لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
مواعظ وذكرى
7758 مشاهدة print word pdf
line-top
خاتمة في فضل الذكرى

كيف تنفعك هذه الذكرى؟ ما فائدتك إذا تذكرت هذه الأمور؟
فائدتك، أو تستفيد أولا: أنك تعمل للآخرة أكثر من عملك للدنيا؛ فالناس في هذه الدنيا أكثر عملهم في الأمور الدنيوية، فتجده مثلا في كل يوم عشر ساعات، خمس عشرة ساعة، ..يعمل لنفسه وفي ملذاته ونحوها نحو عشر ساعات، يمضي عليه كل يوم عشرون ساعة إما لدنياه وإما لهواه وإما لشهواته، يبقى مثلا ساعات قليلة لعبادة ربه؛ ويتعبد بأداء الصلاة مثلا وبالأذكار والأوراد والقراءة والنصيحة وتعلم الخير والعمل به في وقت قصير، ومع ذلك يزكي نفسه. إذا قيل له: تعلم، أو اعمل، أو قدم عملا صالحا يقول: إنني أحافظ على الصلوات، وإنني أذكر الله، وإنني أقرأ القرآن تستكثر أربع ساعات، أو ثلاث ساعات، أو نحوها تعمل فيها هذه الأعمال، ولا تستكثر عشرين ساعة تقضيها في شهواتك، وفي دنياك وفي راحتك وفي لذة نفسك وما أشبه ذلك، لا شك أن هذا من تزكية النفس.
ثم نقول: إن الذي يتذكر إذا ذكر هو الذي يجدد إيمانه كل وقت، كما أخبر الله بأن: الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وقال الله تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا أخبر بأن الذي يتذكر هم أهل الخشية سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى فالذين يخشون الله تعالى هم الذين يخافونه في كل حالاتهم، المؤمن إذا عرف الله تعالى، وعرف شدة عذابه في الدنيا، وعذابه في الآخرة، وعرف حقوق العباد عليه، وعرف نعمه وفضائله سبحانه، وعرف وعده ووعيده، وعرف نهاية الدنيا ومآلها أنها تفنى، وأن الآخرة هي الدار الباقية ماذا تكون حالته؟ لا شك أنه يخشى الله تعالى؛ فدائما يكون من أهل الخشية؛ أهل الخشية هم أهل الخوف سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ؛ أي الذين يتذكرون الله تعالى هم أهل الخشية.
أهل الخشية: هم أهل الجنة؛ اقرءوا قول الله تعالى: جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ؛ أي هذا الثواب لأهل الخشية الذين يخشون الله، والذين يتذكرون إذا ذكروا؛ فالمؤمن مثلا إذا سمع موعظة في خطبة؛ إذا سمع موعظة في آية من القرآن، إذا سمع موعظة في الأحاديث النبوية، إذا سمع موعظة في مجلس من المجالس، إذا ذكره المذكرون، وإذا وعظه الواعظون؛ فإنه يخشى الله تعالى، ويخافه أشد الخوف وأشد الخشية، ويبتعد عن العذاب ويقرب من أسباب الثواب، هذا هو حقيقة الخشية؛ خشية الله تعالى تكون لها علامات: وهو أنه إذا حدثته نفسه بذنب تذكر وقال: أين الخشية؟ وأين الخوف؟ إذا دفعه هواه إلى معصية، وإلى اقتراف مخالفة وإلى ترك عبادة، أو طاعة تذكر، هذا هو أثر التذكر الذي قال الله: سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى .
والنتيجة أن الذين يتذكرون هم المؤمنون الذين يتذكرون إذا ذكروا هم أهل الخشية، وأن لهم علامات، علامات المؤمنين، وعلامات أهل الخشية الذين يقبلون الذكرى من علاماتهم: ألسنتهم دائما تلهج بذكر الله؛ حتى ولو كانوا في أعمالهم وفي مصالحهم وفي منازلهم.
علامة ثانية: قلوبهم وجلة؛ أي دائما. وقلوبهم وجلة؛ يعني خائفة من عذاب الله سبحانه وتعالى.
