اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
مواعظ وذكرى
6284 مشاهدة
الحساب

كذلك أيضا أن فيه الحساب، وفيه الميزان، وفيه الصراط، وفيه تطاير الصحف، وكل ذلك مما يدل على أنه يوم فزع وأنه يوم عظيم، فأما الحساب فقد أخبر الله تعالى بأنه يحاسب عباده، وأنه سريع الحساب، وأخبر بأنه ينشر لكل واحد منهم كتاب فيه أعماله قال الله تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا كل يقرأ كتابه، وأن المجرمين إذا قرءوا كتب الأعمال يقولون: مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا يجدون فيه مثاقيل الذر: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ .
ذكر أن أعرابيا جاء، وأسلم، وأراد أن يتعلم فسمع هذه الآية، وكان ذكيا يعرف الخير والشر، فقيل له: تعلم المواعظ وتعلم التذكير ونحوه فقال: تكفيني الذرتان، أو كفت الذرتان؛ يعني إذا كان الله تعالى يحاسب العبد على مثقال الذرة من الخير ومثقال الذرة من الشر؛ أي أن من عمل أدنى عمل ولو كان شيئا يسيرا فإنه سيجد الأجر عليه، سيجد ثوابه؛ فإن ذلك دليل على أن الإنسان عليه الحرص؛ أن يحرص كل الحرص على أن يعمل الصالحات، وأن يعمل الحسنات التي تكون سببا في سعادته، لا يضيع عليه أية شيء حتى ولو مثقال ذرة.