جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
تفسير آيات النكاح من سورة النور
33279 مشاهدة print word pdf
line-top
مكاتبة العبد

الحكم الثاني: في هذه الآيات المكاتبة يقول تعالى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا .
في الكتابة أحكام، وحيث إنها لا توجد في هذه الأزمنة -أي لا يوجد الرق- فإنا لا نتوسع فيها؛ المراد إذا كان هناك عبد مملوك أو أمة مملوكة، وأحبت أن تتحرر وأن تخرج من هذه العبودية لمخلوق حتى تكون حرة تتصرف لنفسها أو يتصرف العبد لنفسه؛ يرغب إلى سيده ويقول: إنني أرغب أن تكاتبني، وسوف أفي بما وعدتك يشتري نفسه بثمن مؤجل كأن يكون... مثلًا أربعة آلاف فيشتري نفسه بثمانية آلاف، ويقول: أتمكن من التكسب وأن أحترف وأتكسب وأتجر وأجمع المال وأؤدي إليك كل سنة ألفًا أو ألفين إلى أن أؤدي هذا الثمن.
ففي هذه الحال إذا عرف سيده بأنه قادر عنده حرفة يعمل خياطًا أو نجارًا أو حدادًا أو خرازًا أو جزارا أو دباغا يعرف حرفة من الحرف، أو يحسن التجارة أو، يحسن العمل بالأجرة كخدمة أو نحو ذلك ويقوت نفسه ويقدر على أن يؤدي الأقساط التي كتبت عليه في حينها، فإن على سيده أن يكاتبه: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا .
فيقول: بعتك نفسك بثمانية آلاف بعشرة آلاف تؤدي إلي كل سنة ألفا، ثم إذا تأخر في قسط من الأقساط فله أن يلغي ما تقدم، وأن يبطل هذه الكتابة، ويقول: لم تقدر على أداء هذه الأقساط، فيعيده إلى كونه قنا ومملوكا.
قال الله تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ يعني تصدقوا عليهم، أو أعطوهم من الأموال ما يقدرون به على فكاك أنفسهم، وقد جعل الله تعالى لهم حقًا في الزكاة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وهم المكاتبون؛ أي وأعتقوا منهم.
وفي الحديث الذي ذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم ذكر منهم المكاتب يريد الأداء ؛ يعني الذي يكاتب سيده ويشتري نفسه قصده أن يؤدي الأقساط وأن يتحرر ويتخلص من رق المخلوقين.
قال بعض العلماء: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ ؛ يعني الربع أن تسقط عنه الربع، أو الثلث، أو السدس، ويكون ذلك بحسب حاجة السيد أو ثروته وغناه، مع أن الأولى أن يعتقه إعتاقًا كليًا حتى يكون عبدًا لله يعمل في مصالح الأمة.
لأنه إذا كان رقيقا فإنه ناقص القدر؛ ولأنه لا يتمكن من الأعمال التي .. نفعته متعدية، فلا يقدر على أن يجاهد ولا يغزو ولو كان مثلًا شجاعًا فاتكا، ولا يقدر على أن يتزوج بنفسه، وقالوا أيضًا: أنه لا يلزمه أداء الحج ولا أداء العمرة؛ لأنه مشغول بخدمة سيده، وأسقطوا عنه الجمعة إذا كان مكان الجمعة بعيدًا.
فالحاصل أن هذا في حق المماليك: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ .

line-bottom