شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
تفسير آيات النكاح من سورة النور
34108 مشاهدة print word pdf
line-top
من لم يقدر على مئونة النكاح


قول الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ في هذه الآية كأن الإنسان قد يكون عاجزا لا يقدر على مئونة النكاح، فأمره الله تعالى أن يستعف يتعفف؛ بمعنى أن يتصبر، ومع ذلك يبذل السبب في الحصول على ما يستعين به على حصول مهر أو صداق يدفعه لامرأته حتى يحصل له النكاح.
لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا ؛ أي لا يجدون مئونة النكاح، وهو الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بالباءة: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فالباءة مئونة النكاح، وليست الباءة كما يقول الأطباء هي الشهوة أو القدرة على الجماع. يستعملها الأطباء الباءة أو الباه في النكاح أي في الشهوة.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم استعملها في المئونة؛ يعني من استطاع منكم الباءة يعني الصداق وكذلك النفقة والسكنى وقضاء الحاجات الضرورية وما أشبهها، هذه الباءة.
الله تعالى علم بأن هناك من لا يقدر لا يجد مالًا ولو قليلًا، وليس له كسب ولا دخل؛ أَمَرَه بالاستعفاف يستعف؛ يعني يتعفف ويتصبر ويتحمل إلى أن يغنيه الله تعالى ويعطيه من واسع فضله؛ فإنه سبحانه وعد بذلك: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا أي لا يقدرون.
مئونة النكاح يختلف الناس فيها، والأصل أن الإنسان عليه أن يقتصر على الضروريات، وكذلك على المرأة أن تقتصر على الضروريات، وأن يقتصر وليها أيضًا على ما لا بد منه، فالذين يتشددون من الأولياء يقولون لا بد أن تستأجر لها سكنًا مستقلًا، ولا بد أن يكون بذلك السكن جميع الأجهزة التي يحتاج إليها كفرش وسرر وكراسي، وكذلك فيه جميع الأدوات كثلاجات وماكينات، وأدوات ومطابخ وأوانٍ وما أشبه ذلك.
ولا بد أن تتوسع في النفقة أن تشتري لها كل يوم أو دائمًا من اللحوم كذا ومن الأطعمة كذا ومن الخضار ومن الفواكه ومن الأواني، ولا بد أن تؤمن لها كسوة شهريا أو كل شهرين من أنواع الكسوة ولا بد من كذا وكذا.
فيتشدد الأولياء مما يكون سببًا في نفرة الذين يتقدمون عليهم، فالله تعالى يقول: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وأمر بالاستعفاف التعفف: هو التحمل والتصبر، وأخبر بأنه سيغنيهم حتى يغنيهم الله تعالى من فضله، وليس الغنى أن يملك مئات الألوف من الأموال، ولا أن يملك عدة مساكن أو ما أشبه ذلك، وإنما الغنى أن يحصل له الكفاية، يحصل له ما يقوت به نفسه، ودخل يكون بقدر كفايته وكفاية ولده ونحو ذلك، فهذا هو الغنى.
فإذا أغناه الله تعالى ووجد دخلًا ولو يسيرا يؤمن معيشته ولو من أدنى أنواع المعيشة من الخبز الوسط مثلًا ومن الأرز ونحوه وكذلك من الأطعمة المعتادة؛ فعليه أن يقتنع بذلك ولا يتكلف ما لا يطيقه أو ما يشق عليه ...
... يرزق من يشاء إذا وثق العبد برزق الله سبحانه وتعالى، وأعطى مما أعطاه الله وتسبب وبذل السبب والتمس الرزق بأسبابه؛ فإن ربه سبحانه يعطيه من فضله ويغنيه.

line-bottom