إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
كلمة مع فتاوى عامة
2523 مشاهدة print word pdf
line-top
فتاوى عامة

الأسئـلة
س: جزاكم الله خيرا. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول السائل: لي والدة كبيرة في سنها، وهي إنسانة أمية ولا تحسن بعض واجبات الصلاة كقول: سمع الله لمن حمده تقول: سمع الله ولمن حمده، والتشهد تقول: وبارك على محمد في العالمين يا رب العالمين. نحن دائما ومن فترة إلى أخرى نعلمها، ولكن يصعب عليها الحفظ؛ فما العمل وما حكم صلاتها؟ -أثابكم الله-.
عليكم أن تواصلوا تعليمها شيئا فشيئا. معلوم أن الإنسان إذا طعن في السن يصعب عليه الحفظ، وكذلك يصعب عليه تغيير محفوظاته، فالأشياء التي التوى عليها لسانه يصعب عليه تغييرها، وهذه الكلمة: سمع الله ولمن حمده؛ هذه فيها زيادة، ولكن كثير من العامة يقلبون الضمة واوا، وهذا مما ينبغي الانتباه له. كثير منهم يقول: الله وأكبر، الله وأكبر؛ هذا خطأ، ويقول في الشهادة: أشهد وأن لا إله إلا الله، فيقلب ضمة أشهد واوا، أشهد وأن لا إله إلا الله، ويقول: سمع الله ولمن حمده، وهذا خطأ.
يقوم الإنسان لسانه؛ حتى لا يغير العبارات، والعبادات عن وضعها، وإذا عجز فهو معذور. هذه المرأة التي عجزت، أو عجزوا عن تقويم سمع الله ولمن حمده، إذا عجزوا عن ذلك، فهي معذورة، وأما قول: وبارك على محمد وآل محمد في العالمين، فهذه لا بأس بها؛ لأنها وردت في بعض روايات الحديث، أو كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، ومع ذلك الأولى أن يقتصر على الوارد في الصحيح.
س: أثابكم الله، يقول السائل: من الناس من ارتكب بعض المعاصي، والمخالفات الشرعية في وقت لم يكن فيه دعوة، ولا تعليم؛ بعد أن علموا أخطاءهم بسبب توظيف طلبة العلم، والدعاة المستجدين انتهوا عن تلك العادات السيئة، والأعمال القبيحة؛ إلا أن بعضهم من كبار السن يذكرون تلك المخالفات في المجالس على سبيل المزاح والفكاهة، فما حكم ذلك؟ وهل هذا من المجاهرة؟
لا يجوز ذكر ذلك إلا على وجه الاعتراف بالنقص، وعلى وجه الاعتراف بفضل الله، ثم بفضل المعلمين الذين علموهم، فإذا قالوا: قد كنا قبل خمسين سنة، أو ستين سنة نحلف بغير الله عن جهل -والحمد لله- الذي رزقنا العلم، فلا نحلف إلا بالله؛ كان هذا من شكر النعمة، والتحذير من مثل هذا، وإذا قالوا: قد كنا قبل خمسين، أو ستين سنة لا نتطهر الطهارة الواجبة، أو لا نحسن قراءة الفاتحة، والآن -والحمد لله- قد عرفنا كيف نتطهر، وكيف نقرأ، وما أشبه ذلك.
وإذا قالوا: قد كنا قبل ذلك نسلم على النساء الأجنبيات، والنساء الأجنبيات يصافحن الرجال الأجانب ولو بقرابة من بعيد، والآن عرفنا ذلك، وعرفنا ما هو واجب، وما ليس بواجب، فذكر مثل هذه على وجه شكر نعمة الله لا بأس به، فأما على وجه الافتخار، والتمدح، فلا يجوز ذلك.

س: يقول: أنا رجل مذاء، وأصبحت أتوضأ قرب دخول الوقت لكل صلاة، وأنضح السروال بالماء، لكن هذا الماء مع طول المرض -ولله الحمد- أصابني بقروحات، وأنا أعاني منها الآن منها، فما رأي الشرع في ذلك؟ -أثابكم الله-.
المذي: خارج لزج أبيض يخرج من الرجل عند تذكر شهوة أو عند أية خاطرة تثير شهوته، فيخرج منه هذا المذي؛ يكثر خروجه من الشباب لأول، أو لأدنى خطرة، أو نظرة، فإذا خرج فإنه يستنجي، ويتوضأ، إذا خرج.
الاستنجاء: أن يغسل فرجه يغسل ذكره وأنثييه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، وإذا لم يخرج منه شيء فلا حاجة إلى أن يجدد الاستنجاء، وكذلك أيضا لا يلزمه أن يدلك عورته بحيث يصير سببا في تقرح، أو في تألم، أو ما أشبه ذلك؛ بل يغسله غسلا عاديا، وكذلك يغسل ما أصابه؛ ما أصاب من فخذه، أو من ثوبه، ويتقي الله حسب قدرته. ورد في الحديث المذي فيه الوضوء وفي حديث: يغسل ذكره، ويتوضأ
س: يقول: أنا شاب متزوج، ولكن عند عقد الزواج كنت على جنابة فما حكم عقد الزواج؟ هل هو صحيح، أو لا؟

صحيح لا حرج فيه؛ لا يشترط في العقد أن يكون متطهرا.