كذلك أيضا إذا كانت قلوبهم وجلة فإنهم يبتعدون عن الحرام، ويفعلون الحلال، من علامات أهل الخشية ومن علامات أهل الإيمان محافظتهم على العبادات؛ فتجدهم يسارعون إلى الصلوات، ويحافظون على الجماعات، ويتقربون إلى الله تعالى بأداء هذه الصلوات في مواقيتها، وإذا أدوا الصلاة فإنهم يحرصون على أدائها كاملة، أن يؤدوها بخشوعها وخضوعها والتذلل فيها؛ يؤدونها بحضور قلب يؤدونها وهم راغبون في الأجر خائفون من الوزر، يؤدونها وهم مؤمنون بأنها عبادة يخشعون فيها ويخضعون ويتواضعون لله، يؤدونها بإيمان وبصدق بأنها فريضة الله التي فرضها على عباده، والتي من أداها صادقا مخلصا فإن له الأجر.
كذلك أيضا من علامات أهل الخشية، ومن علامات أهل الإيمان الذين يتذكرون أنهم يؤدون الحقوق التي أوجب الله تعالى عليهم في أموالهم، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ؛ فيزكون أموالهم ويطهرونها بما أمر الله، وكذلك يتقربون إلى الله تعالى بما يقدموا من أموالهم، ما يكون أجرهم مضاعفا عند الله؛ لأنهم يصدقون أن ربهم أمرهم بهذا الحق الذي هو الصدقة والنفقة في وجوه الخير، وأن ربهم سبحانه يضاعف لهم ذلك أضعافا كثيرة. هذا من آثار التصديق.
كذلك من آثار تصديقهم، من آثار الخشية ومن آثار الإيمان والتقوى كثرة الأعمال الصالحة؛ يعني التقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة التي يحبها الله تعالى والتي يأمر بها.
من آثار التذكر، ومن آثار الخشية والإيمان ترك المحرمات صغيرها وكبيرها، ترك المعاصي؛ فالمعاصي معاص باللسان، ومعاص بالعينين، ومعاص بالقلب، ومعاص باليدين، أو بالرجلين، أو بالفرج، أو بالبطن معاص في المكاسب، ومعاص في الأنكحة، ومعاص في النظر وما أشبه ذلك وكلها يؤمن المؤمن ويوقن بأنها محرم، وأن الله تعالى رتب عليها العذاب؛ فالذي يؤمن بمبدأ خلقه، ويؤمن بنهايته وبنزول الموت به، يؤمن بعذاب البرزخ؛ بعذاب القبر، أو بنعيمه، يؤمن بالبعث بعد الموت، يؤمن بيوم القيامة وما يكون فيه، يؤمن ويصدق بالجنة والنار كيف مع ذلك يعصي ربه ولو بمعصية صغيرة؟! بل يبتعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها؛ فلا ينظر إلى ما حرم الله عليه من الصور ومن المناظر المحرمة: كالأفلام والصور الفاتنة وما أشبه ذلك، ولا ينظر إلى الدنيا نظر غبطة يمتثل قول الله تعالى: وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ؛ بل ينظر إلى ما أمره الله به نظر موعظة ونظر تذكر، كما أمر الله بذلك في قوله: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ نظر عبرة.
كذلك أيضا يصون أذنيه فلا يستمع إلى ما حرم الله، لا يستمع إلى الأغاني؛ إلى أشرطة الغناء، ولا إلى الكلام المحرم وما أشبه ذلك. كذلك أيضا يصون لسانه فلا يتكلم إلا بخير؛ يصون لسانه عن الغيبة وعن النميمة وعن القيل والقال الذي لا فائدة فيه، يصون لسانه عن السباب والشتم والعيب والقذف واللعن، يصون لسانه عن الإفك والزور والقذف وما أشبه ذلك، يعلم أن ذلك مما حرمه الله عليه، وأنه إذا تكلم بهذه الكلمات كتبت في صحائف أعماله: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ .
كذلك أيضا يصون فرجه؛ فلا يفعل الوطء ونحوه إلا إذا أباحه الله تعالى، يحفظ فرجه عما حرم الله، يمتثل قول الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ .
كذلك أيضا يحفظ ماله؛ فلا يدخل في ماله كسبا حراما ولا كسبا مشتبها، يعرف المكاسب المباحة التي أحلها الله تعالى فيقتصر عليها. كذلك أيضا يحفظ بطنه؛ فلا يأكل إلا شيئا من الحلال، إذا أراد أن يأكل لقمة، أو أكلة يتفقد ما مصيرها، ومن أين جاءت، وهل هي من كسب طيب، أو من كسب حرام، أو من كسب مشتبه؟ يتذكر أن: كل لحم نبت على السحت فالنار أولى به اللحم؛ يعني الجسد، كل جسد نبت لحمه على السحت؛ يعني على الحرام فالنار أولى به؛ فيصون نفسه عن ذلك، فبهذا يكون صحيحا أنه ممن تأثر بالموعظة، وتذكر بما أمره الله تعالى أن يتذكر به، ويكون من المؤمنين الذين قال الله فيهم: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ .
هذه موعظة ونثق -إن شاء الله- بأن إخواننا على يقين من هذه المواعظ، ومن هذه التذكيرات وأنها، أو أصولها موجودة في كلام الله تعالى وفي كلام نبيه -صلى الله عليه وسلم- ولكن من باب الموعظة، ومن باب التذكير، والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
س: الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربه واهتدى بهداه.
أسأل الله أن يثيب شيخنا، وأن يرفع درجاته في الجنة، وأن يجمعنا كما جمعنا في هذا البيت الطيب أن يجمعنا بكم وبه في جنة عرضها السماوات والأرض. أيها الإخوة قدم الإخوان في الله بعض الأسئلة، ولو أنها لا يكون لها ميدان إما لضيق الوقت وإما لكثرة الأسئلة وإما أن بعض الأسئلة متكررة.
فهنا سؤال يقول: أسأل الله أن يرفع قدرك وأن ينفع بعلمك، نحن في زمن كثرت فيه الفتن ونطق الرويبضة، وظهر الشح المطاع، والهوى المتبع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وترك الجهاد ..ورضي بالزرع فما توصينا به أمام هذه الفتن، وما هي عوامل الثبات؟
الحمد لله. الفتن لا شك أنها ابتلاء من الله تعالى؛ ليظهر من يصبر ومن يفتتن، ليظهر من يثبت ومن لا يثبت. ففتن الشبهات هي التي يروجها الكفار الملاحدة، يشككون في العقيدة، ويشككون في البعث، ويشككون في الجنة والنار، ويشككون في الرب، ويشككون في العبادة فهذه من الفتن، والواجب نحوها أن يعتقد المسلم العقيدة السليمة، وأن يجزم بصحة ما ورد في كتاب الله وفي سنة رسوله، وألا يلتفت إلى تلك الشبهات وإلى تلك الأقوال التي ينشرونها في الإذاعة، أو ينشرونها في الصحف، أو يطبعونها في كتب، أو يرسلونها على ألسنة دعاتهم. يأتي بها دعاتهم يهودي نصراني مجوسي إلحادي علماني؛ يأتي إلى المجموعة فيشككهم، يأتي إليهم فيدعوهم إلى تغيير دينهم وإلى عقيدتهم؛ فننصح بتجديد العقيدة في كل حين، وننصح بكثرة قراءة القرآن وقراءة كتب التفسير التي هي من تفاسير أهل السنة.
الرويبضة الذي يتكلم في هذا: هم الأشخاص الخاملون الذين لا قدر لهم، ولكن رأوا مجالا فتكلموا، ثم جاءوا بالشبهات، وجاءوا أيضا بالفتن التي هي فتن الشهوات، ودعوا إليها فهذا يدعو النساء إلى أن يخرجن متبرجات، وهذا يدعو إلى الاختلاط بين الرجال والنساء، وهذا ينشر صور الرجال والنساء مجتمعين في صحيفة أو في ورقة، أو نحو ذلك، وهذا يدعو إلى النظر في تلك الأفلام الخليعة وما أشبهها، وهذا يدعو إلى تزيين المسكرات وتزيين شرب الخمور وما أشبهها، لا شك أن هذه من الفتن؛ أي من فتن الشهوات.
فنقول في هذه الحال: على المسلم أن يقنع بما أمر الله به، وعليه أن يحرص على التمسك بدينه وأن يعرف أن هذا ابتلاء وامتحان من الله تعالى؛ ليظهر المخلص وليظهر الصادق من غيره، فمن كان مؤمنا صادق الإيمان قنع بما أعطاه الله تعالى، ولم يلتفت إلى هذه الأمور، وابتعد عن هذه المشككات؛ فنجا بنفسه فلا يدخل بيته شيئا من هذه الأجهزة من هذه الدشوش وما أشبهها، ولا من هذه الأفلام الخبيثة ونحوها، ولا مما يجتذب هذه القنوات الفضائية التي تدخل عليه الشر، وتشككه وتشكك أهله في الخير، وتوقعهم في الشرور وما أشبهها، ولا يسمع أيضا إلى إذاعات تنشر الشر، أو تبثه وتمكنه، وهكذا فمن كان كذلك فإنه على سبيل النجاة.
