لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
نوافل العبادات وأنواعها
8452 مشاهدة
من العبادات الفعلية: الصلاة

نذكر بعد ذلك –باختصار- أربع عبادات فعلية –أي- من الأفعال، فنقول:
العبادات الفعلية: منها عبادة الصلاة وما يلحق بها. هذه الصلاة لا شك أنها عبادة أفعال، وفيها –أيضا- أقوال؛ فإن فيها التكبير، والتسبيح، والقراءة، والدعاء في داخلها؛ ولكن مظهرها أنها عبادة فعلية.
الإنسان –مثلا- يتوضأ؛ أليس هذا طاعة؟ عبادة؟ وضوءك وطهارتك يُعْتَبَرُ عبادة. كذلك أيضا مسيرك إلى المسجد، وخطواتك هذه عبادة –يعني- من الأفعال التي أمرت بها، ويثيبك الله تعالى عليها.
جلوسك وانتظارك لإقامة الصلاة هذه من الأفعال، يثيبك الله عليها، قيامك عند الإقامة، وكذلك رفع يديك بالتكبير، ووضع يديك على صدرك عند الوقوف، وقيامك وانتصابك قائما.. هذا من الأفعال.
ركوعك وانحناؤك في هذه العبادة يُعْتَبَرُ –أيضا- فِعْلًا وطاعة لله، سجودك –أيضا- هاتين السجدتين، جلوسك بين السجدتين، جلوسك في آخر صلاتك للتشهد.. هذه أفعال –يعني- حركات، وهذه الحركات التي تحرك يديك، أو تحرك رأسك، أو تحرك ظهرك، أو تحرك قدميك.. هذه عبادات، لك أجر عليها إذا صلحت النية، وإذا وافقت ما أمرك الله به، فيحتسب المسلم في هذه العبادة، ويتقرب بها إلى الله تعالى.
معلوم أن المسلمين يعتقدون أن الله فرض عليهم هذه الصلوات الخمس، وأنها ركن من أركان دينهم، وأنها عمود الإسلام؛ فلذلك يهتمون بها، ويحافظون ويواظبون عليها؛ ولكن مع ذلك عليهم أن يتزودوا من الصلوات التي هي من جنس هذه العبادة؛ فإنها محبوبة عند الله تعالى، وفيها أجر كبير، في حديث كعب بن ربيعة -رضي الله عنه- قال: كنت أخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: سَلْ حَاجَتَكَ، سَلْ. فقلت: أسألك مرافقتَكَ في الجنة. فقال: أَوَ غَيْرَ ذلك؟ قلت: هو ذاك. فقال: فَأَعِنِّي على نفسك بكثرة السجود أي: بكثرة الصلوات. –أي- النوافل.
وإذا كانت الصلاة مما يحبها النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني: جنس الصلاة؛ فإن المسلمين –أيضا- يحبونها، ويكثرون منها، في قوله -صلى الله عليه وسلم- جُعِلَتْ قرة عيني في الصلاة ويقول: الظمآن يرْوَى، والجائع يشبع، وأنا لا أشبع من الصلاة ويقول لـبلال أَرِحْنَا بالصلاة يعني: عَجِّلْ بها حتى نريح بها قلوبنا وأجسادنا.
وهكذا أيضا الكثير، والكثير من السلف الصالح كانوا يحبون هذه الصلاة، وكانوا يستكثرون من قيام الليل، ومن طول القيام، يحبون ما يحبه الله تعالى منهم، ويتلذذون بهذه العبادة. فنتواصى بالإكثار منها، فعليك –مثلا- أن تتقدم قبل الإقامة بربع ساعة أو نحوها؛ حتى تتمكن من أداء صلاة قبل الإقامة، قبل المغرب، قبل العصر، قبل الظهر قبل العشاء، قبل الفجر، وبالأخص الرواتب التي كان النبي محمد -صَلَّى الله عليه وسلم- يُوَاظِبُ عليها، فكان يواظب على أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وندب إلى أربع بعدها، ويواظب على ركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر.
وحَثَّ على الإكثار من الصلاة، ورَغَّبَ –أيضا- في الصلاة قبل المغرب، فقال: صَلُّوا قبل المغرب ركعتين ثم قال: لمن شاء ؛ مخافة أن يُعْتَقَد أنها واجبة، وقال: رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا .
وكذلك ورد الترغيب في صلاة الليل، ومدح الله المتهجدين في قوله تعالى في مدح عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وإذا كانت هذه الصلاة مما يحبها الله تعالى؛ فعلينا أن نكثر من قيام الليل، وكذلك أداء هذه النوافل، ورد عن بعض السلف أنه قال: من كثرت صلاته بالليل حَسُنَ وجهه بالنهار. يعني: يرزقه الله تعالى نورا وإشراقا، إذا كان ممن يُحِبُّ صلاة الليل، ويكثر منها.
وكذلك من كثرت تعبداته بالصلاة، يعني: مَنْ واظب على كثير من هذه العبادات، كان كثيرٌ من السلف يصلون غير الفرائض كل يوم غير التهجد نحو اثنين وثلاثين ركعة، فَيُصَلُّون ست ركعات قبل الظهر، وسِتًّا بعدها، هذه اثنتا عشرة. وأربعا قبل العصر، هذه ست عشرة. وسِتًّا بعد المغرب، وسِتًّا بعد العشاء، وركعتين قبل المغرب، وركعتين قبل الفجر؛ فيكونون يحافظون على ثنتين وثلاثين، زيادة على صلاة الضحى.
ورد في الحديث أن: من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة وكان -صلى الله عليه وسلم- يُرَغِّبُ في صلاة ركعتين في الضحى، فإذا استطاع وصلى أربعا فهو أفضل، فإن زاد فهو أفضل، وأكثر ما ورد اثنتا عشرة ركعة في ست تسليمات، فيها هذا الأجر الكبير، وما ذاك إلا أن وقت الضحى هو الوقت الذي يغفل فيه الناس، وينشغلون بدنياهم وبحاجاتهم، كما أن الليل وقت ينامون فيه، أو يشتغلون فيه بشهواتهم وبحاجاتهم. فإذا تفرغ العبد في وقت الضحى، وفي آخر الليل وتهجد كان له أجر كبير، وثواب عظيم. هذه من العبادات البدنية.