س: يقول: بعض الرقاة يقرأ على المريض المسحور آيات السحر، ثم في نهاية القراءة، وبعد ما يصحى المريض يأخذ ورقة، ويكتب فيها: قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ الآية، فيخلط ما عليه من الحبة السوداء، ولبان الدكر، ثم يبخر بها المريض ويفعل ذلك بعد كل قراءة، فهل هذا جائز؟

قراءة آيات السحر مجرب نفعها. في سورة الأعراف وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ وفي سورة يونس: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ في سورة طه قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ذكر في كتاب فتح المجيد، وغيره من كتب التوحيد في باب النشرة أنها إذا قرئت على المسحور -بإذن الله– برئ؛ يقرأها، وينفث، ويتفل عليه. كذلك لو قرأها في ماء ينفث في الماء، وشربه ذلك المصاب، وأما كونه يبخر بهذه الورقة فلا مانع إذا كان ذلك مجربا؛ يعني: أن تكتب هذه الآية، أو الآيات في ورقة، ولا مانع أيضا أن يجعل معها شيء من الحبة السوداء، ويبخر بها، قد يكون لذلك تأثير. فأما الأشياء التي ما وردت، أو ما ورد العمل بها كفعل بعض المشعوذين، ونحوهم، فعلى الإنسان أن يتجنبه.
س: يقول: كثير من الناس يذبحون الأضاحي في المجازر، ثم يترك الجلد، ويبيعه صاحب المجزرة فهذه قضية مهمة، فما رأيكم فيها؟

الممنوع بيع صاحب الأضحية، لا يبيع الجلد، ولا يبيع شيئا من الشعر، ولا من اللحم، وأما إذا تصدق بالجلد على إنسان على فقير، ثم باعه الفقير، أو ألقى الجلد لعدم رغبته فيه، ثم باعه من أخذه، فلا حرج في ذلك.
س: يقول: ما رأي فضيلتكم فيمن ترك الصلاة تهاونا، أو كسلا؛ مع علمه، واعتقاده بوجوبها ؟

الترك المطلق الكلي بحيث لا يصليها في الوقت، ولا بعد الوقت، ولا في المسجد، ولا في البيت، هذا ترك كلي كامل، والأحاديث تدل على أنه كافر؛ لإطلاق الأحاديث، فعليه التوبة النصوح، والمحافظة على الصلاة، وعلى العبادة.
س: يقول: أنا اشتريت سيارة عن طريق ما يسمى بالتأجير حيث تؤجر الوكالة السيارة لشخص مدة من الزمن، حتى ينهي أقساطها، ثم تملكه السيارة، ولو حصل منه عدم تسديد في شهر من الشهور، فإن الوكالة تستعيد السيارة منه. سمعت أن هذا التأجير على حالته الحالية لا يجوز؛ فما أفعل في سيارتي هذه؟

يفتي المشائخ فتوى شفهية أنه لا يجوز، وكثرت الأسئلة فيه، ويسمونه التأجير المنتهي بالتمليك، ويعتذر الشركات، ويقولون: إننا نبيع كثيرا من السيارات ونحوها بأقساط، ثم إن صاحب السيارة يماطل، ويترك تسديد الأقساط، فيمضي عليه قسط، قسطان، ثلاثة، عشرة؛ فاحتجنا إلى هذا الشرط؛ حتى إذا ترك التسديد في قسط، أو قسطين أخذنا السيارة، وقلنا: السيارة لنا، وما جاءنا من الأقساط إيجار عن المدة الماضية؛ هذا لجأوا إليه، وكثر السؤال من الذين عملوا بها؛ يعني: اشتروها، وكذلك من الشركات التي تعمل ذلك، وتعلل بأنهم محتاجون إلى هذا الشرط؛ حتى يحملوا المشتري على أداء الأقساط في حينها؛ إذا خاف أنها تنتزع منه السيارة.
والفتوى على أنه لا يجوز، ولكن من وقع منه ذلك لضرورة فعليه أن يلتزم أداء الأقساط في حينها؛ حتى يسددها، ولا تنتزع منه سيارته. إذا حل القسط أداه في حينه من مرتبه، أو من كسبه، أو يقترض من أحد أصدقائه؛ حتى يوفي هذه الأقساط، ويملك السيارة ملكا تاما، والذي لم يقع في ذلك فعليه أن يشتري شراء صحيحا، يأتي إلى أحد التجار، ويقول: إني بحاجة إلى سيارة تشتريها لي، وتبيعينيها بأقساط، وأنا أسدد لك، والسيارة تكون رهنا لك. إذا حلت الأقساط كلها، ولم أسدد، لك أن تبيعها، وتأخذ بقية الأقساط، وتعطيني البقية، وإذا أوفيتك الأقساط فالسيارة تكون لي من الآن، ولك دين في ذمتي، ولك رهن. الرهن السيارة، أو أرهنك البيت، أو الأرض، أو ما أشبه ذلك.