كذلك أيضا لا يقتصر على نفسه؛ بل يحذر أخاه ويحذر من أخيه ويحذر جاره وقريبه وصديقه وأحبابه وجيرانه، ومن كان يقبل منه فينصحهم ويقول: احذروا من دعاة الضلال، احذروا من دعاة الشرور؛ فإنهم يدعونكم إلى أن تكونوا مثلهم، لما أنهم وقعوا فيما وقعوا فيه من هذه الشرور من هذه المسكرات، أو هذه المخدرات، أو هذا الدخان مثلا، أو وقعوا في هذه الفواحش، أو ما أشبهها أحبوا أن تكونوا مثلهم، ودعوكم إلى أن تقعوا فيما وقعوا فيه؛ حتى تكونوا أسوة بهم، فيكون لهم أسوة ولهم من يشاركهم في هذا؛ الحذر الحذر من أن تصغوا إلى دعاة الضلال؛ حتى تنجو بأنفسكم وتنجوا إخوانكم.
س: فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل القرض قرض صندوق التنمية العقاري دين ذمة؛ حيث الرهن للعقار لصالح الصندوق أفيدونا مشكورين؟
في الذمة ولكن القرض قد رهن العمارة؛ فتعتبر وثيقة له، فإذا مات الميت فإن الرهن باق في هذه العمارة والورثة هم المطالبون بأن يسددوا ما بقي من الأقساط؛ أقساط البنك، فيكونون هم المخاطبون وتبرأ ذمة الميت.
س: يقول: بعض الوعاظ يقول: إنه لا يجوز للإمام قبل التكبير أن يقبل على المصلين بوجهه لنظر الصف فما دليل هذا المتكلم جزاه الله خيرا؟
هذا غير صحيح؛ كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسوي الصفوف ويقول: حتى كأنما يسوي بنا القداح ؛ يعني الإقبال بوجهه يا شيخ على الصف الإقبال بوجهه معه.. فمعنى ذلك أنه يلتفت إليهم ويقبل عليهم وينظر إليهم فيسويهم؛ حتى لا يتقدم أحد فكان يقول: أقيموا الصفوف ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم فيقول: إن إقامة الصف من تمام الصلاة يقول الراوي: التفت مرة فرأى رجلا باديا صدره فقال: لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم ؛ فدل على أنه يقبل عليهم وأنه ينظر إليهم فيسويهم ويقول: تقدم يا فلان، وتأخر يا فلان هذا دليل على أنه كان يقبل عليهم وينظر إليهم.
س: يقول: فضيلة الشيخ، ما رأيك في طريقة صرف النقود، كالواحد يعطي خمسمائة، ويقول الذي يريد أن يصرف له: ما عندي إلا أربعمائة أعطيك أربعمائة، وتعود علي مرة ثانية، ويبقى عنده مائة، هل هذا جائز أم لا؟
جائز؛ وذلك لأنه نقد واحد، لأنها اسمها نقود ورقية، عملة سعودية فلا حرج في صرف بعضها ببعض ولو لم يحصل التقابض؛ لأنها شيء واحد أنت مثلا: لو بعت خمسا من الغنم كل واحدة بخمسمائة، أعطاك عن واحدة ورقة واحدة، وأعطاك عن واحدة ورقتين ونصف من فئة مائتين ومائة، وأعطاك عن واحدة خمس ورقات من فئة مائة، وأعطاك عن الأخرى عشر ورقات من فئة خمسين فإنك تقبلها.
أما إذا كان الصرف بغير العملة السعودية فلا بد من التقابض، فإذا صرفته الخمسمائة بريالات يمنية، أو بريالات قطرية، أو بدولارات أمريكية، أو بدنانير بحرينية، أو ما أشبه فلا بد من التقابض فلا تتفرقوا إلا بعدما تتقابضوا؛ لأن هذا بيع نقد بنقد مخالف له.
