جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
محاضرة في أحكام التصوير
5516 مشاهدة
حكم الإسلام في التصوير بالآلات

وبقي أن يقال: ما حكم هذا التصوير بالآلات التي هي آلة ما يسمى بالأجهزة الجديدة التي تختطف الصور؛ الكاميرا وما أشبهها؟
فمثل هذه كان مشائخنا الأولون يدخلونها في عموم النهي، وقد أفتى شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- في أنها من الصور المنهي عنها، وأنها لا تجوز. ولما اشتهرت فتواه اعترض عليه أحد المعترضين، ورد عليه في كتيب بعنوان الرد على فضيلة المفتي محمد بن إبراهيم في منعه للتصوير.
كان التصوير في ذلك الوقت يحتاج إلى عمليات؛ ما يسمى بالتحميض وما أشبهه؛ فذكر نحو اثني عشر عملية في التصوير، ومع ذلك يقول: إنه خلق الله، وإن هذا التصوير إنما هو من فعل الله ليس هو من فعل الإنسان، فرد عليه كثير من العلماء.
وأبطلوا قوله وكان من جملة من أنكروا عليه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ثم كتب في ذلك أيضا الشيخ ابن باز -رحمه الله- رسالة له في التصوير: البيان المفيد في حكم التصوير، أو نحو هذا العنوان -رسالة مطبوعة- مفردة طبعت أيضا مع رسائله، فأفصح بأن جميع أنواع التصوير لا تجوز. وكتب في ذلك أيضا الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- رسالة توسع فيها بعنوان إعلان النكير على المفتونين بالتصوير، وكلهم أجمعوا على أنه لا يجوز بقاء الصور.
وقبلهم العلماء المتقدمون؛ فإن الإمام مسلما -رحمه الله- روى الأحاديث التي في التصوير التي أشرنا إلى بعضها، وشرحها الإمام النووي في شرح صحيح مسلم وبالغ في شرحها، وبين أنه لا يجوز التصوير لا في أوراق، ولا في ثياب، ولا في حيطان، ولا في كتب، ولا في غيرها، وأن الأدلة ظاهرة في النهي عنه.
وتعرض لذلك كثير من العلماء في مؤلفاتهم؛ عندما يذكرون باب اللباس يذكرون أنه قد يوجد صور في بعض الأكسية: في العمائم، أو في القمص، أو في السراويلات، أو في المشالح، أو ما أشبه ذلك؛ فيبالغون في إنكارها.
ثم يظهر أن التصوير في ذلك الوقت كان تصويرا يدويا؛ كانوا يصورون باليد؛ بحيث أنه يأخذ ورقة، ثم يأخذ مدادا وقلما أو نحوه، ثم يرسم صورة إنسان أو صورة حيوان، ويرسم وجهه أو ما أشبه ذلك إلى أن يتم جمع أو إكمال هذه الصورة، فهذه هي الصور التي تكلم عليها هؤلاء المشائخ.
ولما تكلم شيخنا -رحمه الله- ابن باز مرة بعد العصر في المسجد الجامع على التصوير في سنة خمس وسبعين؛ سئل بعد ذلك عن حمل كثير منهم للصور في البطاقات والجوازات؛ لأنها أصبحت ضرورية، فعند ذلك عذرهم، فاعتذر في اليوم الثاني، وقال: لعله يستثنى ما يقع في هذه الجوازات والبطاقات الشخصية وما أشبهها. وكأنه جعل ذلك مما يستثنى للحاجة والضرورة.
وفي كتابه الذي في التصوير -لما أورد هذه الأحاديث، وتكلم عليها بما نقله عن العلماء- أورد حديثا موجودا في بعض الأحاديث الصحيحة، وفيه قصة أن أحد الصحابة حدث بهذا الحديث الذي فيه: من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح ثم زاروه وإذا هو قد نشر ثوبا على أحد الحيطان، وإذا فيه صورة في ذلك الثوب، فاستنكر ذلك أحد الذين سمعوا منه ذلك الحديث، فقال الآخر: إنه قد قال: إلا رقما في ثوب .