س: إذا تأخر أحد الناس عن صلاة الفجر، وأراد الآخر أن يتصدق عليه بالصلاة معه ؛ فهل يجوز، مع أنه وقت نهي؟
يجوز؛ وتعتبر هذه من ذوات الأسباب، ولعموم حديث من يتصدق على هذا ؟ فإذا رأيته يصلي وحده، وعرفت أن صلاة المنفرد ناقصة ما له إلا أجر واحد، فأردت أن تتصدق عليه تصلي معه، فلا حرج في ذلك؛ سواء صلاة العصر، أو الفجر؛ مع أن بعد العصر وقت نهي، وبعد الفجر وقت نهي؛ ولكن هذا سبب؛ مثل: ما لو صليت العصر في مسجد بعيد، ثم جئت إلى هذا المسجد وهم ما صلوا، فإنك تصلي معهم؛ تعيد معهم الصلاة، وتكون لك نافلة.
س: رجل استمتع بزوجته فيما دون الفرج فأنزل، ولم تُنزل؛ فهل عليها غسل ؟

إذا لم يمس فرجها بذكره فلا غسل عليها، وأما إذا التقى الختانان، ومس الفرج الفرج فإنه -والحال هذه- يجب عليهما جميعا الغسل، ولو لم يحصل إنزال.
س: في مناسبة زواج كان هناك رقص نساء، وذلك بتشغيل شريط كاسيت في مسجل لامرأة تغني، وهناك طبول في ذاك الشريط وليس هناك موسيقى، أو مزامير، وإنما طبول قوية، ومطربة؛ فهل هذا جائز شرعا، وما هو المشروع في هذا؟ -جزاكم الله خيرا-.
المشروع هو ضرب الدف. الدف هو اللوح المحني حتى تلتقي طرفاه، ثم يسمر، ثم بعد ذلك يختم أحد وجهيه بجلد شاة، ليس فيه شعر، ولم يدبغ، فإذا ضرب؛ ضربه الضارب صار له صوت، فإذا ختم من الجانبين فهو طبل.
فالسنة في الأعراس ضرب الدف، ولا بأس إذا كان مسجلا؛ إذا كان في شريط كاسيت، يعني: مسجل ضرب دف، ومعه شيء من الصوت، والغناء الذي ليس فيه تشبيب؛ بل فيه ترحيب، وتحية، ومديح، ليس فيه مبالغة، وليس فيه موسيقى، وليس فيه ضرب طبول، فلا حرج في ذلك؛ هذا هو المشروع.
س: يقول: لقد أتى في أوساط بعض الشباب المستقيم رمي بعضهم بعضا بالإخوانية، والسلفية، وأهل التبليغ والتحذير منهم. فأرجو النصيحة لعلها تصل إلى قلوبهم -رعاكم الله-.
عسى ألا يكونوا موجودين في هذه البلاد؛ يوجدون في البلاد الخارجية؛ يعني: في مصر وفي الباكستان وفي السودان وفي بعض القرى من المملكة تحزبات، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ونحن نقول: إنكم من أهل السنة، ومن أهل التوحيد، ومن أهل العلم، ومن أهل الإسلام، وأهل العمل، فليس لكم هذا التفرق، وليس لكم هذا التحزب.
إذا كنتم على عقيدة واحدة، كلكم تؤمنون بالله ربا، وإلها، ومعبودا، وكلكم متبعون للإسلام، وكلكم تشهدون بالشهادتين، وكلكم تعتقدون معتقد السلف الصالح؛ فلماذا هذا التحزب؟ التحزب لا شك أنه يفرق الهمم، ويفرق الاجتماعات، ويوجد؛ يوقع التقاطع، والبغضاء، والعداوات بين المسلمين، فيسبب أن كلا منهم يستبد برأيه، وينفرد بتدبيره، ويرى أنه هو على الصواب، وأن الآخرين على خطأ؛ فيقاطعهم، ويحذر منهم، ويقول لمن استمع إليهم: إنهم أهل بدع، وأهل منكر، وكذا وكذا.
فنقول: الذين يتسمون بجماعة التبليغ، الأصل فيهم أنهم من الصوفية في بلاد الهند وكان معهم قبوريون، فكانوا يقومون بالتبليغ، مجرد أنهم يقولون: نبلغك يا هذا أن الإسلام يتكون من أركانه كذا وكذا؛ يقتصرون على التبليغ، ولا ينكرون، ولا يغيرون المنكر، ويخالطون أهل المنكر، وربما أيضا يقرون الطواف بالقبور، والذبح للأموات، وما أشبه ذلك؛ فهؤلاء بلا شك لا يجوز صحبتهم؛ لأنهم قبوريون، ومعهم شرك، وغلو في الأولياء، وما أشبه ذلك.