س: يقول: هل يخلد أحد في النار من أهل التوحيد ولو كان يقع في الكبائر، وهل الكبائر بريد الكفر، أو بريد النفاق؟
الكبائر بريد الكفر هكذا ورد في بعض الآثار، لا شك أن الكبائر إذا كانت دون الشرك؛ فإن أصحابها تحت المشيئة إما أن يغفر الله تعالى لهم ويدخلهم الجنة على أول وهلة، وإما أن يدخلهم النار فيعذبون فيها بقدر ذنوبهم، فمنهم من يبقى ألف سنة، ومنهم من يبقى مائة سنة، ومنهم من يبقى أشهرا قليلة، أو أيام قليلة ويحترقون في النار، كما ورد أنهم يخرجون من النار بعدما يصيرون حمما -أي كالفحم محترقين- ويلقون في نهر يسمى نهر الحياة، وأنهم ينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم بعد ذلك يدخلون الجنة؛ أي بعدما يعذبون على سيئاتهم.
س: يقول: من الأقارب رجل يعمل عسكريا وعليه دين وهو .. ومستأجر . فهل يستحق الزكاة؟
يستحق الزكاة؛ حتى يوفي دينه، ولتكميل نفقته ولو كان عسكريا إذا كان دخله راتبه لا يكفيه لوفاء الدين، ولا يكفيه لنفقة عياله.
س: رجل صلى بالجماعة فتذكر في الصلاة أنه لم يكن على طهارة، فهل يقطع الصلاة مع العلم أنه قد صلى ركعة، أم يكمل الصلاة ويخبر المصلين بأنه لم يكن على طهارة ويعيد الصلاة؟
يقطع الصلاة إذا كان إماما فيجتذب واحدا من خلفه، فيأمره أن يكمل بهم، وإذا كان مأموما انصرف وتوضأ وأعاد الصلاة.
س: يقول: فيه رجل كان يصلي في السنة ثلاثة شهور، وباقي السنة يتركها تهاونا وكسلا، وتوفي الرجل، وأوصى ولده بأن يحج عنه، ويضع له سبيل ماء من ماله ويتصدق عنه، فهل يجوز للولد أن ينفذ هذه الوصية؛ حيث إنه لا يصلي أحيانا، وجزاكم الله خيرا؟
فعليه أن ينفذها وهو تحت المشيئة، لا شك أن عمله عمل كفري، وإن كان كفرا عمليا ولكن عليه أن ينفذ وصيته لعل الله تعالى أن يرحمه.
س: يقول: أتيت أصلي مع الجماعة وهم قد صلوا ركعة واحدة، فدخلت معهم الصلاة فلما سلم الإمام سلمت معه، وتذكرت الركعة الفائتة فهل أعمل الركعة، وأسجد سجود السهو، وأقول: سبحان الذي لا ينسى ولا ينام أم ماذا؟
إذا تذكرت فإنك تقوم وتأتي بالركعة التي فاتت ثم تسجد سجدتين مثل سجود الصلاة، ولا يلزم أن تقول: سبحان الذي لا يسهو ولا ينسى؛ بل تقول: سبحان ربي الأعلى كما في السجود.
س: نريد أن تبين لنا القيام على القدرة في الصلاة؛ القيام مع القدرة، وهل المسجد إذا كان بعيدا يدخل القيام مع القدرة، إذا كان الإنسان لا يستطيع، أو يعني من مرض، أو غيره؟
نعم. الإنسان القادر عليه أن يصلي واقفا، ولا يجوز أن يصلي وهو قاعد إلا إذا عجز؛ إذا عجز لكونه مريضا، أو لكونه كبيرا فيشق عليه القيام صلى وهو جالس، وإذا صلى جالسا فإنه يشير بالركوع؛ فيحني ظهره عند الركوع، ثم يسجد إن قدر على السجود، وإن لم يقدر أشار بالركوع والسجود، وجعل السجود أخفض من الركوع، فإذا قدر فإنه يلزمه أن يقوم ويصلي قائما، هذا معنى القيام مع القدرة؛ يعني الوقوف في الصلاة.
