(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
تفسير آيات النكاح من سورة النور
37432 مشاهدة print word pdf
line-top
من لم يقدر على مئونة النكاح


قول الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ في هذه الآية كأن الإنسان قد يكون عاجزا لا يقدر على مئونة النكاح، فأمره الله تعالى أن يستعف يتعفف؛ بمعنى أن يتصبر، ومع ذلك يبذل السبب في الحصول على ما يستعين به على حصول مهر أو صداق يدفعه لامرأته حتى يحصل له النكاح.
لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا ؛ أي لا يجدون مئونة النكاح، وهو الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بالباءة: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فالباءة مئونة النكاح، وليست الباءة كما يقول الأطباء هي الشهوة أو القدرة على الجماع. يستعملها الأطباء الباءة أو الباه في النكاح أي في الشهوة.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم استعملها في المئونة؛ يعني من استطاع منكم الباءة يعني الصداق وكذلك النفقة والسكنى وقضاء الحاجات الضرورية وما أشبهها، هذه الباءة.
الله تعالى علم بأن هناك من لا يقدر لا يجد مالًا ولو قليلًا، وليس له كسب ولا دخل؛ أَمَرَه بالاستعفاف يستعف؛ يعني يتعفف ويتصبر ويتحمل إلى أن يغنيه الله تعالى ويعطيه من واسع فضله؛ فإنه سبحانه وعد بذلك: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا أي لا يقدرون.
مئونة النكاح يختلف الناس فيها، والأصل أن الإنسان عليه أن يقتصر على الضروريات، وكذلك على المرأة أن تقتصر على الضروريات، وأن يقتصر وليها أيضًا على ما لا بد منه، فالذين يتشددون من الأولياء يقولون لا بد أن تستأجر لها سكنًا مستقلًا، ولا بد أن يكون بذلك السكن جميع الأجهزة التي يحتاج إليها كفرش وسرر وكراسي، وكذلك فيه جميع الأدوات كثلاجات وماكينات، وأدوات ومطابخ وأوانٍ وما أشبه ذلك.
ولا بد أن تتوسع في النفقة أن تشتري لها كل يوم أو دائمًا من اللحوم كذا ومن الأطعمة كذا ومن الخضار ومن الفواكه ومن الأواني، ولا بد أن تؤمن لها كسوة شهريا أو كل شهرين من أنواع الكسوة ولا بد من كذا وكذا.
فيتشدد الأولياء مما يكون سببًا في نفرة الذين يتقدمون عليهم، فالله تعالى يقول: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وأمر بالاستعفاف التعفف: هو التحمل والتصبر، وأخبر بأنه سيغنيهم حتى يغنيهم الله تعالى من فضله، وليس الغنى أن يملك مئات الألوف من الأموال، ولا أن يملك عدة مساكن أو ما أشبه ذلك، وإنما الغنى أن يحصل له الكفاية، يحصل له ما يقوت به نفسه، ودخل يكون بقدر كفايته وكفاية ولده ونحو ذلك، فهذا هو الغنى.
فإذا أغناه الله تعالى ووجد دخلًا ولو يسيرا يؤمن معيشته ولو من أدنى أنواع المعيشة من الخبز الوسط مثلًا ومن الأرز ونحوه وكذلك من الأطعمة المعتادة؛ فعليه أن يقتنع بذلك ولا يتكلف ما لا يطيقه أو ما يشق عليه ...
... يرزق من يشاء إذا وثق العبد برزق الله سبحانه وتعالى، وأعطى مما أعطاه الله وتسبب وبذل السبب والتمس الرزق بأسبابه؛ فإن ربه سبحانه يعطيه من فضله ويغنيه.

line-bottom