شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
محاضرة بعنوان توجيهات للأسرة المسلمة
5840 مشاهدة
تعليم الأبناء أمور العقيدة في صغرهم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين, صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...
فإني أذكركم، ولست أعلمكم؛ فأنتم -والحمد لله- قد عرفتم, وقد علمتم, وقد تلقيتم معلومات كثيرة من المشائخ ومن الإخوة المواطنين, وذلك مما يكون وسيلة إلى تنوير البصائر, وإلى تعليم الجاهل والغافل، ولكن من باب التذكير؛ يعني تذكير شيء قد علمه الإنسان، ولكن حصل معه شيء من النسيان, أو من الغفلة؛ وقد أمر الله تعالى بالتذكير في قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى يقول العلماء: ذكِّر إن نفعت وإن لم تنفع؛ وذلك لأن النفع أمر خفي.
وقال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ولهذا فإن هاتين السورتين شُرعت القراءة بهما في صلاة الجمعة الجهرية التي يحضرها الجمع الغفير, فشُرع أن يقرأ فيهما جهرا بسورتي: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وبسورة: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ؛ لما فيهما من هذه التعليمات.
فأقول: أُذكركم بما سمعتم في مقدمة المقدم –وفقه الله- وهو العناية بالأسرة، عناية كل مسلم بالأسرة التي تحت يده, وكيف تكون هذه العناية, وكيف يكون مصلحا لمن تحت يده؛ وذلك لأن الإنسان إما أن يُصلح -بإذن الله تعالى وتوفيقه- أهل بيته وأسرته ومن حوله, وإما أن يهملهم, وإما أن يفسدهم، هذا هو واقع الناس.
فنذكر في هذه الأمسية صورا من الذين أصلح الله تعالى بهم مَن تحت أيديهم, وما حملهم على ذلك, وكذلك أمثلة من الذين أهملوا أسرهم, وأمثلة من الذين أفسدوا أسرهم, ونرغِّب في الإصلاح, ونحذر من الإهمال ومن الإفساد.
فأولا: الذين أصلحوا أسرهم هم الذين أولوهم عناية, ولهذه العناية أمثلة، نذكر بعض الأمثلة وبعض أدلتها:
فمن ذلك أمر العقيدة، وهو أن المسئول عن أسرته وعن أولاده يلقنهم في صغرهم أمر العقيدة؛ حتى تقر في نفوسهم, وحتى تمتلئ بها قلوبهم.
كان الآباء فيما نعرف يلقنون الطفل في حالة صغره, وهو في الثانية من عمره أو نحوها: من ربك يا ولدي؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وبأي شيء عرفت ربك؟ ولأي شيء خلقك الله؟ وماذا أوجب الله عليك؟ وما أول شيء فرضه الله عليك؟ وبأي شيء أمرك؟ وعن أي شيء نهاك؟
فيعلم الطفل وهو في هذه السن الصغيرة, فينشأ وقد عرف أن ربه هو الذي خلقه, وأنه خلقه لعبادته, وأنه كلفه وأمره, ويحب هذه العلوم التي نشأ عليها والتي تعلمها, فنقول: إن هذا من أسباب التربية الصالحة والتنشئة الحسنة حتى يكون العبد المسلم موفقا في تنشئة وتربية من تحت يده, وذلك فضل الله.