إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
تفسير آيات النكاح من سورة النور
27714 مشاهدة
حث السيد على تزويج مملوكه


وقوله: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ؛ المراد هاهنا العبيد المماليك مِنْ عِبَادِكُمْ يعني من المماليك، وَإِمَائِكُمْ يعني من المملوكات؛ أي زوجوهم؛ وذلك لأن ولايتهم إلى مواليهم.
فالسيد الذي يملك العبد يقدر أن يمنعه من التزويج إلا بإذنه، ولا يجوز للعبد أن يتزوج بغير إذن سيده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فهو عاهر أي زان، وكذلك الأمة المملوكة لا تتزوج إلا بإذن سيدها؛ لأن منافعها لسيدها.
أمر الله تعالى بتزويجهم إذا كانوا صالحين: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ وذلك لأن للعبد وللأمة شهوة كما للأحرار، وهذه الشهوة إذا لم يكسرها بهذا النكاح الحلال فلا يؤمن أن يقع أحدهما أو كلاهما في فعل الحرام، أن يقع العبد وتقع الأمة في فعل المحرم، فيحصل بذلك مفاسد، وهو فشو الفاحشة الذي ذم الله تعالى من يفعله بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ فأمر بإنكاح الصالحين.
وكذلك أيضًا إذا تحرر العبد أو الأمة وعتقا أصبحا من -أيضًا- عباد الله الصالحين بدل ما كانوا عبيدًا لكم فإنهم أصبحوا عبيدًا لله تعالى، فأمر بتزويجهم؛ أن يزوج الرجل الذي كان مملوكًا ثم عتق ولا يحبس ولا يمنع إذا كان كفئًا كريما، وكذلك أيضًا -كذلك- الأمة إذا كانت أمة مملوكة ثم عتقت وأصبحت صالحة، فإنها يزوجها أهلها ومن لهم ولاية عليها.