ثم إن مجموعة من أهل هذه البلاد من المسلمين، ومن أهل التوحيد سموا أنفسهم بهذا الاسم؛ أهل التبليغ، اختبرناهم، وجدناهم على عقيدة أهل السنة؛ في أركان الإيمان، وأركان الإسلام، لم نجد عندهم غلوا في الصالحين، ولا دعوة إلى عبادة غير الله، ولا دعوة إلى القبور، ولا إلى الذبح عندها، أو نحو ذلك، وليس عندهم تصوف، وليس عندهم أيضا شيء من البدع. ينكر عليهم أنهم يقتصرون على الدعوة على التبليغ، وأنهم يستصحبون الغافل، أو العاصي معهم حتى يتأثر بهم، ويستقيم، وكذلك أيضا تعليمهم لقواعد يلقنونها من يخرج معهم؛ كعبارات يعبرون عنها؛ كلها مستقيمة، فلا حرج فيها.
فمثل هؤلاء إذا قالوا: نحن نقتصر على الدعوة، وإن كنا لا نقدر على التغيير؛ تغيير المنكر باليد، ولا بالقوة، لئلا ننفر، ولئلا يقطع علينا الطريق، فلا نخطئهم، ونقول: دعوتكم دعوة جائزة، فلا يجوز أن ينكر عليهم إذا سلمت عقيدتهم، وسلمت عباداتهم.
كذلك الذين سموا أنفسهم بالسلفيين؛ هؤلاء إذا كانوا على الاستقامة فإنهم لا طعن عليهم، ولا إنكار عليهم، ولا فرق بينهم، وبين الأولين؛ إلا أن هؤلاء يقتصرون على التعلم، وعلى التعليم، والأولون يقومون بالدعوة، ولا شك أن الجميع على خير؛ فإذا كان هناك عالمان، أحدهما قال: أنا أعلم الناس، والآخر قال: أنا أخرج، وأدعو؛ فهل ننكر على هذا، أو على هذا؟ ما ننكر، هذا يقول: أنا أخرج إلى البلاد البعيدة، وأدعو العصاة، وأدعو المنحرفين، وأبين لهم، وهذا يقول: أنا أقيم في بلدتي، وأعلم العلوم الشرعية، وعلم العقيدة، وعلم القرآن، وعلم السنة، وما أشبه ذلك، فالكل منهم على خير؛ هذا يسد ثغرا، وهذا يسد ثغرا.
فلا فرق بينهما، إذا اختبرتهم وجدتهم يؤمنون بالله، وبكتبه، وبرسله، وبالملائكة، وباليوم الآخر، وبالقضاء والقدر، ووجدتهم يحافظون على الصلوات في مواقيتها، ويدعون إليها، ووجدتهم يقرءون القرآن، ويقرءون الأحاديث؛ الجميع على حق، وعلى خير؛ فلا يجوز أن يضلل هؤلاء، ولا أن يضلل هؤلاء، وإذا كان عند بعضهم شيء من النقص فإنهم يوقفون عليه.
قد ينكر بعض الإخوة على التبليغيين أنهم لا يقرءون في كتب العقيدة، ولا يقرءون في كتب الخلافيات؛ وعذرهم أن هذه العلوم لها من يقرأ فيها، ولها من يعلمها، فعلم التوحيد، وعلم الشركيات، وعلم البدع والمحدثات هناك من يعلمها، ولكنهم بلا شك لا يصحبون من يعمل هذه المنكرات، وإذا صحبوه فإنهم يؤثرون عليه إلى أن يتأثر.
وكونهم يقتصرون على قراءة رياض الصالحين لما فيه من الفضائل، هذا لا يعتبر قدحا فيهم، وكونهم لا يقرءون في كتاب التوحيد لا يعتبر أيضا قدحا؛ لأنهم لا يخالفونه، ولا يعملون بالشركيات، وما أشبه ذلك، فلا ينبغي إثارة هذه التحزبات، وإثارة هذه العداوات، والتفرق؛ تفرق الكلمة.
