الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
محاضرة عن الفضائيات
2338 مشاهدة
تثبيت العقيدة بقراءة القرآن والسنة

نحن الليلة أيها الأحبة في الله نحتفل في هذا المسجد.......، يحدثنا فضيلة الشيخ العلامة الفاضل عبد الله بن جبرين عضو الإفتاء المتقاعد ....ويقدم فيها في أدلة العلم ليكشف لنا أثر القنوات الفضائية على المجتمع المسلم. أيها الأحبة لا أريد أن آخذ من وقته كثيرا ....ما يفتح عليه به فهو ... لله تعالى فأتركه وأخلي بينه وبينكم. فليتفضل جزاه الله خيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين. صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛ فإن الدين النصيحة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وكرر ذلك بقوله: الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. فقيل: لمن؟ - أي لمن تكون النصيحة- قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم .
ومعنى النصيحة هي الدلالة على ما فيه الخير، والتحذير مما فيه الشر. وهي من حقوق المسلمين بعضهم على بعض؛ أن من علم خيرا محضا لا ضرر فيه؛ فإن عليه أن يدل إخوته عليه؛ سواء كان مما يتعلق بأمور الدين، أو مما يتعلق بأمور الدنيا. وإذا علم المسلم شرا وضررا يتعلق بالأديان أو بالأبدان أو بالعقائد أو بالأخلاق أو بالعادات المعتادة؛ فإن عليه أن يحذر إخوته منه، ويبين لهم خطره على أي شيء يكون ذلك الخطر.
ولا شك أن الواجب على إخوته الذين دلهم على الخير، أو حذرهم عن الشر -أن يتقبلوا منه، وأن يمتثلوا ما نصحهم به وما دلهم عليه، وهكذا كانت حالة الأنبياء مع أممهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بعث الله نبيا إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، ويحذرهم من شر ما يعلمه لهم، وإن هذه الأمة جعل خيرها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وفتنة هكذا أخبر صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن نبينا صلى الله عليه وسلم قام بهذا البيان؛ بمعنى أنه نصح أمته وبين لهم الخير وحثهم على التمسك به، وبين لهم الشر وحذرهم من الوقوع فيه، وأوصى بذلك أمته أن كلا من هم عليه أن يبلغ ما تحمله، وأن يحذر الأمة عن الشرور التي تحدق بهم والتي تفتنهم، أو تفت في معتقداتهم. وفي هذه الأزمنة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها آخر الأمة، أخبر بأنه يصيب آخر الأمة بلاء وفتن، وقد وقع ما أخبر.
ورد في بعض الروايات أنه يكون فتنة في آخر الزمان لا يبقى بيت إلا دخلته، أو دخله ضررها أو شررها ولا شك أن الفتن يتفاوت ضررها وشرها؛ فمنها ما يضر بالعقائد بحيث يحرف ويصرف المسلم عن عقيدته، ويوقعه في الكفر ويوقعه في الضلال، ويوقعه في البدع أو في المعاصي وكبائر الذنوب، ومنها ما يكون شره وضرره على الأخلاق وعلى الشيم والعادات الحسنة فيغيرها، ويدعو إلى الوقوع في المنكرات واقتراف المحرمات.
ولا شك أن أولى بالإنسان قبل ذلك وبعده أن يسعى في تثبيت عقيدته. إذا علم أن هناك ما يفت في العقيدة وما يضر بها، وما يخل بها، يسعى في تثبيت معتقده قبل أن يفتنه من يريد فتنته، وقبل أن يضله من يسعى في إضلاله عن قصد وعن غير قصد. وطريقة التثبيت إلى العقيدة هي قراءة القرآن وتعلم معانيه، وتدبره وتعقل من جاء فيه؛ فإن فيه الشفاء وفيه النور وفيه الهدى وفيه البيان. وصفه الله تعالى بذلك كله كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فوصفه بهذه الصفات التي إذا تحققت للمسلم فهو على سبيل النجاة والفلاح والفكاك.
كذلك وصفه بالبيان في قوله: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِين هذا الوصف للقرآن، وصفه بالهدى في قول الله تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ؛ يعني دلالة لهم. وصفه بالنور في قول الله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وفي قول الله تعالى: وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ وصفه بأنه روح؛ يعني تحيا به القلوب، ووصفه بأنه نور يهدي به الله تعالى من يشاء.
فنوصي من أراد أن تثبت عقيدته بأن يكثر من سماع القرآن وتدبره وتعقله؛ ففيه ما يرسخ العقيدة التي هي معرفة الله تعالى بآياته وبمخلوقاته. إذا تدبر ذلك عرف أن ربه سبحانه هو خالقه، وهو خالق كل شيء. يأتي آيات متتابعة أو سور متتالية تجد فيها ما يرسخ هذه العقيدة، فتقرأ في سورة القيامة قول الله تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ذكر الله تعالى الإنسان الذي يحسب أنه مخلوق سدى، وأنه مهمل، وأنه لا يؤمر ولا ينهى؛ فذكره بمبدأ خلقه؛ أنه خلق من نطفة: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى .
كذلك في السورة التي تليها قول الله تعالى: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ هذه آيات تدل على أن الإنسان إذا تعقبها وتأملها -عرف أنه ما خلق عبثا، وأن الذي خلقه قادر على أن يحاسبه، وعلى أن يجازيه أو يعاقبه. كذلك في السورة التي تليها قول الله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا إلى آخر الآيات. يذكر الله الإنسان بهذه الآيات التي هي أمانة؛ إذا تعقلها وتأملها، عرف أنها ما خلقت عبثا. كذلك في السورة التي تليها أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا إلى آخر الآيات.
