إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
32050 مشاهدة
باب الفهم في العلم


باب الفهم في العلم.
حدثنا علي حدثنا سفيان قال: قال لي ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-إلا حديثا واحدا قال: كنا عند النبي –صلى الله عليه وسلم- فأتي بجمار فقال: إن من الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم. فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكت. قال النبي –صلى الله عليه وسلم- هي النخلة .


سبق هذا الحديث، أورده هاهنا للدلالة على تورع الصحابة عن كثرة الحديث؛ مخافة أن يقعوا في خطأ، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حذر من الكذب عليه في أحاديث كثيرة ذكرها أو بعضها البخاري في هذا الكتاب؛ فلذلك كان كثيرون يتورعون من كثرة الأحاديث؛ مخافة أن يخطئ في كلمة أو يزيد أو ينقص أو ما أشبه ذلك، وهذا من الورع وإلا فإنهم قد يحدثون بأحاديث يذكرونها بالمعنى، لا باللفظ يعني: يحفظون المعنى الذي سمعوه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيؤدونه بقريب من اللفظ لا باللفظ وحده؛ لئلا يكتموا العلم ولينفعوا الأمة، ومع ذلك لا يكونون كاذبين؛ لأنهم حدثوا بما أو بقريب مما سمعوه.
ففي هذا أن ابن عمر -رضي الله عنه- في هذا السفر الطويل من المدينة إلى مكة ما حدث بحديث مرفوع، كان حديثه مواعظ وتعليم وإرشادات، وما أشبه ذلك غير هذا الحديث في قصة النخلة وكونها مثلها كمثل المؤمن كما سبق.