وقع في بعض الدول في السودان مثلا وجود جماعات؛ جماعة سموا أنفسهم: أنصار السنة، وجماعة سموا أنفسهم تسموا: بأهل التوحيد، ولم يكن بينهم فرق، ولكن بينهم خلاف في المناهج، وبينهم خلاف في التعليمات. البلاد هناك فيها نصارى، وفيها صوفيون، وفيها قبوريون، وفيها روافض، وفيها مبتدعة؛ فهؤلاء الإخوة الذين عندهم عقيدة سلفية سليمة، وعندهم توحيد، وعندهم علم شرعي، انقسموا إلى قسمين: قسم قالوا: ندخل مع الدولة، وقسم قالوا: لا ندخل معهم؛ الذين قالوا: ندخل معهم، قالوا: إذا ما دخلنا معهم تولى الأشرار؛ فصار الأشرار، والمبتدعة، والصوفية يتولون الخطب، ويبثون شرورهم، وبدعهم، وكذلك يتولون حلقات التدريس، ويدرسون بدعتهم، وهي: بدعة القبوريين، وكذلك يؤثرون على الصالحين، ويزينون لهم ما هم عليه؛ فيتمكن الشر، ويكثر الفساد، ويعظم، وإذا تدخلنا معهم فلعلهم أن يخففوا، أن يولونا بعض الأشياء. إذا تولينا الخطابة خطبنا بمذهب أهل السنة، ولو أننا تساهلنا معهم، ولو أننا أقررناهم على بعض بدعهم، أو بعض كفرياتهم، وشركياتهم، فإن في ذلك شيئا من المصلحة.
اختلفوا عند هذا، وحصل تقاطع. الذين تدخلوا في الولايات الحكومية لهم مقصد، والذين اعتزلوا لهم مقصد. الذين اعتزلوا قليل تأثيرهم؛ يتصلون بالأفراد، ويدعونهم إلى أن يتجنبوا الدولة، ويتركوا الوظائف في الدولة كليا، ويتركوا العمل بالحكومة التي هي حكومة مبتدعة، وما أشبه ذلك، وينفردون، وربما يؤذَون؛ ينالهم أذى شديد، ويطردون إذا أعلنوا البراءة، وكفروا الرؤساء، وقالوا: هؤلاء ضلال، وكفار، فإن من ظفرت به الدولة منهم سجن، وربما يقتل، ويسلب، ويؤخذ ماله، وتؤمم تجارته، ويستولى على منزله، ولا يبقى له مكان؛ فيتضرر، فيكون ذلك تنفيرا عن طريقة الخير، وأهل الخير.
فلا شك أن هذا -والحمد لله- ليس عندنا، يعني: هذه الحزبيات، وما أشبهها؛ إنما عندنا هذه الفرق التي تتسمى بهذه الأسماء، ولا فرق بينها، والواجب أن كلا منهم يكون على باب من أبواب العلم؛ يعلم، ويدعو بما تيسر.
العلماء الذين عندهم علم على طبقات؛ منهم من يقول: أجلس في البلد، وأعلم أهلها، ولا أتنقل، ولا أخرج إلى بلاد أخرى، وبلادنا أحب إلينا، وأحق بأن نعلم أهلها، ويعيبون على الذين يسافرون، ويخرجون إلى بلاد أخرى داخل المملكة أو خارجها، وربما يقولون: لكم اجتهادكم، ولكم نظركم.
وآخرون يقولون: نشتغل بالتأليف، وبالكتابة؛ فنرى أنها أفضل؛ حيث إنها تنتشر في كل البلاد، وينتفع بها كل من قرأها، إذا أراد الله به خيرا، فأقبلوا على الكتابة، وتركوا التدريس.
وآخرون تفرغوا للدعوة، وصاروا يدعون إلى الله، ويدعون إلى الخير في داخل البلاد، وفي خارجها؛ قريبا، وبعيدا، ورأوا أن هذا أفضل، ونحن لا نعيب على هؤلاء، ولا على هؤلاء. الذين جلسوا في الحلقات يعلمون، نقول لهم: إنكم على خير، والذين يخرجون إلى البلاد البعيدة يدعون إلى الله، نقول: إنكم على خير، والذين تفرغوا للكتابة، وللتعليم، نقول: إنكم على خير، وليس نخطئ أحدا، وكل منهم له تأثيره، وله نفعه؛ فهكذا هؤلاء الذين قالوا: نقتصر على تعلم السنة، وعلى تعليمها، وعلى عقيدة السلف، وهم من يتسمون بالسلفيين، أو بأنصار السنة، جماعة أنصار السنة، أو بأهل التوحيد، وكذلك الذين قاموا بالدعوة وسموا أنفسهم أهل التبليغ؛ الكل منهم على خير.
إذا كانت معتقداتهم لا فرق بينها في أصول العقيدة، ليسوا على معتقد الأشاعرة، ولا الماتردية، ولا الكلابية، ولا الكرامية، ولا السالمية، ولا المعتزلة، ولا الرافضة، ولا المتصوفة، وما أشبههم، فهؤلاء -إن شاء الله- لهم خير.
س: جزاكم الله خيرا، يقول السائل: لدينا مقابر، ويوجد فيها أحيانا أشجار، فما حكم قطع الأشجار وتنحيتها ؟ مقابر وفيها أشجار.
لا بأس بقطع الأشجار التي نبتت على هذه المقابر، ولا بأس باتخاذها وقودا، وحطبا إذا كان ينتفع بها، وكذلك لو كان فيها ثمر تأكله الدواب؛ إلا أنه لا يجوز امتهان المقابر؛ يعني: الوطء عليها، وفتح أبوابها؛ حتى تدخل الدواب؛ الغنم، ونحوها، تطأ عليها؛ لحرمة الأموات.
