لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
38967 مشاهدة
باب ما ذكر في ذهاب موسى صلى الله عليه وسلم في البحر إلى الخضر


قال البخاري رحمه الله -تعالى- باب ما ذكر في ذهاب موسى -صلى الله عليه وسلم- في البحر إلى الخضر وقوله -تعالى- هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا .
قال أبو عبد الله حدثني محمد بن غُرَيْر الزهري قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب حدث أن عبيد الله بن عبد الله أخبره عن ابن عباس -رضي الله –تعالى عنه- أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى قال ابن عباس هو خضر فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لُقِيِّه، هل سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر شأنه؟ قال: نعم، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: بينما موسى في ملإ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال موسى لا. فأوحى الله إلى موسى بلى، عبدنا خضر فسأل موسى السبيل إليه؛ فجعل الله له الحوت آية، وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه. وكان يتبع أثر الحوت في البحر فقال فتى موسى لموسى: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة؟ فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره. قال: ذلك ما كنا نبغي؛ فارتدا على آثارهما قصصا؛ فوجدا خضرا فكان من شأنهما الذي قص الله -عز وجل- في كتابه .


هذا دليل على الرحلة في طلب العلم، هذا موسى كليم الله، كلمه الله تكليما، ومع ذلك لما سأله رجل، هل تعلم أحدا أعلم منك؟ فقال: لا، عتب الله عليه؛ وذلك لأنه لم يقل: الله أعلم، فلما لم يقل ذلك قال الله: بلى، إن عبدا من عبيدي بمجمع البحرين ؛ هو أعلم منك فسأل موسى وقال: ربي كيف ألقاه وكيف أصل إليه فقيل له: احمل معك حوتا- هو السمك- فحمل معه حوتا في زنبيل، وقيل له: إذا فقدت هذا الحوت فإنك تجده، فقال لفتاه: لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا- يعني زمنا طويلا-.
لما أنه تمارى ابن عباس والحر بن قيس في صاحب موسى من هو؟ ابن عباس جزم بأنه الخضر والحر لم يذكر ما قاله فمر بهما أبي بن كعب فسأله ابن عباس هل سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر خبر صاحب موسى فقال: نعم وأخبره بهذا الحديث، وأن موسى لما سأل أن يلقى ذلك العالم؛ جُعل له الحوت علامة؛ فحمل الحوت وسار، ولما قرب من مجمع البحرين فقد الحوت، أحيا الله ذلك الحوت، ولما عاش الحوت دخل البحر؛ ولما دخل البحر كان مسيره يبسا، اتخذ سبيله في البحر يبسا، وكان لموسى ولصاحبه عجبا فصارا يتبعان أثر الحوت إلى أن وجدا الخضر ؛ فكان من شأنهما ما قص الله -تعالى- في كتابه .نعم.