إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
القمار
20888 مشاهدة print word pdf
line-top
حجج واهية

قد يسوق بعض اللاعبين حججا واهية: كأن يقول بعضهم: إنما نفعل ذلك عن رضى! فالذي يضع النقود إنما يضعها عن رضى وليس قهرا!! فإذا قامر أحدهـم فإنه لا يأخذ إلا ما أعطوه برضاهم فنقول: صحيح أنهم قد وضعوا أموالهم برضى، ولكن كل منهم وضعها وهو يأمل أنه الكاسب وأن يكون هو الذي يحصلها، فإذا ذهبت منه فإن صاحبها الذي أخذت منه سيتصف بالبغض لصاحبه وسيمقته على ذلك ويبغضه، وتتسع العداوة فيما بينهم، ولو كان ما أخذها إلا بسماحة نفس، فلو كان قد أخذها بقهر لكان له أن يشتكي مثلا أو يتغلب عليه، أو يحرص على أن يسترجعها منه ويستدعي من يأخذها منه، لكنه أخذها بما يشبه الرضى في الظاهر، وإن كان القلب منطويا على أنه ممقوت ومبغوض!
* كذلك نقول للذين يقولون: إنما ننشغل بهذه الألعاب عن القيل والقال، وعن أعراض الناس، وعن الكلام فيما لا فائدة فيه!!
ويقولون: إنما ننشغل بها، ونقطع بها الوقت، فإن الليل قد يطول علينا، ونستطيل النهار فنمضيه في هذا اللعب حتى لا نشعر بطول الزمان، وطول اليوم، ولا بطول الليل، فإن النفس تمل من طول الفراغ وتسأم من الجلوس بدون عمل فنعدل إلى ما نتسلى به ونقطع به الوقت.
هكذا يتعللون، ويزعمون أنهم يفعلون ذلك لهاتين الفائدتين:
الفائدة الأولى: أنهم يشتغلون بها بزعمهم؛ لأنها تنأى بهم عن الخوض في أعراض الناس!
والفائدة الثانية: أنهم يشتغلون بها ليقطعوا بها الوقت، وليقضوا بها النهار، وليفرغ الزمان دون أن يشعروا بطوله! ذلك أنهم يشتكون من الفراغ الطويل الممل ويشتكون أنهم ليسوا في عمل يقطعون به الزمان، فيحبون أن يعملوا حتى لا يشعروا بملل ولا سأم!!
فنقول: أما الحجة الأولى فواهية، ذلك أنكم لستم بملزمين أو مأمورين بالكلام في أعراض الناس، فمن الذي ألزمكم أن تتكلموا في أعراض الناس؟! فليس لكم حاجة في أعراض الناس، حتى تكونوا مجبرين على الكلام فيها.
ثم إنهم جهلاء، ومع ذلك لا يتعلمون! فيكون عندهم فراغ، ومع ذلك لا يشغلونه بذكر الله ويكونون أيضا بحاجة إلى تعلم القرآن، وإلى تعلم السنة، وهم مع ذلك فارغون، فيمضون أوقات الفراغ في هذا اللعب!
ونقول لهم: لماذا لا تجعلون بدل هذا اللعب تعلما وقراءة وذكرا وتذكرا وما أشبه ذلك، فتستفيدون بذلك، هذا إذا لم تكونوا مشتغلين بأشغال دنيوية، فإذا كنتم كذلك فإن ذلك أيضا شغل مباح، فأنتم إما أن يطلب منكم الشغل في الأعمال المباحة التي هي أعمالكم الدنيوية من بضاعة وتجارة ومكاسب، وما أشبه ذلك، فمتى اشتغلتم بها كسبتم، وحصلتم على الرزق الحلال، وقضيتم أيامكم وأشهركم وسنواتكم دون أن تشعروا بملل وسأم وفراغ، وحصلتم على نفع دنيوي وسلمتم من هذا الضرر، وسلمتم من هذا المأثم.
وكذلك إذا لم تكونوا بحاجة إلى التكسب ولا بحاجة إلى الأعمال الدنيوية، وكان عندكم أوقات فراغ فاشغلها أيها المسلم بالذكر والتسبيح والتكبير والتحميد، واشغلها بالتفكير في المخلوقات العلوية والسفلية، والنظر والاعتبار في آيات الله وما تدل عليه فهو أفضل ما تشغلون به الأوقات دون أن تحتاجوا إلى اللعب الذي تقطعون به أوقاتكم. فاشتغلوا بذلك حتى ينقضي الوقت دون أن تشعروا بالملل ودون أن تحتاجوا إلى ما تقضون به أوقاتكم.
كذلك نقول للذين يدَّعون أنهم إنما يفعلون ذلك ابتعادا عن الخوض في أعراض الناس:
نقول: إنكم إذا انشغلتم بالقمار والميسر أو انشغلتم بالغيبة والنميمة، والقيل والقال أيهما فعلتم!! فإنكم بذلك لم تسلموا من المآثم، ووقعتم في مأثم آخر يشبه المأثم الأول الذي قد تركتموه، فكنتم كالمستجير من الرمضاء بالنار! تركتم معصية ووقعتم في معصية أخرى!! قلتم نترك القيل والقال، ونشتغل باللعب بالقمار وباللهو والباطل، فهذا حرام، وهذا حرام!! تركتم بابا من حرام، وأتيتم بابا آخر!!
ثم نقول لكم: لستم محتاجين إلى القيل والقال! ولستم بالمكرهين على الإتيان به!
تقدرون أن تسكتوا، وتستطيعون أن تتكلموا في شيء ليس فيه تعرض لأحد بنقيصة ولا بعيب، ولا بنميمة، ولا باغتياب أحد، فتسلمون من هذا كله، ولا تقعون في هذا اللعب ولا في هذا القمار!

line-bottom