليمة في مثل هذه المرابحة إذا ذكرت لهم السيارة, أنه تعجبك السيارة التي في المعرض الفلاني, فإنهم يتصلون بالمعرض؛ يسألونه عن قيمتها, ثم يأمرونه أن يحجزها لهم, ويرسلون مندوبا منهم يستلمها. يستلم المفاتيح والأوراق, وينقلها من مظلة إلى مظلة, ثم بعد ذلك يعرضونها عليك, ويقولون: هذه السيارة اشتريناها مثلا بخمسين ألفا, ونبيعكها بستين, ولا نلزمك, وإذا لم تشتر فلا نأخذ عليك شيئا لا مائة ولا خمسمائة.
وسوف يأتينا من يشتريها غيرك, فنرى في هذه الحال أن هذه هي الطريقة الإسلامية, ولا يجوز أن يشترطوا عليه خمسمائة مقدم, ولا يجوز أن يأخذوا عليه كذا, وأما اشتراطهم أن يحول مرتبه عليهم فلا بأس بذلك, ويكون هذا كالضمين الذي يضمن لهم ما يحتاجون إليه, أو يضمن لهم ما يحل من الدين عليه, فمثل هذا جائز.
س: أحسن الله إليكم, يقول السائل: أنا شاب تبت إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحا, ولكن قبل توبتي كنت قد سرقت أشياء كثيرة, ولا أستطيع أن أجد أصحابها, وتقدر بمبالغ كبيرة لا أستطيع أن أدفعها, ولكني إذا تذكرتها شعرت بالحسرة والندم؛ فهل يجب علي أداؤها ؟ وكيف أفعل ؟ أفتوني حفظكم الله.
عليك أن تصدق في توبتك, وعليك أن تثبتها في ذمتك. هذه السرقات التي أخذتها بغير حق أثبتها في ذمتك, ثم بعد ذلك إذا رزقك الله ووسع عليك, وفتح عليك رزقا حلالا تخرجها؛ سواء عرفت أهلها فتدفعها إليهم أو إلى بعضهم أو إلى ورثتهم, أو تدفعها بواسطة بأن تعطيها من يوصلها إليهم, ومن لم تعرف منهم أو نسيت أهلها تتصدق بها وأجرها لهم؛ حتى تبرأ ذمتك.
س: أحسن الله إليكم, هذه سائلة تقول: هل لبس المرأة للفساتين بلا أكمام أمام النساء في الحفلات, وكذلك اللبس الذي يكون فيه نوع من العري جائز شرعا؟ أم لا ؟
لا يجوز للنساء التشبه بالرجال, بل لباس المرأة يتميز عن لباس الرجال. كذلك أيضا لا يجوز للمرأة لباس الشيء الذي يلفت الأنظار, فإذا كانت المرأة بين النساء فإنها تلبس اللبسة المعتادة الثياب التي تستر الذراع, وتصل إلى الكف أو إلى المفصل الذي بين الكف والذراع.
وكذلك أيضا اللباس الذي يستر إلى الساقين أو إلى الكعبين هذا بين النساء, وتلبس أيضا خمارا. يجوز لها عند الحاجة أنها تبدي وجهها عند النساء, وشعرها. ولا بأس أيضا أن تبدي ثدييها عندما تحتاج إلى إرضاع طفلها, وكذلك أيضا أن تبدي ذراعيها إذا أرادت الوضوء عند أحد من النساء, أو من المحارم.
وأما ما سوى ذلك فالأصل أنها تتستر, سيما إذا كانت في الحفلات التي تجمع السفهاء والصغار والجهلة والمتطرفين ونحوهم, ممن يحتجون بفعلها. ننصح المرأة ألا تلبس الشيء الذي يكون لافتا للأنظار.
س: جزاكم الله خيرا, سماحة الشيخ, هذا شاب يقول: أبلغ من العمر خمسة وعشرين عاما, وأحافظ على الصلاة وقراءة القرآن, والحمد لله. ولكن قبل ثماني سنوات؛ أي في سن المراهقة شربت الدخان في نهار رمضان يومين, أو ثلاثة أيام -الله أعلم، وفي رمضان الذي يليه أيضا شربت يوما واحدا؛ فما أفعل ؟ وهذا الأمر قد حصل من مدة طويلة, وأنا نادم أشد الندم.
