اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
40876 مشاهدة
وجوب ذكر الصحابة بأحسن ذكر


يقول: وأَلَّا يُذْكَرَ أَحَدٌ من الصحابة -رضي الله عنهم- من صحابة النبي-صلى الله عليه وسلم- إلا بأحسن ذِكْرٍ. يعني لا نذكرهم إلا بالخير، جميع الصحابة لا نذكرهم إلا بخير؛ فإن لهم فَضْلَ الصحبة. والإمساك عما شَجَرَ بينهم؛ أي الخلافات التي قد حصلتْ بينهم لا نذكرها، القتال الذي حصل في وقعة الجمل والقتال الذي حصل في وقعة صفين نقول: كلهم مجتهدون، ولِكُلِّ مجتهد نصيب، وإن كان المصيب واحدا نقول: إنهم جميعًا مجتهدون ولا نخطئهم، ونقول: الله أعلم بحالتهم، والله يتولى حسابهم.
فلا يجوز أن نطعن في أهل الشام ونقول: إنهم قاتلوا عليا كما تفعل ذلك الروافض، ولا يجوز أن نسبَّ عليًّا ؛ بل نقول: كُلٌّ منهم مجتهد، ولكل منهم أجره على اجتهاده، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر.
وأنهم أحق الناس أن يُلْتَمَسَ لهم أحسن المخارج؛ يعني: نلتمس لهم العذر حتى لا يطعن فيهم مَنْ بعدهم ممن لا يساويهم، ويُظَن بهم أحسن المذاهب، نظن بهم أحسن الظن، ولا نقول فيهم إلا ما قال الله تعالى؛ حيث إن الله تعالى مدحهم وأثنى عليهم، فنقول: إن كُلًّا منهم على خير.