تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
محاضرة حول توجيهات في العقيدة والأسرة
5611 مشاهدة
العدل بين الزوجات

إذا –مثلا- أن الإنسان تزوج امرأة أخرى؛ فإن عليه العدل بين الزوجتين، ولا يجوز له أن يظلم إحداهما؛ فيضرها، عليه أن يعدل بينهما، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم بين نسائه، يبيت عند كل واحدة ليلة، ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك؛ فلا تلمني فيما تملك ولا أملك .
يعني: القلب، أما القلب والمحبة القلبية فهذه لا يملكها، لا يملكها الإنسان، إنما الذي يملكه هو العدل الظاهر، وهو أن يعطي كل واحدة ليلة يبيت عندها، فإذا بات عند واحدة أكثر؛ فقد ظلم.
وكذلك أيضا النفقة، إذا أنفق عليهن؛ فيسوي بينهن، يعدل بينهن في النفقة، فيعطي كل واحدة حاجتها، وحاجة أولادها من النفقة؛ من الطعام، ومن الكسوة، ومن المتاع، ومن الأثاث، وما أشبه ذلك من الحاجات.
أما كونه يقطع النفقة عن واحدة فإن هذا ظلم، ولو كان لها أولاد يقدرون على الإنفاق عليها؛ فإن النفقة تكون على زوجها، الزوج الذي هو يملك الاستمتاع بها، فإذا كان كذلك؛ فإنه هو الذي ينفق عليها، ويعطيها حاجتها، ولا يظلمها .
لو أسقطت عنه حقها من المبيت؛ فلا بأس، إذا كبرت، وأسنت، وخافت أنه يطلقها، وقالت: لا تطلقني، وأنت مباح في المبيت، لا حاجة لي في أن تبيت معي، ولا أن تجامعني، إذا سمحت بذلك؛ فإن لها الحق، وله حينئذ أن يترك حقها، الذي هو الاستمتاع.
وكذلك أيضا، إذا كان لها دخل، وقالت: لا تطلقني وأنا أسقط عنك نفقتي، كأن يكون لها راتب شهري، أو لها أولاد يكتسبون وينفقون عليها، فمتى أسقطت حقها من النفقة؛ فلا حرج في ذلك والأمر إليها.
فأما أن تكون مطالبة له بحقها؛ فلا يحق له، والحال هذه أن يظلمها، وأن يبخسها حقها إذا لم يكن له حاجة بها؛ فليطلقها، والله تعالى يقول: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ إذا طلقها استغنت، أغناها الله تعالى، إما أن تجد زوجا يعاشرها بالعشرة المعروفة، وإما أن تجد من يغنيها الله تعالى به.