ننصحك أن تقلع عن هذا الدخان وأن تتركه؛ فإنه ضار بك عقلا ودينا؛ فابتعد عنه, وابتعد عن أصحابه الذين يدعون إليه. ننصحك أن تستبدل بأولئك الجلساء جلساء صالحين يعينونك على دينك, وينصحونك ويحذرونك من الوقوع في مثل هذه المحرمات, التي منها الدخان وما أشبهه.
ثم عليك أن تقضي تلك الأيام التي شربت فيها في رمضان. عليك قضاؤها, ولو كنت في سن المراهقة إذا كنت قد بلغت, أما إذا كانت قبل البلوغ فلا قضاء عليك, وعليك مع القضاء إطعام, إطعام مسكين عن كل يوم؛ وذلك بسبب التفريط والتأخير, الإطعام كل يوم عنه نحو نصف الصاع.
س: سماحة الشيخ, يقول السائل: ما حكم الوضوء من ماء المكيفات؟ وكذلك من ماء مقطر؟
إذا لم يكن متغيرا برائحة نجاسة ولا لونها, فلا مانع من الوضوء به. الغالب أن المكيفات ليس فيها نجاسة, وأن الماء الذي يتقاطر منها لا يكون نجسا.
س: هذا سؤال فيه نساء, تقول إحدى الأخوات: ما رأيكم فيما يحصل الآن من قبل طالبات المدارس من جمع مبلغ, وشراء هدية به للمعلمة بعد نهاية العام؛ تكريما لها. أو في أثناء الدراسة بسبب مناسبة للمعلمة, أو هدية تقدم؛ فهل يجوز للمعلمة أخذ هذه الهدية ؟ علما بأن المعلمة لا تدري, هل ستقوم بتدريسها للمجموعة بعد ذلك أم لا ؟
في أثناء الدراسة لا تجوز. وكذلك بعد الانتهاء مثلا من السنة الأولى أو من الثانية؛ وذلك مخافة أن هذه المعلمة تتغاضى مع هذه الطالبة؛ لأجل هذه الهدية تقديرا. ولو قدر أنها تجزم بأني لا أتغاضى معها, ولا أزيد في درجاتها, ولا أفضلها على غيرها. ولكن من باب سد الذرائع؛ وذلك لأن الناس قد يتهمونها, فإذا قيل: إنها قدمت فلانة, أو تغاضت عن فلانة, قالت الأخريات: لأنها أهدت لها ولأنها أعطتها ولأنها نفعتها وما أشبه ذلك؛ فتكون كالحديث: هدايا العمال غلول .
أما إذا كان ذلك عند توديع هذه المدرسة, أنها سوف تغادر البلاد كالمتعاقدة, أو كان ذلك عند نهاية الدراسة؛ أعني كأن تكون الطالبة قد أنهت المرحلة, فلا بأس بذلك.
س: أثابكم الله, يقول السائل: في بعض الأحيان نسمع مقدم البرنامج في إذاعة القرآن الكريم, أو أي إذاعة أخرى, يقول مقدم البرنامج: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأنا داخل السيارة؛ فهل أرد السلام؟ أم أسكت ؟ جزاكم الله خيرا.
مثل هذا يعتبر قد سلم على ألوف ومئات الألوف, فيكفي أن يرد واحد منهم. فإنه يجزئ عن الجماعة أن يرد واحد منهم, كما يجزىء أن يسلم واحد منهم؛ فإن رددت فلا بأس بذلك.
س: ما حكم سماع الرجال للدفوف التي يضربها النساء, إذا كان ذلك عبر الأشرطة وليس مباشرا؟
أرى أنه لا يشرع, ولا يجوز أن يستمع الرجال الدفوف, والأصوات التي بين النساء؛ سواء كان في حفلات, أو اجتماعات في مناسبات, أو ما أشبه ذلك. أما بين النساء فالمرأة التي بين النساء إذا كانت تضرب الدف؛ فيستمعها النساء الحاضرات، فضرب الدف لأجل إظهار الفرح بهذا الحفل, أو بهذه المناسبة. أما الرجال فلا يجوز.
