كلمة للمعلمين وطلاب التحفيظ
فضل العلوم الشرعية
وكذلك بالنسبة إلى أنواع العلوم، تعرفون أن العلوم التي في هذه المدارس منها علوم تتعلق بالعقيدة، وتتعلق بالأحكام وبالكتاب والسنة وبالشرع الشريف، وهذه –حقا- هي التي يجب أن يعتنَى بها، وذلك لأنها ميراث الأنبياء تذكرون حديث أبي الدرداء اسم> المشهور الذي أشار إليه البخاري اسم> في بعض أبواب كتاب العلم، والذي رواه أهل السنن، وصححه الأئمة: رسم> من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وإن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر متن_ح> رسم> .
فميراث الأنبياء هو العلم الشرعي الذي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمه أصحابه، كان يعلمهم الآيات وأدلتها ودلالاتها, ويعلمهم الأحاديث وبيان كيفية العمل بها وأشباه ذلك, كان هذا تعليمه -صلى الله عليه وسلم- وأنتم تعلمون ذلك تزيدون أيضا النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أميا ما كان يقرأ الكتاب ولا يكتب كما في قول الله تعالى: رسم> وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ قرآن> رسم> يعني: لو كان يقرأ الكتب لقالوا: إن هذا القرآن مفترى. وقد قالوا ذلك كما في قول الله تعالى في سورة الفرقان: رسم> وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قرآن> رسم> كيف اكتتبها وهو لا يقرأ ولا يكتب؟!
اختاره الله تعالى أميا حتى لا يقولوا إنه افتراه, وأنه كتبه من كتب الأولين، لكنه كان يعلمهم الألفاظ، يعلمهم الآيات ويقرؤها عليهم، ويشرح لهم دلالاتها، ويعلمهم الأحكام, فهذا هو ميراثه, وميراث الأنبياء قبله, أنهم كانوا كلهم يقرءون على أممهم ما أنزل الله تعالى عليهم, فميراثهم هو علم الشريعة, وعلم الأحكام والحلال والحرام والأوامر والنواهي والوعد والوعيد, وكل ما هم مكلفون بالعمل به, وكذلك أيضا يعلمونهم أمور الدنيا التي لها تعلق بحياتهم, يعلمهم -صلى الله عليه وسلم- كثيرا من الآداب والأخلاق، كما يعلمهم الكثير من آداب الإسلام مثل قوله -لما أمرهم بحق الطريق- رسم> غض البصر, وكف الأذى، ورد السلام, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر متن_ح> رسم> .
وقوله: رسم> تسلم عليه إذا لقيته, وتشمته إذا عطس, وتجيبه إذا دعاك, وتعوده إذا مرض, وتتبع جنازته إذا مات، وتحب له ما تحب لنفسك متن_ح> رسم> هذه من الآداب والأخلاق والتي عرف بها صدقه.
لما قدم -صلى الله عليه وسلم- المدينة اسم> يقول عبد الله بن سلام اسم> -وكان من اليهود فهداه الله- ولما قدم انجفل إليه الناس فكنت ممن انجفل إليه، فكان أول ما سمعت منه أن قال: رسم> أيها الناس أفشوا السلام, وأطعموا الطعام, وأطيبوا الكلام, وصلوا الأرحام, وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام متن_ح> رسم> هذه من الآداب، يعني أكثرها آداب وأخلاق، يعني مثل إفشاء السلام من الآداب التي يتأدب بها المسلمون فيما بينهم, وكذلك صلة الأرحام.
فعرف بذلك أن حقيقة هذا العلم هو العلم الذي يتعلق بالأحكام, ولو أنه تدخل في المعاملات وبين ما يجوز منها وما لا يجوز، يعني المعاملات، يعني أمور البيع والشراء, وشروط البيع, وثبوت الخيار, والرهن, والسلم, والصرف, والربا، والقرض, والحوالة وما أشبهها, لا شك أنها من أمور الدنيا, ولكنه بينها؛ لأن بيانها يتعلق بالحلال والحرام.
فالحاصل أن هذا هو الذي ينبغي أن يهتم به المسلم بتعلمه وبتعليمه, ووسائله تابعة له فتعلم اللغة العربية وكيفية النطق بها تابع لذلك, وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلم بها باللغة الفصحى التي هي لغة العرب, وحيث أنها اختلطت بغيرها وكثرت اللهجات وكثرت الألفاظ العامية؛ فنقول: إن علينا أن نتعلم أصل لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن نعرف معانيها وألفاظها، وكيفية النطق بها, إذن فتعلم النحو وتعلم الصرف وتعلم ألفاظ الكلمات العربية داخل في علم الشريعة, داخل فيما بلغه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهتم طالب العلم بهذا النوع الذي هو ميراث النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يهتم بالعمل به؛ ليكون بذلك عالما وعاملا.
مسألة>