الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
مسألة محيرة
12614 مشاهدة print word pdf
line-top
نص الجواب في الاحتجاج بالقدر


وقد أجاب فضيلته بهذا الجواب الشافي الكافي، عل الله أن يهدي به أناسا قد ضلوا في هذا الأمر، فقال فضيلته:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد:
إن هؤلاء الذين يحتجون بهذه الحجج، لا شك أنهم متناقضون، فهم لا يعملون بها في كل حال! فلا يعملون بالقضاء والقدر، ويسلمون له في كل أحوالهم! فلأجل ذلك يقال: أنهم متناقضون!
ونحن نقول للجواب عن هذا السؤال: إن هذا السؤال قديم، يحتج به الفسقة دائما ! ويرددونه في مجتمعاتهم، ويرددونه إذا نصحوا! فهو ليس بجديد!

وقد ذكروا أن ذميا أو ملحدا دخل على شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-وقدم له أبياتا يحتج فيها بالقدر! فقال:
أيا علمـــاء الدين، ذمـي دينـكم تحـــــير، دلوه بأوضح حجة
إذا ما قضى ربي بكفري –بزعمكـم-  ولم يرضه مني، فما وجه حيلتي؟
دعاني، وسـد الباب دوني فهل إلـى دخولي سبيل؟ بينوا لـي قضيتي
قضى بضلالي، ثم قال: ارض بالقضاء،  فهل أنا راض بالذي فيه شقوتي؟!
فإن كنت بالمقضي – يا قوم – راضيا فربـي لـا يرضى بشـؤم بليتـي
وهل لي رضا مـا ليس يرضاه سيدي  فقد حرت، دلوني على كشف حيرتي
إذا شاء ربـي الكفر مني مشيئـــة فهل أنا عاص في اتباع المشيئة؟
وهـل لي اختيـار أن أخالف حكمـه؟ فبالله فاشفـوا بالبراهين غلتـي
ثم إن شيخ الإسلام أجابه نظما ، وهو جالس في مجلسه، فأخذ القلم وجعل يكتب الجواب وهم حاضرون، فظنوا أنه يكتب نثرا ، فإذا هو يكتب نظما على نمط ذلك السؤال! فنظم في مجلسه مائة وثلاثين بيتا على نمط تلك القصيدة التي نظمها ذلك الشاعر الذمي!
والقصيدة موجودة في مؤلفات شيخ الإسلام، أولها قوله:
سؤالك – يا هذا – سؤال معانـد مخاصم رب العرش باري البرية
فهذا سؤال خاصم الملأ العـــلا  -قديما- به، إبْليسَ أصْلُ البَلِيَّةِ
ومن يك خصما للمهيمن: يرجعن  على أُمِّ رأْسٍ، هاويا في الحُفَيْرَةِ
وتدعى خصوم الله – يوم معادها إلـى النار، طـرا معشر القدرية
سواء نفوه أو سعوا ليخاصموا بـه الله أو مـاروا به للشريعة
إلى أن قال في آخرها:
فدونك علمـا بالذي قد أجبت من  معان إذا انحلت بفهم غريزة
أشارت إلى أصل يشير إلى الهدى، ولله رب الخلق، أكمل مدحتي
وقد طبعت هذه القصيدة في المجلد الثامن من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وطبعت أيضا في ترجمة شيخ الإسلام: ( العقود الدرية في مناقب الشيخ ابن تيمية ) لابن عبد الهادي وتوجد أيضا في غير ذلك.
ثم إن شيخنا عبد الرحمن بن محمد الدوسري رحمه الله، نظم أيضا على نمطها أبياتا أخصر منها متضمنا لمدلولها.
كذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة مطبوعة في المجلد الثامن من الفتاوى عنوانها: ( أقوم ماقيل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل )، والعنوان يظهر أنه ليس من وضع شيخ الإسلام، وإنما هو من بعض النساخ.

line-bottom