س: يقول: أنا رجل مسافر أقمت في هذه المحافظة، ووصلت قبل الظهر، فلم أصلِّ صلاة الظهر إلا مع العصر جمع تأخير، وقصرت الصلاة الرباعية إلى ركعتين. أفيدونا في هذا -جزاكم الله خيرا-؟
نقول: الإنسان إذا استقر في بلد فنرى أنه لا يقصر ولا يجمع، ولو كان استقراره يوما كاملا، أو يومين، إذا سكن في مسكن؛ إما في فندق، وإما في شقة من الشقق المفروشة، ونحوها، وإما عند أقارب له؛ استقر معهم فلا يعتبر مسافرا، ولا يسمى على سفر؛ وذلك لأن القصر، والجمع إنما رخص له لأجل المشقة التي تلحق المسافر، فمثل هذا لا يسمى مسافرا، يتمتع بما يتمتع به المقيمون؛ فالمكان مفروش كفرش أهل البلد، ومنور أنوار كهربائية، ومكيف؛ كي يتلذذ بالمكيفات التي تحفظ عليه، أو تدفع عنه الألم، والسآمة، ومخدوم أيضا عنده يتناول المأكولات، والمشروبات حسب ما يريد، وعنده أماكن قضاء الحاجة، وأماكن الوضوء، فليس عليه مشقة.
فأرى -والحال هذه- أنه لا يقصر، ولا يجمع؛ بل يصلي مع الجماعة، ويتم الصلاة، ولو ما أقام إلا يومين، أو ثلاثة أيام؛ لعدم المشقة، ثم نقول: إن الجمع لا يجوز عندنا إلا للذي في الطريق. المسافر الذي يمشي هو الذي يجوز له الجمع؛ تأخير، أو تقديم، فأما النازل فلا يقدم، ولا يؤخر؛ بل يصلي كل صلاة في وقتها، كالحجاج في منى فإنهم يصلون كل صلاة في وقتها، مع أنهم يقصرون الرباعية ركعتين؛ لأنهم ليسوا مستقرين؛ ولأنهم في خيام.
فإذا كان هناك أهل خيام خرجوا عن بلادهم سبعين كيلو، أو ثمانين كيلو، وأقاموا في خيمة يوما، أو يومين، أو ولو عشرة أيام؛ لهم غرض هناك، ليسوا مستقرين دائما؛ فلهم أن يقصروا، وليس لهم أن يجمعوا، وأما الإنسان الذي يسير في الطريق. سافر مثلا: من هذه البلاد في أثناء النهار متوجها إلى مكة ثم إلى المدينة ثم إلى القصيم ثم إلى المنطقة الشرقية ثم مثلا إلى نجران يقضي يومين، ثلاثة أيام، وهو يمشي، فهذا له أن يجمع، وله أن يقصر إذا كان سيره متواصلا.
س: يقول: رجل مسافر أدرك صلاة المغرب مع أهل قرية مقيمين، وأتى أناس فاتتهم صلاة المغرب وهم مقيمون، فانتظر ذلك المسافر الجماعة الثانية حتى صلوا ركعة واحدة، ثم دخل معهم بنية قصر العشاء، فهل هذا جائز؟
لا يجوز؛ لا يدخل معهم في صلاة المغرب وهو يصلي العشاء، ولو صلى معهم ركعتين؛ وما ذاك إلا أنه صلى الصلاة على غير وضعها؛ لأنه صلى ركعة ثم جلس معهم للتشهد، ثم صلى الركعة الثانية، ثم جلس، وصلاة العشاء إذا كانت مقصورة لا يجلس بعد الأولى، بل يسرد الركعتين، فأرى -والحال هذه- أنه يصلي وحده، أو ينتظر إلى أن يدخل وقت العشاء، ويصلي العشاء مع الذين يصلون العشاء.
س: رجل مسافر جمع الظهر والعصر وقصر في وقت الظهر، ثم بعد ذلك وصل إلى بلده في وقت العصر، فما الحكم؟
يعيد صلاة العصر؛ لأنه انقضى سفره قبل خروج وقتها، أو قبل صلاتها؛ ولأنه صلاها قصرا، وقد وصل إلى بلده أصبح مطالبا بالأربع؛ فيلزمه أن يصليها أربعا؛ سواء مع الجماعة، أو إذا شق عليه صلاها وحده.
