شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
نوافل العبادات وأنواعها
9311 مشاهدة
من العبادات الفعلية: الصدقة

وعبادة ثالثة: وهي النفقة، والصدقة. وهذه تكون لمن أعطاه الله فضلا من المال ورزقه؛ فإنه تعالى يُحِبُّ من عباده أن يعطوا مما أعطاهم الله، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن: الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وأن الصدقة تدل على صدق صاحبها، وأنها تقع موقعا، وتُضَاعَفُ عند الله أضعافا كثيرة، قال الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ .
رغب -صلى الله عليه وسلم- أيضا في إخفاء الصدقة، وذكر الذين يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّه، وقال: رجل تَصَدَّقَ بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
وسَمَّى الله تعالى هذه الصدقة قَرْضًا في قوله تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ؛ مع أن الله تعالى غني عن عباده؛ ولكن امتحنهم، لَمَّا أعطاهم مالا أمرهم بأن ينفقوا منه في وجوه الخير، فيتصدقوا على المساكين والفقراء، ويتصدقوا –أيضا- على المستحقين من ذوي الحاجات، من ذوي القربى وغيرهم. وكذلك أيضا يتصدقون مما أعطاهم الله تعالى فيما يُحِبُّهُ الله في الدعوة إلى الله، وفي الجهاد في سبيله، وفي عمارة المساجد والمدارس وما أشبهها؛ وبذلك يكونون قد عبدوا الله تعالى بهذه العبادة التي فرضها أو فرض جنسها.
معلوم أن المسلمين يعرفون وجوب الزكاة في أموالهم، أن الله افترض عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم؛ ولكن مع ذلك رَغَّب في إكثارهم من هذه الصدقة زيادةً على الفريضة، وهي صدقة التطوع الزائدة على ما فرضه الله، أما الفريضة فلا يَحِقُّ لمسلم أن ينكرها أو يجحدها أو يبخل بها.
لما أمر الله تعالى بالنفقة رَغَّبَ في النفقة من فاضل المال ومن أفضله في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ أي: تَصَدَّقُوا من طيبات أموالكم، ولا تَصَدَّقوا بما لا فائدة فيه؛ أي لا تتصدقوا –مثلا- بالْخَلِق من الثياب البالي، أو بالتمر الذي قد فسد؛ بحيث لا يأكله إلا الدواب أو نحو ذلك؛ بل تصدقوا بالطيبات التي تصطفونها لأنفسكم، وتأخذونها إذا أعطيتموها.
ويأمر الله –أيضا- بالنفقة قبل أن يأتي اليوم الذي يُحْرَمُ فيه الإنسان من التصرف في ماله، كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ فهذه من العبادات المالية، وهي عبادة بدنية؛ لأن الإنسان يكتسب المال ببدنه، وكذلك ينفقه بنفسه. فنتواصى بمثل هذه العبادة البدنية التي يحبها الله تعالى.