إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
الفتاوى الرمضانية
40792 مشاهدة print word pdf
line-top
الارتحال لحضور الختمة في أحد الحرمين

السؤال:-
     ما حكم الارتحال لحضور الختمة في أحد الحرمين؟ لأننا نرى أن كثيرا من الناس لا يصلي التراويح ولا القيام، فإذا جاء وقت الختمة توافدوا بأعداد هائلة؟ ومما هو ملاحظ أنه قد رسخ لدى بعض الناس أن ليلة الختمة ليلة مميزة، فيقعُ تعظيمها والتفرغ لها، والإكثار من العبادة فيها، حتى أن بعضهم ربما حَرِصَ بعد الانتهاء من ختمة القرآن مع الإمام أن يذهب إلى مسجد آخر ليشهد ختمة الإمام، الأخرى، فما موافقة ذلك للسنة؟
الجواب:-
     إذا عرف أن الدّعاء عند الختمة مشروع، وأنه كان معروفا عند السّلف، وعلم أنهم كانوا يحضرون القارئ عند ختمه للقرآن، ويؤمّنون على دعائه فإن الحضور المذكور سنة وفضيلة، حيث كان الدَّاعي من أهل الفضل والدِّين، والصلاح، ممَّن يُرجى إجابة دعائه، وحيث إن الموضع له فضله وشرفه، ومضاعفة الأعمال فيه، وكونه مظنة القبول، وحيث يؤمّن عليه الجمع الغفير من المصلين، من رجال ونساء، وكبار وصغار، ولكن يكون القصد من السفر الصلاة في الحرمين، وأداء النسك، أو الاعتكاف، أو الإكثار من نوافل الصلاة فيهما، والمحافظة على صلاة الجماعة، ويكون حضور دعاء الختم تابعا لذلك، فأمَّا من لا يصلي في رمضان التراويح، ولا يقوم ليالي العشر، وإنما يحضر دعاء الختم، أو يسافر لأجله فإنه قليل الحظ من حصول المغفرة، والعتق من النار.
     وأما تخصيص ليلة معينة لختم القرآن فلا حاجة إلى ذلك، بل يختم القرآن متى أتمّ قراءته المعتادة، لكن ورد عن بعض السلف أنه ختم ليلة سبع وعشرين، ذكره ابن رجب في لطائف المعارف ، ولعلّ ذلك من باب التحري، لكونها أرجى أن تكون ليلة القدر، ولما ورد فيها من الفضل، وإجابة الدعاء عن كثير من السلف، كما ذكر ابن رجب عن جماعة من العبَّاد دعوا الله في تلك الليلة، فأجيب دعاؤهم، ولعله اقترن به ما صار سببا لقبوله، ويمكن أن ختمهم في تلك الليلة من باب المصادفة، ولم يكن عن قصدها لذاتها، وبكل حال فيحسن تحرِّي الليالي اللاتي يُرجى فيهنَّ إجابة الدّعاء، بعد ختم القرآن أو غيره، كأوتار العشر الأواخر من رمضان.
  فأمّا من اعتقد أن تلك الليلة -التي حصلت فيها الختمة- لها مزية أو شرف فليس كذلك، فإن الختم يختلف فيه الأئمة، حيث إن بعضهم يختم أول العشر، وبعضهم آخرها، فأمّا الحرص على حضور الختمة مع أكثر من إمام، فَيُسن ذلك كما نقل عن مجاهد وغيره! أن الدُّعاء يستجاب عند ختم القرآن، وأن الرَّحمة تنزل عنده، لكن إذا فوت على الإنسان وقتا أو صلوات بعض الليالي لم يشرع ذلك، فإنَّ الذي يسافر إلى مكة ثم إلى المدينة ثم يرجع إلى بلده، يفوته في هذه المدة صلاة بعض الليالي، وإنْ كان قصده حسنا ، لكن السفر ليس ضروريا والأعمال بالنيّات، ولا ينبغي فعل ما ينكره عوام الناس وخواصهم، ولم يكن عليه عمل الأمة ولا دليل على مشروعيّته، سواء من هذه الأمور أو غيرها. والله أعلم.

line-bottom