عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
تفسير آيات النكاح من سورة النور
32943 مشاهدة print word pdf
line-top
حث السيد على تزويج مملوكه


وقوله: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ؛ المراد هاهنا العبيد المماليك مِنْ عِبَادِكُمْ يعني من المماليك، وَإِمَائِكُمْ يعني من المملوكات؛ أي زوجوهم؛ وذلك لأن ولايتهم إلى مواليهم.
فالسيد الذي يملك العبد يقدر أن يمنعه من التزويج إلا بإذنه، ولا يجوز للعبد أن يتزوج بغير إذن سيده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فهو عاهر أي زان، وكذلك الأمة المملوكة لا تتزوج إلا بإذن سيدها؛ لأن منافعها لسيدها.
أمر الله تعالى بتزويجهم إذا كانوا صالحين: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ وذلك لأن للعبد وللأمة شهوة كما للأحرار، وهذه الشهوة إذا لم يكسرها بهذا النكاح الحلال فلا يؤمن أن يقع أحدهما أو كلاهما في فعل الحرام، أن يقع العبد وتقع الأمة في فعل المحرم، فيحصل بذلك مفاسد، وهو فشو الفاحشة الذي ذم الله تعالى من يفعله بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ فأمر بإنكاح الصالحين.
وكذلك أيضًا إذا تحرر العبد أو الأمة وعتقا أصبحا من -أيضًا- عباد الله الصالحين بدل ما كانوا عبيدًا لكم فإنهم أصبحوا عبيدًا لله تعالى، فأمر بتزويجهم؛ أن يزوج الرجل الذي كان مملوكًا ثم عتق ولا يحبس ولا يمنع إذا كان كفئًا كريما، وكذلك أيضًا -كذلك- الأمة إذا كانت أمة مملوكة ثم عتقت وأصبحت صالحة، فإنها يزوجها أهلها ومن لهم ولاية عليها.

line-bottom