قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
كلمة للمعلمين وطلاب التحفيظ
6309 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل العلوم الشرعية

وكذلك بالنسبة إلى أنواع العلوم، تعرفون أن العلوم التي في هذه المدارس منها علوم تتعلق بالعقيدة، وتتعلق بالأحكام وبالكتاب والسنة وبالشرع الشريف، وهذه –حقا- هي التي يجب أن يعتنَى بها، وذلك لأنها ميراث الأنبياء تذكرون حديث أبي الدرداء المشهور الذي أشار إليه البخاري في بعض أبواب كتاب العلم، والذي رواه أهل السنن، وصححه الأئمة: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وإن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر .
فميراث الأنبياء هو العلم الشرعي الذي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمه أصحابه، كان يعلمهم الآيات وأدلتها ودلالاتها, ويعلمهم الأحاديث وبيان كيفية العمل بها وأشباه ذلك, كان هذا تعليمه -صلى الله عليه وسلم- وأنتم تعلمون ذلك تزيدون أيضا النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أميا ما كان يقرأ الكتاب ولا يكتب كما في قول الله تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ يعني: لو كان يقرأ الكتب لقالوا: إن هذا القرآن مفترى. وقد قالوا ذلك كما في قول الله تعالى في سورة الفرقان: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا كيف اكتتبها وهو لا يقرأ ولا يكتب؟!
اختاره الله تعالى أميا حتى لا يقولوا إنه افتراه, وأنه كتبه من كتب الأولين، لكنه كان يعلمهم الألفاظ، يعلمهم الآيات ويقرؤها عليهم، ويشرح لهم دلالاتها، ويعلمهم الأحكام, فهذا هو ميراثه, وميراث الأنبياء قبله, أنهم كانوا كلهم يقرءون على أممهم ما أنزل الله تعالى عليهم, فميراثهم هو علم الشريعة, وعلم الأحكام والحلال والحرام والأوامر والنواهي والوعد والوعيد, وكل ما هم مكلفون بالعمل به, وكذلك أيضا يعلمونهم أمور الدنيا التي لها تعلق بحياتهم, يعلمهم -صلى الله عليه وسلم- كثيرا من الآداب والأخلاق، كما يعلمهم الكثير من آداب الإسلام مثل قوله -لما أمرهم بحق الطريق- غض البصر, وكف الأذى، ورد السلام, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر .
وقوله: تسلم عليه إذا لقيته, وتشمته إذا عطس, وتجيبه إذا دعاك, وتعوده إذا مرض, وتتبع جنازته إذا مات، وتحب له ما تحب لنفسك هذه من الآداب والأخلاق والتي عرف بها صدقه.
لما قدم -صلى الله عليه وسلم- المدينة يقول عبد الله بن سلام -وكان من اليهود فهداه الله- ولما قدم انجفل إليه الناس فكنت ممن انجفل إليه، فكان أول ما سمعت منه أن قال: أيها الناس أفشوا السلام, وأطعموا الطعام, وأطيبوا الكلام, وصلوا الأرحام, وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام هذه من الآداب، يعني أكثرها آداب وأخلاق، يعني مثل إفشاء السلام من الآداب التي يتأدب بها المسلمون فيما بينهم, وكذلك صلة الأرحام.
فعرف بذلك أن حقيقة هذا العلم هو العلم الذي يتعلق بالأحكام, ولو أنه تدخل في المعاملات وبين ما يجوز منها وما لا يجوز، يعني المعاملات، يعني أمور البيع والشراء, وشروط البيع, وثبوت الخيار, والرهن, والسلم, والصرف, والربا، والقرض, والحوالة وما أشبهها, لا شك أنها من أمور الدنيا, ولكنه بينها؛ لأن بيانها يتعلق بالحلال والحرام.
فالحاصل أن هذا هو الذي ينبغي أن يهتم به المسلم بتعلمه وبتعليمه, ووسائله تابعة له فتعلم اللغة العربية وكيفية النطق بها تابع لذلك, وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلم بها باللغة الفصحى التي هي لغة العرب, وحيث أنها اختلطت بغيرها وكثرت اللهجات وكثرت الألفاظ العامية؛ فنقول: إن علينا أن نتعلم أصل لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن نعرف معانيها وألفاظها، وكيفية النطق بها, إذن فتعلم النحو وتعلم الصرف وتعلم ألفاظ الكلمات العربية داخل في علم الشريعة, داخل فيما بلغه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهتم طالب العلم بهذا النوع الذي هو ميراث النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يهتم بالعمل به؛ ليكون بذلك عالما وعاملا.

line-bottom