إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
مواعظ وذكرى
5695 مشاهدة
تذكر الموت

كذلك أيضا بعد هذه الحياة الدنيا ينزل بالإنسان الموت الذي كتبه الله والذي لا بد منه قال الله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ؛ أي كل من على هذه الدنيا يفنى ولا يبقى إلا الله تعالى؛ فيقول سبحانه وتعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ هكذا أخبر بأن جميع المخلوقات كلها لا بد أن يأتي عليها الموت، وأن تفنى؛ كل شيء هالك إلا وجه الله سبحانه .
يتذكر الإنسان أنه ولو كان في قوة، ولو كان شبابا، ولو كان قويا لا بد أن ينقلب هذا الحال بضده، لا بد أنه ينقلب الشباب إلى شيخوخة، تنقلب القوة إلى ضعف، تنقلب الحالة التي أنت فيها إلى ضدها؛ وإذا كان كذلك فإن على الإنسان أن يعتبر ويستعد، ونهايته في هذه الدنيا الانتقال منها إلى الدار الآخرة، أو إلى دار البرزخ التي هي واسطة بين الدنيا والآخرة.
يذكرنا الله تعالى دائما بالموت، فيخبر بأن كل نفس ذائقة الموت: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ أي أن كل إنسان لا بد أن يأتي عليه الموت، وأن ينتقل من هذه الحياة الدنيا، ولكن بعد هذا الموت لا بد أن يعرف مآله. إذا نزل به الموت فقد قامت قيامته فأولا: لا بد أن يستعد للموت، يعرف أنه لا بد أن ينزل به ملائكة يقبضون روحه، وينقلونها إلى البرزخ؛ وردت الأدلة في نهاية المؤمن ونهاية الكافر، فثبت في الحديث قوله: إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة، وانتقال وانقضاء من الدنيا نزلت عليه ملائكة بيض الوجوه، ثم يجلسون منه مد البصر، ويأتيه ملك الموت فيقبض روحه، وإذا قبض روحه أخذها ملائكة الرحمة وكفنوها في حنوط من الجنة وأكفان من الجنة، وأما الكافر فإنه ينزل عليه ملائكة سود الوجوه، فإذا قبض الموت روحه أخذوا تلك الروح الخبيثة وجعلوها في تلك الأكفان من النار .
أما نهاية الجسد فإن الجسد هذا الذي كان يتنعم في الدنيا، ويتنعم بأنواع المآكل والمشارب نهايته أن يكون جيفة بعد أن كان قويا سويا، يدفن في الأرض ليس به حركة ليس بممهد ولا موسد، ثم بعد ذلك يأكله التراب ويأكله الدود، ولكن لا بد في البرزخ من الحساب، ولا بد من الامتحان.