الفتاوى الرمضانية
ترديد آيات الرحمة وآيات العذاب للتدبر
السؤال:-
بعض أئمة المساجد يرددون آيات الرحمة وآيات العذاب ثلاث مرات، أو أربع مرات، أو أكثر بقصد الخشوع، وإبكاء المصلين فما مدى موافقة ذلك للسنة؟ وهل أثر عن السلف ؟ وهل كانوا يقتصرون على البكاء في آيات الجنة والنار أم الدليل يفيد ما هو أعم من ذلك ؟ وما هي نصيحتكم للأشخاص الذين يبكون عند الدعاء ولا يبكون عند سماعهم الآيات؟ سؤال> رأس>
الجواب:-
يجوز ترديد الآية للتدبر، قال النووي اسم> في التبيان: (عن أبي ذر اسم> ) قال: رسم> قام النبي صلى الله عليه وسلم، بآية يرددها حتى أصبح ، والآية: رسم> إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ قرآن> رسم> متن_ح> رسم> رواه النسائي وابن ماجه حديث> وعن تميم الداري اسم> ) أنه كرّر هذه الآية حتى أصبح: رسم> أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قرآن> رسم> وذكر أن أسماء اسم> -رضي الله عنها- كرّرت قوله تعالى: رسم> فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ قرآن> رسم> طويلا ، وردّد ابن مسعود اسم> رسم> رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا قرآن> رسم> وردد سعيد بن جبير اسم> رسم> وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ قرآن> رسم> وردد -أيضا - رسم> فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ قرآن> رسم> وردد أيضا : رسم> مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ قرآن> رسم> وكان الضحاك اسم> إذا تلا قوله تعالى: رسم> لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ قرآن> رسم> رددها إلى السحر. اهـ.
ومن هذه الآثار يعلم أن القارئ يردد هذه الآيات الوعظية لتأثره بها. وليس لتأثيرها في غيره، ولكن لا مانع من الأمرين.
وأما البكاء عند سماع القرآن فهو صفة العارفين، وشعار الصالحين، كما قال تعالى: رسم> وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا قرآن> رسم> (الإسراء:109) آية> .
وقد ورد في الحديث: رسم> اقرأوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا رسم> وكان عمر اسم> إذا قرأ في الصلاة يبكي، حتى تسيل دموعه على ترقوته، وحتى يسمع بكاؤه من وراء الصفوف .
وثبت في الصحيح رسم> أن ابن مسعود اسم> قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، من أول سورة النساء إلى قوله تعالى: رسم> فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قرآن> رسم> قال: حسبك الآن. قال: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان متن_ح> رسم> .
وكان عمر بن الخطّاب اسم> -رضي الله عنه- كثير البكاء، وكان في خديه خطّان من البكاء، وقال أبو رجاء اسم> رأيت ابن عباس اسم> وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع، والآثار في هذا كثيرة، يعلم منها أن بكاء السلف كان عند سماع القرآن، ولكن كانوا -أيضا - يبكون عند سماع المواعظ، ففي حديث العرباض اسم> قال: رسم> وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون متن_ح> رسم> الحديث.
فينبغي الخشوع والبكاء أو التباكي، عند سماع آيات التخويف، وآيات العذاب، وكذا عند المواعظ التي تشتمل على تذكير وتنبيه، سواءً كانت من الأدعية أو الأدلة، وينبغي أن يُعلم أن البكاء هو أثر الخشوع، وحضور القلب، وأثر التفكر والتأمل لما يسمعه من الآيات التي تتعلق بالآخرة، سواء في ذكر الجنة والنار، أو ذكر الموت وما بعده، أو ذكر العقوبات والمثلات الدنيوية، وكذا ما تشتمل عليه الأدعية في القنوت أو غيره من ذكر الرغبة والرهبة، والإلحاح في الطلب، فمتى أحضر السامع قلبه، وتدبر معاني ذلك، رق قلبه ودمعت عيناه، وليس ذلك خاصا بدعاء القنوت؛ بل يعم كل ما اشتمل على الوعظ والتخويف من المسموعات والمرئيات، والله المستعان.
مسألة>