وأما الصلاة في المنزل فلا تجوز إلا إذا لم يكن هناك مسجد، أو كان المسجد بعيدا، وليس عنده مثلا سيارة يخشى أنه إذا ذهب على قدميه تفوته الصلاة قبل أن يصل إلى المسجد، فإن كان إذا أذن وسار على قدميه، وصل إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة فلا تسقط عنه صلاة الجماعة، وإن كان عنده سيارة، أو عند أحد جيرانه، وبينه وبين المسجد مثلا خمس دقائق، أو عشر دقائق بالسيارة فلا تسقط عنه صلاة الجماعة.
س: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا موظف في قطاع وفيه شخص آخر يريد أن يناقلني؛ أي أنقل أنا من قطاعي إلى قطاعه وهو ينقل في قطاعي ويعطيني هو مبلغا من المال مقابل النقل فهذا المبلغ حلال؟
لا بأس بذلك مقابل أنك تنازلت، ونفعته، وانتقلت من مكانك الذي تحبه لا مانع من أخذ ذلك مقابل أنك تركت بلادك التي تريدها وتألفها مقابل أنك رخصت له في هذا.
س: يقول: ما رأيكم في هذه الأجهزة التي توجد في المحلات الكبار، وهي على القسام؛ أي عندما آخذ أغراضا من هذا المحل يكون الحساب عن طريق هذه الآلة؛ أي أنني لا أعطيه أي مبلغ نقدي فما رأيكم؟
لا بأس بذلك إذا قالوا: إن الثمن الذي تأخذ به تدفعه إلى المكان الفلاني، أو تحاسبه في الفرع الفلاني، أو يعطونك مثلا ورقة فيها كشف حساب ثم تدفعه إلى صاحب الآلة وما أشبهه.
س: امرأة تقول: إنها صلت الفجر ثلاثة أيام وهي عليها جنابة ولم تغتسل؛ لأن عليهم برد وهي جاهلة ماذا عليها؟
إن كان البرد شديدا إذا اغتسلت مرضت، أو ماتت من شدة البرد، وليس عندها ما تسخن به الماء فهي معذورة، وإلا فلا بد أنها تعيد الصلوات إذا كانت قادرة على الاغتسال ولا ضرر عليها؛ فالأصل أن المياه متوفرة وأن السخانات في البيوت موجودة؛ وكذلك النار أي يقدرون أن يوقدوا حطبا، ويسخنوا الماء فلا عذر لأحد أن يصلي وهو جنب.
س: يقول: هل الكافر يمر على الصراط أم إلى النار رأسا؟
لا يمر؛ بل إلى النار كما ورد أن أهل النار مثلا يحشرون إليها في قول الله تعالى: وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا .
س: يقول هذا: بعض الناس يعضل ابنته ولا يزوجها، وما حكم حجر البنت ومنعها من الزواج بمن تريده، بحجة زواجها بابن عمها؟
لا يجوز لولي البنت؛ أبيها أو أخيها ونحوهم أن يمنعها من الزواج إذا تقدم إليها كفء كريم؛ ورد في الحديث: إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير فالذين يحجرون النساء، يحجر بنت عمه، أو بنت ابن عمه، أو ما أشبه ذلك ... ويقول: لا تزوج إلا أنا، هذا من الضرر وهذا من أمر الجاهلية؛ بل أنها لا تزوج إلا بمن تريد، فإن رضيت قريبها هذا ابن عمها، أو ابن عم أبيها، أو نحو ذلك فلها أن تتزوجه، وإلا فلا يجوز أن يحجر ولا يجوز أن يمنع غيره ممن هو كفء فيضرها بغير حق.
س: ما حكم مصافحة الرجال للنساء الأجنبيات ؟
حرام؛ لا يجوز أن يمس بيده يد امرأة أجنبية ولو كانت بنت عمه، أو بنت خاله ولو كانت زوجة أخيه، أو أخت زوجته وما أشبههم؛ بل كلهن أجنبيات يسلم عليهن وهن متحجبات متلففات بأكسيتهن سلاما كلاما.