يذكر الله الإنسان، ويأمره بأن يتفكر في هذه الآيات الكونية العلوية والسفلية التي يشاهدها. لا شك أنه إذا تعقل ذلك وكرره وتأمله، عرف قدرة من خلقه. كذلك في السورة التي تليها أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا إلى آخر الآيات. وهكذا السورة التي تليها فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا إلى آخر الآيات.
وهكذا. فنوصي بقراءة القرآن، وبالإكثار من سماعه وتدبره وقراءة تفاسيره التي توضحه، التي تبين المعاني حتى ترسخ العقيدة؛ وحتى إذا جاءت الشبه التي تأتي بها هذه الإذاعات وهذه القنوات؛ اضمحلت قبل أن تصل إلى القلب، احترقت قبل أن يوصلها المذيعون أو قبل أن توصلها الأسماع؛ حيث تجد عقيدة راسخة ثابتة في قلب المؤمن لا تتزعزع.
كذلك أيضا عليه أن يقرأ في السنة النبوية فيما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فيقرأ الأحاديث التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم، والتي تدل على قدرة الخالق سبحانه وتعالى، وعلى ما نصبه من الآيات الكونية التي يلفت بها أنظار عباده إلى قدرته وإلى عظمته. وهكذا أيضا يقرأ في كتب السلف الأئمة الذين نصحوا للأمة الذين يجيئون بعدهم، يقرأ في كتبهم ما يبينون به كيفية العقيدة.
ولا شك أن العقيدة متى رسخت لم تتزعزع ولم يأت ما يغيرها؛ ولو كاد الإنسان من يريد كيده؛ وذلك لأنه يعقد عليها قلبه؛ ينعقد بها قلبه ويمتلئ قلبه، فيمتلئ بتعظيم ربه سبحانه وتعالى، ويعترف بأن ربه الذي خلقه والذي رزقه والذي صوره وأحسن صورته، وأعطاه وأتاه من كل ما يتمناه. يتذكر قول الله تعالى: وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ يتذكر قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً .
لا شك أنه إذا تذكر ذلك عرف أنه مربوب، وأن ربه ما خلقه إلا ليعبده، وأن ربه سبحانه الذي خلقه والذي أوجده أهل أن يعبد وأن يحمد. كذلك يؤمن بالأدلة التي تدل على البعث والنشور، والتي دلت عليها الآيات والأحاديث والتي كررها النبي صلى الله عليه وسلم وأكدها؛ لأن من آمن بأنه سوف يبعث ويحاسب ويجازى على أعماله قبل الموت -حرص على أن يعمل لما بعد الموت، فـ الكيس من دان نفسه يعني حسبها، دانها واتهمها بالتقصير وبالنقص والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني .
فإذا دان نفسه، واتهم نفسه بأنه ناقص، وبأنه مخل للواجبات؛ فإنه يرجع إلى نفسه ويحاسبها، ويعمل الأعمال الصالحة التي تنجيه في آخرته. هذا هو الذي يجب على المسلم؛ إذا آمن بأنه بعد الموت محاسب ومجزي بعمله إن خيراً فخير، وإن شرا فشر؛ آمن بأن الناس كلهم يبعثون، وأن ربهم سبحانه سيجازيهم على أعمالهم فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وأنها ستنصب الموازين، وتنشر الدواوين، يقول الله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ .
فلا شك أن عليك أن تقرأ ما يرسخ هذه العقيدة في ذاكرتك وفي قلبك؛ حتى تكون من أهل الإيمان الصحيح، الإيمان بالله تعالى وعظمته وقدرته وسيطرته على العباد، وأنه لا تخفى عليه خافية، وأنه يسمعك ويراك أينما كنت، تأمل قول الله تعالى: الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ كذلك تؤمن بأنه يسمع ما تقوله وما تسره ويعلم ما تخفيه، كما يقول الله تعالي: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى من السر؛ أي ما لم يخطر ببالك؛ ولكن يعلم الله بأنه سوف تحدث به نفسك فيما بعد، فهو عالم بك.
من استحضر أن الله تعالى يراه فإنه بلا شك يعبده حق عبادته؛ ولذلك فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان بقوله: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ؛ فعلى المسلم أن يسعى فيما يقوي معرفته بربه، ومعرفته بالدار الآخرة، ومعرفته ويقينه بالثواب والعقاب، والجنة والنار؛ حتى يستعد لما بعد الموت. لا شك أن الله تعالى يبتلي عباده في هذه الدنيا ببلايا وبمحن وبفتن تضله وتسعى في إضلاله إلا إذا ثبته الله؛ فلذلك يسأل ربه ويقول: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا .
فإن هناك من زاغت قلوبهم، وضلوا عن سواء السبيل، وانحرفوا بعد الاستقامة، وضلوا بعد ما كانوا على سبيل الهداية لأسباب كثيرة أوقعتهم في ذلك الضلال وفي ذلك الانحراف. قال الله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ؛ لما أنهم انحرفوا عن الهدى والاستقامة أضلهم الله وأزاغ قلوبهم؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من سؤال الله تعالى الثبات والاستقامة فيقول صلى الله عليه وسلم: اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك يكثر من الدعاء بالتثبيت فقيل له في ذلك، فقال: إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، فمن شاء أزاغه، ومن شاء أقامه .