س: تقول: لي أم، وأخوات، وأخوان، وبيننا ثلاث بيوت، فجمعنا الأخوات، والوالدة، والأخوان، وطلبنا منهم أن يقسم هذا الميراث، فقالت الأخوات: لن نأخذ هذا الميراث، ولكن اقتسموا أنتم؛ أي: الإخوة الذكور فما حكم هذه القسمة؛ علما أن الأخوات راضين كل الرضا؟
الأصل أن الميراث بينهم مثل ما ذكر الله: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فإذا لم تأخذ؛ إذا أرادوا ترك تقسيم الأرض هذه القطعة لواحد، وهذه القطعة لواحد، وهذه القطعة لواحدة، فإنهم يجعلون للذكر سهمين، وللأنثى سهم، وفي هذه الحال إذا تنازلت البنت لأخيها، أو لإخوتها عن سهمها عن رضى وقناعة، واختيار، فلا حرج في ذلك، والأولى أن يعوضوها؛ أن يشتروا نصيبها من هذا العقار، ويعوضوها؛ لأن ذلك مثل الهدية لها، فهي بحاجة إلى حقها. قد لا تتزوج فتحتاج إلى سكن، قد تطلق فتحتاج إلى سكن وإلى مكان تستقر فيه؛ فالأولى أن تعوض إما بمسكن، وإما بمال دراهم تحفظها، وتنتفع بها، أو تستعين بها عند الحاجة.
س: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله. يقول السائل: عند شدتي ألجأ إلى الله كثيرا، وأشعر بقربه وفرجه، وعندما تكون الأمور على ما يرام أجد في نفسي بعض التهاون، فهل هذا أمر فيه جاهلية، وما العلاج حيث...؟
نقول: ... المسلم يكون دائما مستحضرا أنه بحاجة إلى ربه في كل حال ليس له غنى عن الله؛ لا في حال الشدة، ولا في حال الرخاء، في الدعاء المأثور يقول: لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا أقل من ذلك فإذا عرف أنه بحاجة إلى الله فعليه أن يظهر الفاقة، والحاجة الدائمة في حال الشدة، .......................................
س: ..............................؟
..... أو مسكرا أو ما أشبه ذلك، هو الذي أذنب هذه الذنوب، فإخوته وأقاربه ذكورا وإناثا عليه النصيحة، وعليهم تخويفه، وتحذيره، وعليهم بيان الحق له، وعليهم أن يأمروه بالمعروف، وينهوه عن المنكر، وإذا لم يتقبل برئوا من الكتمان، وباء هو بالإثم، والعدوان.
س: قدمت عزيمة لمجموعة من الناس لضيوف، وقبلت العزيمة ولكن أحد كبار السن من الجماعة طلق بألا...... وقد سبق رجل الطلاق يمينا بألا..... فهل تتم .............واحد طلق وواحد حلف؟
ننصح بعدم استعمال هذه الأيمان؛ الطلاق، والحلف، وما أشبهها؛ حتى لا تكون الكرامة إهانة؛ فالإنسان قد يظن أنه إذا حلف كان ذلك زيادة في كرمه، وكان زيادة في تقدير إخوانه؛ ففي هذه الحال إذا وقع الحلف، أو وقع الطلاق؛ فنرى أن من لم يتم في حلفه عليه كفارة سواء المطلق، أو الحالف، فإذا حصلت العزيمة فالذي حلف أنها ما تحصل، أو طلق عليه كفارة؛ إطعام عشرة مساكين، وإذا ما حصلت فالذي حلف أنها تحصل عليه كفارة.
س: جزاكم الله خيرا، يقول: هل يجوز للمرأة لبس النقاب ومن فوقه طرحة ؟ -وجزاكم الله خيرا.
في هذه الأزمنة ظهر هذا النقاب الذي يلفت الأنظار، فنشير على المرأة ألا تلبسه؛ لأنه يلفت الأنظار؛ لكن إذا لبست فوقه طرحة، أو الخمار الذي يستر العينين؛ بحيث لا يظهر شيء منه؛ من وجهها، لا العين، ولا الحاجب، ولا الوجنة، ولا الأنف، ولا شيء من تفاصيل الوجه؛ لا يظهر شيء، فلعل ذلك جائز، ولو لم تلبسه لكان أولى؛ لا تلبس هذا النقاب، وتلبس الخمار، وتسدله على وجهها من رأسها حتى يستر وجهها، ويستر صدرها، ولا يبدو شيء منها، وتجعل الذي حذاء عينيها رقيقا، بحيث تبصر وراءه؛ يخرقه البصر، وإذا كان غليظا فإنها تستر وجهها كله، وتبدي عينا واحدة تنظر بها بقدر سواد العين.
س: يقول: والد أخي من الرضاعة، هل يجوز له الكشف على زوجتي وهل هو من المحارم؟
أخوك الشقيق لا تكشف له زوجتك؛ أخوك من أمك وأبيك، فزوجتك تتحجب عن إخوانك؛ إخوانك من الأبوين، أو من أحد الأبوين، فكيف بالأخ من الرضاعة؟ ‍‍‍‍‍! وكذلك تتحجب عن عمك، وعم أبيك، وعن خالك، وخال أبيك، كلهم يعتبرون أجانب؛ ما تكشف زوجتك إلا لأبيك ولابنك.