س: من العادات المنتشرة من بعض الناس ضرب المعفي، وهو ينتقل من قبيلته لأن المعتدي منهم؟
لا يجوز قال الله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى فالوزر تحمله القاتل، أو المعتدي فهو الذي يقتص منه وهو الذي يؤخذ منه الحق للمعتدى عليه، فأما أخوه المعفي، أو قريبه فالاعتداء عليه حرام، على المعتدى عليه المظلوم أن يتقدم إلى الدولة وإلى الإمارة وإلى المسئولين حتى يحضروا ذلك المعتدي عند الشرع؛ فيأتوا به من مكانه ولو كان قد تحصن ولو كان قد فر وهرب؛ يأتوا به بما لهم من القدرة ويحضروه عند القاضي والقاضي يحكم بالقصاص، أو يحكم بالشرع الذي يراه.
س: يقول هنا: إني قد رأيت في المنام رجلا قد توفي يشرب الدخان، وإني قد سألته في المنام لماذا تشرب الدخان؟ قال: ما أدري وأن الرجل صاحب طاعة فيما نرى؟
هذا فيما يظهر أنه من حديث النفس؛ فالإنسان قد يحدث نفسه بشيء في اليقظة، ثم يتصور له ذلك من غير أن يكون حقيقة يحسن الظن بهذا الميت الذي يعلم أنه رجل صالح، ولا يضره –إن شاء الله- ما رأى.
س: يقول: بعض الناس يعرفون بحق القبيلة مقطع الحد، ويذهبون له يتخاصمون عنده ويتركون حكم الشرع؛ لقناعتهم بأنه يعرف سلوك القبيلة، ويحكم بينهم ويصدرون قانعين بحكمه؟
الشرع هو المقدم، والقضاة لا يردون أحدا؛ فنرى أنه لا يجوز الحكم بأسلوب القبيلة؛ بل إذا حصلت خصومة، أو نزاع، أو نحو ذلك يترافعون إلى القاضي، والقاضي يحكم عليهم بالشرع؛ لقوله تعالى: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ فإذا كان فيهم أحد يخاف أنه يعتدي ولا يرضى بحكم الشرع فإن على المعتدى عليه المظلوم أن يرفع بأمره؛ حتى يحبس ويسجن ويمنع من العدوان ومن الظلم ومن الاعتداء على المعفين.
س: يقول: نريد مثالا على المعاصي التي في القلب يحفظكم الله ويرعاكم؟
معاصي القلب مثل الحسد والبغض ومثل الشك والرياء في الأعمال وما أشبهها، هذه لا يطلع عليها إلا الله تعالى؛ فالحسد فيما بين الناس؛ يعني قد يضمر في قلبه حقدا وحسدا، كذلك البغض كونه يبغض مسلما بغير حق، وكذلك الكيد كونه يكيد له وهكذا الأعمال التي بينه وبين الله كالرياء والنفاق وما أشبه ذلك.
س: يقول: أنا كنت مسافرا فدخل وقت صلاة الظهر، فنويت الجمع والقصر مع صلاة العصر، فهل أصليها أربع ركعات مرة واحدة بإقامة واحدة، أو أصليها بإقامتين وركعتين للظهر وركعتين للعصر؟
تصليها بإقامتين، أو تصلي كل واحدة ركعتين؛ تقيم وتصلي الظهر ركعتين، ثم تقيم وتصلي العصر ركعتين.
س: يقول: يحصل في حفلات الزواج آلة تصوير، ويصورون الحاضرين في الحفلة، وكذلك يدخل المتزوج مع بعض الحوش على نساء الراقصات وهم كاشفات، ومعه عدد من أقاربه ما نصيحتكم لهذا؟
لا يجوز هذا التصوير؛ لا يجوز لا تصوير الرجال ولا تصوير النساء ولا تصوير العروسين؛ لأن هذا إما نشر لهذا بين الناس، وإما أنه عمل لا يجوز، كذلك أيضا لا يجوز أن يتكشف النساء أمام الرجال حتى ولو كان الزوج، فإذا دخل عليهن الزوج فعليهن التحجب والتستر والاحتشام ولا يبدين شيئا من زينتهن إلا لمن أباح الله ذلك كالمحارم، وعلى أولياء الأمور أن يمنعوهن، على كل رجل أن يمنع امرأته أن تذهب إلى هذه الأماكن التي يحصل فيها هذا التكشف، وهذا التعري أمام الزوج، أو أمام بعض الرجال، أو كذلك تحصل فيها هذه الأجهزة أجهزة التصاوير؛ حتى لا تنشر صورة لامرأتك فيقال: هذه صورة فلانة، أو نحوها فتقع في ذلك فتنة، أو أمر محظور. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

line-bottom