إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
الفتاوى الرمضانية
36052 مشاهدة print word pdf
line-top
الفتاوى الرمضانية

بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:-
      ما حكم صلاة التراويح ؟ وما فضل قيام ليالي رمضان مع الإمام؟ وما قولكم في حال كثير من الناس ممن ترك هذه الفضيلة العظيمة، وانصرف لتجارة الدّنيا، وربّما لإضاعة الوقت باللعب والسّهر؟
الجواب:-
     صلاة التراويح هي القيام في ليالي رمضان بعد صلاة العشاء، وهي سنة مؤكَّدة، كما دلّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه متفق عليه وقيام رمضان شامل للصلاة أول الليل وآخره، فالتراويح من قيام رمضان، وقد وصف الله عباده المؤمنين بقيام الليل، كما قال - تعالى - وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (الفرقان:64) وقال - تعالى - كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (الذاريات:17) .
     ويُستحب أن يُصلي مع الإمام حتى ينصرف، فقد روى أحمد وأهل السنن بسند صحيح عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة .
     وكان الإمام أحمد - رضي الله عنه - لا ينصرف إلا مع الإمام عملا بهذا الحديث، ولا شك أن إقامة هذه العبادة في هذا الموسم العظيم تُعتبر من شعائر دين الإسلام، ومن أفضل القربات والطاعات، ومن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما روى عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله -عز وجل- فرض عليكم صيام رمضان، وسننتُ لكم قيامه .
     فإحياء هذه السنّة وإظهارها فيه أجر كبير، ومضاعفة للأعمال، وقد ورد في بعض الآثار: إن في السماء ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله -عز وجل- فإذا دخل رمضان استأذنوا ربهم أن يحضروا مع أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - صلاة التراويح، فمن مسهم أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها. فكيف يفوت المسلم هذا الأجر الكبير، وينصرف عنه لتعاطي حرفة أو تجارة، أو تنمية ثروة من متاع الحياة الدّنيا التي لا تساوي كلها عند الله جناح بعوضة، فهؤلاء الذين يزهدون في فعل هذه الصلاة ، ويشتغلون بأموالهم وصناعاتهم، لم يشعروا بالتفاوت الكبير بين ما يحصل لهم من كسب أو ربح دنيوي قليل، وما يفوتهم من الحسنات والأجور، والثواب الأخروي، ومضاعفة الأعمال في هذا الشهر الكريم.
 ولقد أكبّ الكثير على الأعمال الدنيوية في ليالي رمضان، ورأوا ذلك موسما لتنمية التجارة، وإقبال العامة على العمل الدنيوي، فصار تنافسهم في ذلك، وتكاثرهم بالمال والكسب، وتناسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت من ينافسك في الدّنيا فنافسه في الآخرة .
أما الذين يسمرون هذه الليالي على اللهو واللعب فهم أخسر صفقة، وأضل سعيا ، وذلك أن الناس اعتادوا السهر طوال ليالي رمضان غالبا ، واعتاضوا عن نوم الليل بنوم الصبيحة وأول النهار أو أغلبه، فرأوا شغل هذا الليل بما يقطع الوقت، فأقبلوا على سماع الملاهي والأغاني، وأكبوا على النظر في الصور الفاتنة، والأفلام الخليعة الماجنة.
ونتج عن ذلك ميلهم إلى المعاصي، وتعاطيهم شرب المسكرات، وميل نفوسهم إلى الشهوات المحرّمة، وحال الشيطان والنفوس الأمارة بالسوء بينهم، وبين الأعمال الصالحة، فصدّوا عن المساجد ومشاركة المصلين في هذه العبادة الشريفة، فأفضلهم من يصلي الفريضة ثم يبادر الباب، والكثير منهم يتركون الفرض الأعظم وهو الصلاة، ويتقربون بالصوم مجاراة ومحاكاة لأهليهم، مع تعاطيهم لهذه المحرمات، وصدودهم عن ذكر الله وتلاوة كتابه، وذلك هو الخسران المبين، والله المستعان.

line-bottom