إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
الفتاوى الرمضانية
40715 مشاهدة print word pdf
line-top
الاعتكاف وما يتعلق به

السؤال:-
    هنالك -أحسن الله إليكم- سنة قد تهاون فيها أكثر الناس، ألا وهي سنة الاعتكاف فما توجيهكم؟ وما شروط الاعتكاف؟ وما يجوز وما لا يجوز؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف؟ وأين يكون؟
الجواب:-
     الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله، وهو سنة مؤكَّدة في كل زمان، وتتأكَّد في العشر الأواخر من رمضان، كما روت عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفّاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده .
     وروى البخاري عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعتكف في كل رمضان عشرة أيّام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوما .
     قال ابن رجب في اللطائف: وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف في العشر قطعا لأشغاله، وتفريغا لباله، وتخليا لمناجاة ربه، وذكره ودعائه، وكان يحتجر حصيرا يتخلى فيها من الناس. ولهذا ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم، أو إقراء قرآن؛ بل الأفضل له الانفراد بنفسه، وهو الخلوة الشرعية لهذه الأمة، وإنما كان في المساجد لأن لا يترك به الجمعة والجماعات.
     فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقبله وقالبه على ربه، وما يقرْبه منه، فما بقي له همّ سوى الله وما يرضيه عنه، فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة والمحبة له، والأنس به، أورثت صاحبها الانقطاع إليه بالكليّة على كل حال. اهـ.
ولا يصحّ الاعتكاف إلا بشروط:
(الأول) النية، لحديث: إنّما الأعمال بالنيات . (الثانية) أن يكون في مسجد، لقوله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ وكان صلى الله عليه وسلم، يعتكف في مسجده.
(الثالث) أن يكون ذلك المسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة حتى لا يتكرّر خروجه لكل وقت، مما ينافي الاعتكاف.
ولا يخرج المعتكف إلا لما لا بدّ له منه، ولا يعود مريضا ، ولا يشهد جنازة، ويحرم عليه مباشرة زوجته، ويستحبّ اشتغاله بالقربات، واجتناب ما لا يعنيه.
وله أن يتحدَّث مع من يزوره ، وله أن يتنظف ويتطيَّب، ويخرج لقضاء حاجة وطهارة وأكل وشرب ، إذا لم يجد من يأتيه بهما.
وأما المرأة فالأفضل في حقها البقاء في بيتها، والقيام بخدمة زوجها وولدها، ولا يشغلها ذلك عن عبادة ربها ، ولأن خروجها مظنّة الفتن بها، وفي انفرادها ما يعرضها للفسقة وأهل الفساد.
ولكن إن أمنت هذه المفاسد، وكانت كبيرة السن، وكان المسجد قريبا من أهلها ومحارمها، جاز لها الاعتكاف فيه، وعلى ذلك يحمل اعتكاف زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، بعده، لقربهن من المسجد.
 وبالجملة لا يصح اعتكافها في مسجد بيتها، وهو مصلاها فيه، ويصحّ في كل مسجد، ولو لم يكن فيه جماعة مستمّرة، ويكره خروجها وانفرادها محافظة على نفسها. والله أعلم.

line-bottom