إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
32182 مشاهدة
باب قول المحدث حدثنا وأخبرنا وأنبأنا


قال -رحمه الله تعالى- باب قول المحدث حدثنا وأخبرنا وأنبأنا. وقال لنا الحميدي كان عند ابن عيينة حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت واحدا.
وقال ابن مسعود حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق. وقال شقيق عن عبد الله سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- كلمة.
وقال حذيفة حدثنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حديثين. وقال أبو العالية عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يروي عن ربه. وقال أنس -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرويه عن ربه -عز وجل-.
وقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرويه عن ربكم -عز وجل-.
قال أبو عبد الله حدثنا قتيبة قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة .


لما اشتغل العلماء برواية الحديث كان أحدهم يرويه عن شيخه بقوله: سمعت الشيخ فلان. وبعضهم يقول: حدثني شيخي فلان. وبعضهم يقول: أخبرني فلان. وبعضهم يقول: أنبأنا فلان. وبعضهم يقول: روى لنا فلان. ثم اختلفوا هل مدلولها واحد، أم بينها اختلاف؟ وذلك لأن بعضا منهم صار يتساهل في الرواية ويروي ما لم يسمعه؛ فلذلك اصطلح بعضهم على بعض الاصطلاحات، وبعضهم سوى بينها.
فالبخاري وكذلك شيخه الحميدي وشيخ شيخه سفيان بن عيينة يرون أنه لا فرق بين أن يقول: سمعت وحدثني وأخبرني أن جميع المؤدى واحد يقول: إذا رويت عن شيخك حديثا فإنك ترويه بأحد هذه العبارات، كثيرا ما يروي البخاري -مثلا- عن شيخه الحميدي واسمه عبد الله بن الزبير صاحب المسند المطبوع مسند الحميدي فيقول: حدثنا الحميدي أو حدثنا عبد الله بن الزبير يعني الذي هو الحميدي حدثنا سفيان -يعني ابن عيينة - حدثنا الزهري حدثني سالم حدثني ابن عمر فهذا من أحاديثه.
البخاري –مثلا- يجوز عنده أن يقول: حدثني وأخبرني، كثيرا ما يأتي بـأخبرنا حكاية لما قاله شيخه غالبا إذا جاء شيخه بعبارة فإنه يأتي بها كما جاء بها حرصا على أن يؤديها كما سمعها، فيقول –مثلا- حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب -يعني الزهري - فشعيب يخبر بأبي اليمان الحكم بن نافع أخبرنا شعيب فدائما أبو اليمان يقول: أخبرنا ولا يقول حدثنا.
أما مسلم صاحب الصحيح فإنه يفرق بينهما؛ فدائما يذكر عبارات مشائخه.
فإذا روى عن ثلاثة مشائخ بيَّن من قال: حدثنا ومن قال: أخبرنا، فيقول: -مثلا- حدثنا يحيى بن يحيى و يحيى بن أيوب و قتيبة بن سعيد و علي بن حجر قال يحيى بن يحيى أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا.
يعني أتى بعباراتهم أن يحيى بن يحيى يقول دائما: أخبرنا، والبقية يقولون: حدثنا مع أن الجميع سمعوه من شيخهم سواء، ولكن بعضهم يعبر بـأخبرنا بعضهم يعبر بـحدثنا وأكثرهم اصطلحوا على أن حدثنا إذا سمع الحديث ومعه غيره من كلام الشيخ، إذا قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر فمعناه تكلم بهذا الحديث ونحن نسمع ونحن جماعة وإذا قال: حدثني إسماعيل بن جعفر فمعناه أنه حدثنيه وأنا وحدي سمعته من كلامه.
وإذا قال: أخبرنا فإنه قرئ عليه الكتاب أو الحديث وهم حاضرون؛ فجاء الخبر إليهم كأنه كتب الحديث في رسالة أو كتبه في أوراق وأعطاه واحدا منهم، وقال: هذه أحاديثي التي حدثتها –مثلا- التي حدثنيها مشائخي، اقرأها يا أحدهم فإذا قرأها عليهم والشيخ يسمع وهم يسمعون ويقر ذلك فإنهم يقولون: أخبرنا إسماعيل -مثلا- أو أخبرنا وكيع هذا اصطلاح من الإمام مسلم وغيره.
أما البخاري فعنده أنها سواء واستدل بأنها مستعملة عند كثير من الصحابة فابن مسعود روى حديثا في القدر وقال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق، فاستعمل كلمة حدثنا.
وحذيفة يقول :حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال إلى آخر الحديث يتعلق بالأمانة وبنزعها، رواه مسلم كاملا، وكذلك في حديث عبد الله بن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي مرة بجمار فأكل منه بعض أصحابه جمار النخل ثم قال: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المؤمن حدثوني ما هي؟ حدثوني يعني تكلموا بذلك فخاض الناس في شجر البوادي الإيضاح في البوادي يقول ابن عمر ووقع في نفسي أنها النخلة ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله .
فالحاصل أنه قال :حدثوني وقالوا: حدثنا يعني تكلم بذلك أمامنا.
كذلك أيضا كلمة عن جاءت في هذه الأحاديث يرويه عن ربه، يرويه عن ربكم -سبحانه وتعالى- اصطلح المحدثون على أن العنعنة أقل رتبة من التحديث، فإذا قال –مثلا- عن الزهري عن سالم عن أبيه احتمل أنه سمعه من الزهري أو لم يسمعه بل بينه وبينه واسطة؛ فلذلك لا يقبلون العنعنة إلا إذا كان ذلك المعنعن غير مدلس.
المدلس هو الذي يسقط شيخه ويروي الحديث عن شيخ شيخه الذي قد لقيه ولكنه لم يسمع منه ذلك الحديث، فأحيانا سفيان بن عيينة -رحمه الله- يستعمل التدليس أحيانًا، فإما أن يقول: عن الزهري أو يقول: قال الزهري أو يقول: الزهري عن نافع عن ابن عمر أو عن سالم عن ابن عمر وكثير من الذين يستعملون التدليس يقولون: لا يقبل الحديث عنهم إلا إذا صرحوا بالتحديث، إذا قالوا: حدثنا الزهري وعلى كل حال هذه من عبارات المؤلفين أنهم يستعملون حدثنا وأخبرنا وسمعت وعن وأنبأنا لرواية الحديث عن مشائخهم.