شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
فتاوى رمضانية
9659 مشاهدة
شهر رمضان هو شهر النصر والتمكين

سؤال: حصلت في هذا الشهر العظيم انتصارات عديدة للمسلمين في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- منها غزوة بدر وفتح مكة، فكيف يمكن للمسلمين أن يجعلوا من تلك الانتصارات انطلاقا نحو العزة والمجد والاجتماع تحت كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله؟
الجواب: صحيح أن هذا الشهر هو شهر النصر والتمكين والظهور لدين الإسلام، ففيه وقعت غزوة بدر الكبرى التي قال الله -تعالى- فيها: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ [الأنفال : 41] الآيات، وهذه الآيات تقص خبر ما وقع بين المسلمين وبين عدوهم الذين أذلوهم واضطهدوهم وأخرجوهم من ديارهم، فأنزل الله نصره وملائكته، وحصل من النصر والتمكين من الأعداء ما هو آية ومعجزة وكرامة لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وعباده المؤمنين.
* وفيه وقعت غزوة الفتح الأعظم فقد خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة في السنة الأولى من الهجرة ثاني اثنين مع الخوف من المشركين، فخرج منها خائفا يترقب، ولكنه واثق بنصر ربه وتأييده، وبعد ثمان سنين دخلها في عشرة آلاف من المسلمين، وهو مع ذلك متواضع خاضع لربه، معترف بفضله وامتنانه عليه، وبهذه العزة انتشر الإسلام ودخل الناس بعدها في دين الله أفواجا.
* فنأخذ من هذه الغزوات فضل هذا الشهر، وأن على المسلمين أن يظهروا فيه -كغيره- الاعتزاز والافتخار، وأن يتمسكوا بالتوحيد وإخلاص العمل لربهم تعالى، والاتباع لسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وأن يحرصوا على جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم، وتذكيرهم بأن الدين الإسلامي هو أكبر وسيلة إلى النصر على الأعداء وظهور المسلمين، وخذلان من ناوأهم أو خالفهم، كما هو الواقع في كل زمان ومكان يوجد فيه الإخلاص والصدق مع الله، ويطهر المسلمون أنفسهم من الشرك ودعوة غير الله، ومن البدع العقدية كالتعطيل والرفض والإرجاء والاعتزال، ومن المعاصي كبيرها وصغيرها، حين يشاهد ظهورهم وانتصارهم وبطلان حيل الأعداء ولو أتوا بكل قواهم، ولو تضاعف عددهم وعدتهم وقاتلوا في البر والبحر والجو بكل ما أمكنهم، فإن الله يخذلهم، وما النصر إلا من عند الله، إن تنصروا الله ينصركم، وأنتم الأعلون والله معكم.