س: أثابكم الله, سائلة تقول: ما حكم الشرع في لباس النساء للبنطال, وكذلك وضع العباءة على الكتف؟ وقد كثر ذلك بين النساء، نريد من سماحة الشيخ كلمة، والنساء أو كثير من النساء يستمعن لذلك ؟
نقول: لا شك أن لبس هذا البنطال تقليد؛ فإنه جاء من نساء الغرب. جاء من الكفار والمتشبهين بهم ومن تشبه بقوم فهو منهم ولا شك أنه والحال هذه يعتبر أيضا يميز ويجسد الجسد، ولو ادعت أنه واف وواسع، لكن إذا قامت فإن الناس الذين حولها ينظرون إلى ساقيها, وإلى فخذيها، وإلى أليتيها؛ وكأنها ليس عليها شيء، ولو كان هذا اللباس قد ستر ظاهر البشرة، فنقول: لا يجوز للمرأة أن تلبس هذا البنطال.
يمكن أن يجوز إذا لم يكن عندها إلا زوجها؛ لأن الزوج تجوز له أن ينظر إلى جسدها، فأما غيره من النساء, أو الرجال, أو المحارم، فليس لها ذلك. وأما وضع المرأة عباءتها على الكتفين، فإن هذا أيضا من التشبه بالرجال؛ الرجال هم الذين يلبسون العباءة أو المشالح على الكتفين.
فالمرأة إذا وضعت العباءة على الكتفين, أو المشلح على الكتفين تبين الكتفان، وتبين العنق وتبين الرأس وحده، وتبينت المنكبان والعضدان, وما أشبه ذلك؛ وذلك مما يلفت الأنظار؛ فلذلك لا يجوز. إذا خرجت فإنها تضع عباءتها, أو مشلحها على رأسها؛ ويكون ساترا لجميع بدنها.
س: سماحة الشيخ يقول السائل: هل تجب الطهارة عند لمس أو مس تفسير القرآن الكريم؟
نعم؛ لقول الله تعالى: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فالتنزيل هو هذا القرآن، أخبر بأنه لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ؛ ولقول الله تعالى: فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ فإذا كانت مرفوعة مطهرة فلا يمسها إلا الطاهر.
وجاءت الأحاديث، وجاء عمل الصحابة على أنه يتطهر، ومن رخص في ذلك فقد تساهل، وقد عمل بما لا دليل عليه. الأصل أن المصحف له مكانته, فلا يمسه إلا طاهر.
س: أثابكم الله, يقول السائل: سمعت أن الجهر بالذكر بعد الصلاة سنة، فما درجة رفع الصوت؟ وهل يجهر في جميع الأذكار؟
درجته أن يسمع من يليه؛ يسمع مثلا اثنين أو ثلاثة عن يمينه، وكذا عن يساره، وهكذا كل واحد منهم يصوت، ويكون هذا في أول السلام عند الاستغفار، يقول: أستغفر الله، ويقول: لا إله إلا الله، ويقول: اللهم أنت السلام, ومنك السلام, تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له... إلى آخره، لا إله إلا الله, ولا نعبد إلا إياه، لا إله إلا الله مخلصين له الدين. أما بقية التسبيح سبحان الله, والحمد لله, والله أكبر, فإنه لا يجهر به.
س: سماحة الشيخ, يقول السائل: هل الصلاة أفضل في هذا المكان؟ أم نذهب للمساجد القريبة ونعود بعد ذلك ؟
نرى أنكم ما دمتم بهذا الجمع الكثير فإن الصلاة جماعة أولى؛ لأن هذا جمع كثير؛ ولأنهم لو ذهبوا لتفرقوا في عدة مساجد، وقد لا يتسع لهم مسجد واحد عادة، والجمع كلما كان أكثر كان الأجر أكثر, جاء في حديث صلاة الرجل مع الرجل أفضل من صلاته وحده, وصلاته مع الرجلين أفضل من صلاته مع الرجل, وما كان أكثر فهو أحب إلى الله .
س: يقول: أنا إنسان ملتزم ولله الحمد، وأعمل في شركة خاصة حيث يوجد موظفين غير مسلمين، ما حكم البقاء معهم ؟ وهل يجوز الأكل والشرب معهم ؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
لعلك تلتمس غير هذه الشركة التي فيها هؤلاء الكفار، ومع ذلك إذا كنت تظهر دينك فلا حرج عليك. وكذلك أيضا من إظهار الدين أنك لا تظهر للكفار المودة، بل تظهر لهم البغضاء والكراهية, والاحتقار والتنقص لهم، ولا تبدأهم بالسلام, ولا بكيف أصبحت أو كيف أمسيت, أو كيف حالك، وما أشبه ذلك. وهذا بعد أن تعرض عليهم الإسلام، وأن تدعوهم إلى الدخول فيه, لعل ذلك أن يؤثر فيهم.
