(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
محاضرة عن القرآن والسنة
8707 مشاهدة print word pdf
line-top
العمل بالقرآن واجب على كل مؤمن


كذلك أيضا العمل بالقرآن كله هو واجب المؤمن، وقد قص الله -تعالى-علينا قصص اليهود والنصارى ونحوهم من الذين أنزلت عليهم كتب على أنبيائهم، ولكنهم إما أن يحرفوا ما أنزل إليهم ويغيروا ويبدلوا فيه، وإما أن يقبلوا بعضه ويردوا البعض، فهذه القصص تحذير لنا ألا ننهج منهجهم، فالذين يسلطون على الآيات تحريفا لفظيا أو تحريفا معنويا لا شك أنهم أشبهوا اليهود في هذا العذاب حيث أخبر عنهم بقوله تعالى: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا فالذين إذا سمعوا آيات الله تتلى عليهم غيروا ألفاظها أو غيروا معانيها ودلالاتها أشبهوا اليهود في هذا التحريف والتأويل.
كذلك أيضا الذين يعملون بالبعض دون البعض يدخلون في قول الله -تعالى- في ذم اليهود أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ لما أنهم قبلوا بعض النصوص من كتابهم وردوا بعضها عاقبهم الله بهذا بقوله: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ وتوعدهم بقوله: فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ هذا جزاء من قبل بعض النصوص ورد بعضها.
البعض الذي يأتيه دليل من كتاب الله أو من سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ثم تراه يقول: هذا سوف نقبله وهذا لا نقبله، لا شك أنه داخل في هذا الوصف، وفي وصف اليهود الذين يقولون: نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا المؤمنون حقا يتقبلون كل ما جاءهم عن ربهم ولا يردون منه شيئا؛ وذلك لأنه من باب واحد، ولأن كله كلام الله أو بيان نبيه -صلى الله عليه وسلم- فمتى استدل عليك أحد بآية من القرآن فعليك أن تقول أهلا بكلام الله وبكلام نبيه، فعلى الرأس والعين نقبل كلام الله ونطبقه ولا نرد شيئا منه، ولو خالف أهل زماننا ولو خالفه أكثر الناس، فإن الحق أحق أن يتبع الحق الذي هو كتاب الله وسنة نبيه أولى بأن يسير عليه المؤمن وبأن يقبله ولا يرده ولا يتأوله ولا يحرفه أو يصرفه عن دلالته، فبهذا يكون حقا من المهتدين بكتاب الله المستدلين به.
كذلك أيضا لا شك أن المعرضين عنه مستحقون للعذاب‌‌‌‌‌‌ المتبعون للثواب اقرءوا قول الله -تعالى- فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى أليس هذا وعيد شديد، وعد لمن اتبع الهدى المراد من قوله: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ -أي من اتبع شرعي الذي شرعته والذي تضمنه الكتاب والسنة- فإنه ضمن الله له ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة بل يكون على هدى وعلى نور يسير عليه، فإن الله -تعالى- سمى هذا القرآن نورا وسماه صراطا سويا لقوله -تعالى- وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أي تهدي وتدل على هذا الصراط الذي دل عليه هذا القرآن الكريم.

line-bottom