س: يقول: نأمل بيان الرأي الراجح في الزواج من الكتابيات وهل يوجد فرق في ذلك الحكم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم– وعصرنا الحاضر؟ وإذا كان الجواب بالجواز؛ فلماذا جاز الزواج باليهودية والنصرانية؛ ولم يجز ذلك بالنسبة للمشركة مع أن اليهود والنصارى مشركون في الأصل؟
حرم الله تعالى نكاح المشركات قال تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ فالأمة: العبدة المملوكة؛ يعني: كونك تتزوج عبدة مملوكة أفضل من أن تتزوج امرأة مشركة، ثم أباح نكاح الكتابيات، واشترط في نكاحهن شروطا:
الشرط الأول: التمسك بكتابهم، يعني: بشريعتهم، والشرط الثاني: الإحصان في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ والشرط الثالث: العفاف في قوله: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فإذا تمت هذه الشروط جاز نكاح الكتابية؛ يهودية، أو نصرانية؛ وذلك لأنهم يعتقدون أنهم على دين، وأن دينهم دين سماوي، ولو أنهم بدلوا فيه بقولهم: المسيح ابن الله، وبقول اليهود: عزير ابن الله، ولو أن دينهم منسوخ، لكنهم يقرون عليه بالجزية، وتباح ذبائحهم؛ لأنهم يسمون عليها، أما في زماننا هذا فإننا نجزم بأنهم مرتدون، غير متمسكين بكتبهم، ولا بدينهم، ولا بشريعتهم؛ فنساؤهم لسن عفيفات، ورجالهم ليسوا متمسكين بمعتقدهم؛ لا يتقيدون بما في توراتهم، وإنجيلهم.
فأرى في هذه الحال أن الكتابية -غالبا- لا يصح الزواج بها، وإذا قدر وجود من هم متمسكون بكتابهم من أهل العفاف، واشترط، واجتمعت الشروط، فلا مانع من ذلك؛ لظاهر الآية، مع أن ترك ذلك، والبعد عنه أفضل؛ حتى يحصن الإنسان دينه.
س: يقول: أرجو إيضاح الطريقة المثلى لطلب علم الفقه للمبتدئ؛ ثم للمتوسط، مع الدلالة على أهم الكتب في ذلك، وأيهما أفضل حفظ أحاديث الأحكام، أو متون الفقه؟
معروف ما تمشي عليه الدولة في التعليم، فإن المبتدئين في المرحلة الابتدائية إلى نهايتها من السنة؛ من حين يتم ست سنين، أو سبع سنين يعلم مبادئ العلوم؛ يعلم مقدماتها في القراءة: يعلم الفاتحة، وقصار السور، وما أشبهها، وفي التوحيد: يعلم ثلاثة الأصول؛ أي: مقدماتها، وما أشبه ذلك، وهكذا بقية العلوم، فكذلك المبتدئ الذي ما عنده شيء من المبادئ، يتعلم مبادئ العلوم؛ فيتعلم قصار السور، ويحفظ منها ما تيسر، ثم يتعلم أيضا جوامع الأحاديث، ثم يتعلم مجمل العقيدة كثلاثة الأصول، وإذا حفظ مثل هذه ترقى إلى ما بعدها، ولا شك أن حفظ المتون سواء أحاديث، أو متون مختصرات أنه سبب في الفهم، وسبب في بقاء المعلومات؛ فنوصي المبتدئ في التوحيد أن يقرأ ثلاثة الأصول، وأدلتها، وأربع القواعد، ثم بعد ذلك يقرأ كتاب التوحيد، ثم العقيدة الواسطية، أو لمعة الاعتقاد، أو الطحاوية، وما أشبهها؛ فلعله بذلك يحصل على خير في باب العقيدة.
في باب الأحكام، يبدأ بشروط الصلاة، وأركانها، وواجباتها، ونواقض الوضوء، وما إلى ذلك كمبطلات الصلاة، فيحفظها، ثم بعد ذلك يحفظ المتون المختصرة: كمتن العمدة في الفقه، ثم زاد المستقنع وشروحها، وما يتفرع عنها.
في باب الحديث، يحفظ الأربعين النووية، ثم عمدة الأحكام، ثم البلوغ، ثم ما بعده، ثم شروحها، يبدأ العلوم من مبادئها.
في علم النحو يتعلم الآجرومية في النحو؛ يحفظها، ويقرأ أمثلتها، ثم متن القطر قطر الندى، أو ملحة الإعراب، ثم يترقى إلى الألفية، وما أشبهها.
في باب الأدب؛ الأدب الديني يبدأ بالآداب المختصرة، يعني مثل: الأدب المفرد، ثم الآداب الشرعية، وما أشبهها، يأتي المبادئ من مبادئها، والمهم من ذلك حفظ القرآن، ثم قراءة علومه.

جزاكم الله خيرا، في ختام هذه الحلقة لا يسعنا إلا أن نشكر فضيلة الشيخ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيه عنا خير ...

line-bottom