س: أثابكم الله, يقول: صلينا في إحدى الدول العربية وراء رجل مبتدع, وينتمي للطريقة التيجانية، وذلك أياما عديدة تصل إلى العشرين يوما؛ فما حكم صلاتنا ؟
صحيحة إن شاء الله؛ لأنكم قد لا تجدون غيره، ولأنكم قد تتهمون إذا صليتم وراء غيره أو صليتم وحدكم؛ ولأنه يظهر الإسلام, ولأن الصلاة التي صلاها كاملة؛ يصلي كل وقت في وقته، ويستعمل الركوع والسجود كاملا؛ فلكم صلاتكم, وعليه إثمه.
س: أحسن الله إليكم, هذه السائلة تقول: هل الذهاب إلى من يرقي أفضل؟ أم أن أرقي أنا نفسي بنفسي ؟ ثم هل من كلمة عن حكم وضع الرجل الذي يرقي الناس أن يضع يده فوق رأس المرأة أثناء القراءة؛ هل هذا الفعل جائز؟
الأفضل أن الإنسان يرقي نفسه؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم عند النوم يرفع يديه، ثم يقرأ فيهما المعوذتين, وسورة الإخلاص, وآية الكرسي، وينفث في يديه، ثم يمسح وجهه، ويمسح ما أقبل من جسده؛ فهذه رقية؛ رقية الإنسان لنفسه، وهي أفضل رجل أو امرأة.
إذا كان الإنسان مثلا يحس بآلام, أو يحس بوساوس أو بأمراض نفسية, أو ما أشبه ذلك، وكان عنده معرفة بالرقية الشرعية بالآيات والأحاديث, فإنه يرقي نفسه. وإذا احتاج إلى غيره، فالرجال يرقيهم الرجل، والنساء ترقيهم المرأة.
إذا قدر مثلا ووجد نساء يعرفن للرقية، إذا كن نساء تقيات فهذا هو الأصل، ولكن الغالب في هذه البلاد أن الذين يستعملون الرقية من الرجال؛ يأتيهم رجال ونساء، قد يكون النساء أكثر.
ففي هذه الحال يرقي، ولكن تكون المرأة متحجبة، ويكون أيضا رقيته عليها من غير مس، لا يمس بشرتها، ولا يضع يده على رأسها. إذا كان معها محرم فالمحرم هو الذي يضع يده على رأسها، وهو الذي يمسح على جسدها، وما أشبه ذلك, فأما الرجل الأجنبي -ولو كان هو الذي يرقي- فلا يجوز له ذلك.
س: أحسن الله إليكم, حقيقة الإخوان, أرسلوا بأسئلة كثيرة جدا، والوقت لا يتسع لعرضها جميعها، ولكن نعد إخواني - إن شاء الله - في اللقاءات القادمة، نعرض ما تبقى منها.
السؤال الأخير: أحسن الله إليكم, يقول السائل: يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في معنى الحديث: كل جسد نبت من السحت فالنار أولى بها فإذا كان رب البيت ماله من حرام، فهل يأثم أهل البيت من زوجة, وأولاد في الأكل منه, واللبس منه, مع عدم وجود عائل غيره ؟
نرى أنهم مضطرون, إذا لم يكن عندهم من ينفق عليهم فهم مضطرون إلى ذلك، ولهم عذر في أكلهم منه. إن وجدوا غيره فلا يجوز لهم الأكل من هذا الحرام، وإذا لم يجدوا فهم معذورون, ويكون الإثم على من اكتسب؛ يعني على ذلك المكتسب الذي جمع ذلك المال الحرام.
نشكر لسماحة والدنا الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين هذه المحاضرة, أو هذه الكلمة, وهذه الإجابات المباركة، ونسأل الله جل وعلا أن يطيل في عمره على طاعته، وأن يمتعنا جميعا بعمره, وعلمائنا الأفاضل الكرام، وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

line-bottom