إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
فضل الصحابة وذم من عاداهم
12518 مشاهدة print word pdf
line-top
في العراق كثير من المحبين لعلي

ولا شك أن في العراق كثير من المحبين لعلي الذين ألفوه في حياته وأحبوه محبة صادقة، هؤلاء إما أن يكونوا معتدلين في حبه، وإما أن يكونوا من أتباع الغلاة، ولا شك أنهم إذا سمعوا هؤلاء الخطباء يلعنونه على المنبر في العراق وفي الشام يسوءهم ذلك، ويحبون أن يكون لهم أتباع، وأن يكون لهم على ما هم عليه من يشجعهم، فإذا سمعوا ذلك أخذوا في مجالسهم يذكرون فضائل علي ثم دخل بينهم الغلاة، فصار أولئك الغلاة في مجالسهم الخاصة التي هي من مجالس أتباع علي أو المحبين لعلي يكذبون ويغلون بالكذب ويولدون، فبدل أن يذكروا فضائله الصحيحة ومزاياه ومدائحه التي مدحه بها النبي صلى الله عليه وسلم، صاروا يضيفون إلى ذلك أكاذيب ليست بحقيقة.
ولعلي رضي الله عنه فضائل، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن هؤلاء لم يقنعوا بذلك، بل صاروا يزيدون، فصارت مجتمعاتهم التي يجتمعون فيها لا يذكرون فيها إلا فضائل على، فلا يرون من يقتنعون بقولهم، فيكذبون أكاذيب.
فمثلا حديث غدير خم الذي يجعلونه ديدنهم يزيدون فيه، فحديث غدير خم فيه أنه صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي هذا هو الثابت، ولكن لم يقتصروا عند هذا، بل صاروا يضيفون إليه زيادات مكذوبة حتى ألفوا كتبًا في هذا الحديث، وجعلوه بألفاظ عديدة، فقالوا: إنه قال: مَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال مَن والاه، وعاد من عاداه .
وذكروا في أكاذيبهم أن عليًّا مكتوب اسمه على قائمة العرش، وأنه ممن خلقه الله وقرنه باسم محمد أو فضله على خلقه، وأنه وزوجته مكتوبان في غرف الجنة كلها، وأنه، وأنه..، أكاذيب يلفقونها، وهذه الأكاذيب التي يكذبونها ويروجونها إذا سمعها تلامذتهم وأنصارهم أخذوا يروونها، وإذا سمعها الآخرون فماذا يقولون؟ لا شك أنهم يقولون: كيف تكون هذه مزاياه وهذه فضائله ويتقدم عليه غيره؟ ويكون غيره أفضل منه؟ كيف قدم عليه أبو بكر وعمر وعثمان ؟ لا بد أن يكون هو الأفضل، وهو الإمام.

ولما سمعوا تلامذتهم ومن كان حولهم يتكلمون بهذا أرادوا أن يسكتوهم، فقالوا: هلموا فلنكذب أكاذيب نسكت بها تلامذتنا حتى لا ينكروا علينا ما نحن فيه، فكذبوا أكاذيب لفقوها رموا بها أبا بكر وعمر وعثمان وبقية الصحابة، وادعوا أنهم مغتصبون،وادعوا أنهم خونة، وادعوا أنهم ظلمة، فامتلأت كتبهم بالسب والحمل على هؤلاء الصحابة، وهى أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، سببها ومبدأ أمرها التسكيت لأتباعهم حتى لا ينكروا عليهم.
ولما اشتهرت هذه الأكاذيب فيما بينهم اعتقد تلامذتهم كفر أئمة الصحابة، واعتقدوا أن الصحابة ليسوا على هدى حيث إنهم بايعوا غير الإمام الحق،وخلعوا الإمام الحق - وهو علي - من إمامته، وبايعوا أبا بكر وهو مغتصب ظالم، وبايعوا أيضًا عمر وهو ظالم ليس له حق، فجعلوهم بذلك مرتدين، وأبطلوا بذلك فضائلهم التي رُويت في كتب الصحابة، ورواها أئمة الصحابة، وخُرّجت في الصحيحين وغيرهما، وقالوا: إن فضائلهم التي وردت في القرآن بطلت بمجرد ردتهم، بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم، وردتهم أنهم منعوا عليًّا من حقه، منعوا عليًّا من أن يكون هو الإمام، وبايعوا مغتصبًا ظالمًا هو أبو بكر
هكذا كانت أقوالهم، وهكذا رسخت هذه العقيدة في نفوسهم، وتوارثوها وأخذوا ينقلونها في آخر القرن الأول وفي أول القرن الثاني، يتناقلون هذه الأكاذيب ثم ينقلون فضائل علي ويبالغون فيها، وفضائل الحسن وفضائل الحسين وفضائل ابن الحنفية وفضائل زين العابدين وأولادهم، وأحفادهم وأولاد أولادهم، ويكذبون في فضائلهم أكاذيب لا تليق بعاقل ولا يصدقها ذو عقل سليم، ولو قرأتم في كتبهم التي يروونها لعجبتم كيف يصدقون بهذه الأكاذيب، كيف تروج عليهم؟ ولكن سلبت عقولهم، فلأجل ذلك يقول بعض العلماء: إنهم لا خلاق لهم، ويذكرون أنهم ليس لهم عقول، فلا يصدق تلك الأكاذيب إلا من طمست بصيرته.
كل ذلك مذكور في الردود التي ردت عليهم، ولو قرأتموها لعجبتم كيف يصدقون بهذه الأكاذيب، ولا يزالون على هذا المعتقد إلى هذا اليوم وللأسف، مع تفتح الناس وتبصرهم لا يزالون يروون ويتداولون في كتبهم تلك الأكاذيب، حملوا عليها أو أولوا عليها الآيات القرآنية التي وردت في القرآن، فمثلا: ذكر بعض الإخوان أنه اطلع على تفسير كبير موجود عندهم لأحد أئمتهم قرأ قول الله تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فسّر (البحرين) بأنهما عليٌّ وفاطمة مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ علي وفاطمة التقيا، أي: بالنكاح. يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ اللؤلؤ والمرجان هما: الحسن والحسين اللذان خرجا من علي وفاطمة هكذا راجت هذه الأكاذيب بالنسبة إلى مديحهم.

line-bottom