اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
محاضرة حول توجيهات في العقيدة والأسرة
6654 مشاهدة print word pdf
line-top
إضرار أهل الجاهلية بالأنثى

كان من أمر الجاهلية أنهم يقتلون أولادهم، ويقتلون بناتهم؛ أما قتل الإناث فإنهم كانوا يقتلونهم خشية العار، يخشون أن الأنثى إذا كبرت وزنت وحملت؛ أدخلت عليهم من ليس منهم، فيكون ذلك مسبة وعارا، فيقتل بعضهم الإناث، قال تعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ َ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ .
فجاء الإسلام بالنهي عن هذا، وقال: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا قرأها بعضهم: إن قتلهم كان خَطَأً كبيرا.
فبين لهم أن هذا من الجهل، وأن هذا من الخطأ، وأن الله تعالى هو الذي تكفل برزقهم، وهو الذي يرزق من يشاء، ويبسط الرزق لمن يشاء، ويقدره على من يشاء، فهذا من أمر الجاهلية.
كان من أمر الجاهلية أيضا أنهم يضرون الإناث، فكانت المرأة مضطهدة عندهم؛ فلا يعطونها شيئا من الأموال، ولا من التركات، وما أشبه ذلك، ويقولون: إنما يأخذ المال من يقاتل الرجال، ومن يكسب الأموال، فلا يعطون الإناث؛ فجاء الإسلام، وفرض لهن حقا في تركة الآباء، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .
يعني: أولادكم، وأخواتكم لهن حق في التركة؛ فأعطوا كلا نصيبه، كانت المرأة أيضا مضطهدة عندهم يعاملونها معاملة سيئة؛ بحيث إنه إذا مات زوجها؛ أدخلوها في حفش صغير، يمكن أن ارتفاعه قدر متر وسعته قدر متر ونصف أو مترين، تجلس فيه سنة كاملة، في هذه السنة ما تخرج، ولا تشم الهواء، إلا ما يدخل من خلال ذلك الحفش، الذي هو معمول من أعواد، أو نحوها، ثم في هذه المدة أيضا لا تغتسل؛ لا تغتسل طوال هذه المدة، ولا تتنظف، ولا تنظف شعر رأسها، حزنا على زوجها في نظرهم، وإذا انتهت السنة؛ خرجت، ورمت ببعرة على رأس الحول، كأنها تقول هانت علي هذه السنة كسهولة هذه البعرة، ثم إنها تفتظ بدابة، وقل ما تفتظ بدابة إلا ماتت من نتن ريحها، هذا أيضا من إلزامهم للمرأة وإضرارها.
ومن الأمور الجاهلية كذلك أيضا إذا مات الرجل، وله أولاد وله زوجة، ليست هي أم أولاده؛ فإن ولده يحجرها، فإما أن يعضلها حتى تدفع له المهر الذي أخذته من والده، وإما أن يتزوجها بلا مهر فأبطل الله تعالى ذلك كله.
ومع ذلك؛ فإن بعض هذه العادات وجدت في كثير من المسلمين، ظلم المرأة وعدم إعطائها حقها، وكذلك أيضا كان من عادتهم أن الرجل يحجر على المرأة التي هي قريبة له أو نحوها، ويمنعها أن تتزوج بغيره، ولو كرهته، وذلك من أمر الجاهلية، وجد أن كثيرا من العرب لا يورثون الإناث، يحرمونهن من حقهن، ووجد أيضا أن كثيرا منهم يمنعون المرأة أن تتزوج بغير ذلك الرجل؛ فيحجرون عليها إلى أن تتزوج بالزوج الذي يريدونه، وإن كانت كارهة له، فهذا من أمر الجاهلية.
كذلك أيضا وجد أن كثيرا منهم يعضلون النساء، كما قال الله تعالى: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إذا كره الرجل امرأته حبسها، ومنعها من الزواج ومنع حقها عليه، وأضر بها، ويقول: لا أطلقها، ولو بقيت عشر سنين أو عشرين عاما، هذا من أمر الجاهلية.

line-bottom