القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
مسألة محيرة
10279 مشاهدة
نص الجواب في الاحتجاج بالقدر


وقد أجاب فضيلته بهذا الجواب الشافي الكافي، عل الله أن يهدي به أناسا قد ضلوا في هذا الأمر، فقال فضيلته:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد:
إن هؤلاء الذين يحتجون بهذه الحجج، لا شك أنهم متناقضون، فهم لا يعملون بها في كل حال! فلا يعملون بالقضاء والقدر، ويسلمون له في كل أحوالهم! فلأجل ذلك يقال: أنهم متناقضون!
ونحن نقول للجواب عن هذا السؤال: إن هذا السؤال قديم، يحتج به الفسقة دائما ! ويرددونه في مجتمعاتهم، ويرددونه إذا نصحوا! فهو ليس بجديد!

وقد ذكروا أن ذميا أو ملحدا دخل على شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-وقدم له أبياتا يحتج فيها بالقدر! فقال:
أيا علمـــاء الدين، ذمـي دينـكم تحـــــير، دلوه بأوضح حجة
إذا ما قضى ربي بكفري –بزعمكـم-  ولم يرضه مني، فما وجه حيلتي؟
دعاني، وسـد الباب دوني فهل إلـى دخولي سبيل؟ بينوا لـي قضيتي
قضى بضلالي، ثم قال: ارض بالقضاء،  فهل أنا راض بالذي فيه شقوتي؟!
فإن كنت بالمقضي – يا قوم – راضيا فربـي لـا يرضى بشـؤم بليتـي
وهل لي رضا مـا ليس يرضاه سيدي  فقد حرت، دلوني على كشف حيرتي
إذا شاء ربـي الكفر مني مشيئـــة فهل أنا عاص في اتباع المشيئة؟
وهـل لي اختيـار أن أخالف حكمـه؟ فبالله فاشفـوا بالبراهين غلتـي
ثم إن شيخ الإسلام أجابه نظما ، وهو جالس في مجلسه، فأخذ القلم وجعل يكتب الجواب وهم حاضرون، فظنوا أنه يكتب نثرا ، فإذا هو يكتب نظما على نمط ذلك السؤال! فنظم في مجلسه مائة وثلاثين بيتا على نمط تلك القصيدة التي نظمها ذلك الشاعر الذمي!
والقصيدة موجودة في مؤلفات شيخ الإسلام، أولها قوله:
سؤالك – يا هذا – سؤال معانـد مخاصم رب العرش باري البرية
فهذا سؤال خاصم الملأ العـــلا  -قديما- به، إبْليسَ أصْلُ البَلِيَّةِ
ومن يك خصما للمهيمن: يرجعن  على أُمِّ رأْسٍ، هاويا في الحُفَيْرَةِ
وتدعى خصوم الله – يوم معادها إلـى النار، طـرا معشر القدرية
سواء نفوه أو سعوا ليخاصموا بـه الله أو مـاروا به للشريعة
إلى أن قال في آخرها:
فدونك علمـا بالذي قد أجبت من  معان إذا انحلت بفهم غريزة
أشارت إلى أصل يشير إلى الهدى، ولله رب الخلق، أكمل مدحتي
وقد طبعت هذه القصيدة في المجلد الثامن من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وطبعت أيضا في ترجمة شيخ الإسلام: ( العقود الدرية في مناقب الشيخ ابن تيمية ) لابن عبد الهادي وتوجد أيضا في غير ذلك.
ثم إن شيخنا عبد الرحمن بن محمد الدوسري رحمه الله، نظم أيضا على نمطها أبياتا أخصر منها متضمنا لمدلولها.
كذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة مطبوعة في المجلد الثامن من الفتاوى عنوانها: ( أقوم ماقيل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل )، والعنوان يظهر أنه ليس من وضع شيخ الإسلام، وإنما هو من بعض النساخ.