فهذه الكلمة إلا رقما في ثوب ظن بعضهم أنها عذر، وأنه يباح أن يكون الصورة التي في الثوب؛ يعني: العادة أنها لا تكون كاملة. إذا كان في الثوب شيء مما يتساهل فيه أن ذلك مما يعفى عنه؛ فالعادة أنها لا يكون فيها كمال الوجه وما أشبه ذلك، ولا كمال الحواس ونحوها.
وكذلك أيضا يعترض بعض الذين أنكروا ما اشتهر في هذه الأيام بأن عائشة كانت تتخذ صورا تتلهى بها. وقد أورد ابن باز الأحاديث عن عائشة التي فيها أنها كانت تتخذ لعبا، وكانت طفلة صغيرة، فكأنه لم يجزم بتحريم اللعب؛ ولكن ذكر أنها مكروهة.
ولما تكلم عليها الشيخ حمود -رحمه الله- ذكر أنها لا تسمى صورا؛ فإن الأطفال لا يزالون يعملون هذه الصور؛ الطفلة –مثلا- تأخذ لها عودا كهيئة الذراع، وتجعل في وسطه عودا معترضا وتشده بخيط، ثم تأتي بخرقة فتلفها على أعلاه كهيئة الرأس، وعلى العود المعترض كهيئة اليدين، وقد تجعل أيضا عودين من الأسفل وتلف عليهما أيضا خرقا كهيئة الرجلين، فتتلهى بذلك، وهذا لا يسمى صورة؛ فليس فيه كمال الصورة، ليس له وجه ولا قفا، وليس فيه حواس؛ لا أعين ولا أنف ولا شفتان ولا أذنان ولا وجه ولا شعر ولا غير ذلك؛ فلأجل ذلك لا تعد هذه من الصور التي ورد النهي عنها.
ثم يقال أيضا: إن هذه الصور الموجودة الآن في الأسواق التي تسمى الدمية أو نحوها -هذه الدمى نرى أنها صور، وأنه لا يجوز شراؤها؛ بل يجب إتلافها. الذين يصورونها معلوم أنهم يقصدون بذلك جذب الأموال أخذ الأموال من المسلمين، فيوردون شيئا كثيرا وجما غفيرا من هذه الصور، يصنع في بلاد الكفار، ويأخذون عليه أموالا، ويتهافت عليه الناس، ويقولون: إنما هي لعب وملاه نتلهى بها، ونشغل بها أولادنا، وما أشبه ذلك.
فنقول: إن هذه داخلة في المنهي عنه؛ وذلك لأنها صور مجسمة كاملة الصور حتى أنهم قد يضغطونها فتصيح؛ يظهر لها صوت كأنه صوت الطفل، ولها أصابع ولها أنامل وأظفار، ولها رأس ولها شعر على الرأس، وأعين وأهداب وحاجبان ومنخران -وإن لم يكونا داخلان- وشفتان، يحمرون الشفتين، وكذلك بقية الجسد. فنقول: إن مثل هذه داخلة في النهي عن الاقتناء. الاقتناء ورد النهي عنه؛ ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة وحملت الصورة على ما لها جرم، وما لها هيكل؛ هذا على وجه التساهل.
وأما الصور التي انتشرت في هذه الأزمنة، وعمت بها البلوى بحيث أنها انتشرت في كل المعلبات، في بعض المناديل وفي العلب وفي الكراتين وما أشبه ذلك -عمت بها البلوى. فمن الناس من يقول: إنها لا تدخل في النهي.
رخص في ذلك بعض المشائخ منهم الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- وقال: إنها ليست من الصور التي ينهى عنها؛ وذلك لأنها ممتهنة، ولأنها غير مجسدة، ولأنها غير كاملة، ولأنها تؤخذ بهذه الآلة التي تقتطفها وتختطفها وترسمها، فهي باقية على خلق الله تعالى، ولأنها أصبحت من الضروريات بحيث أن كل طالب لا يسجل إلا وقد أخذت له صورة حتى في المرحلة الابتدائية، أنها ترسم أيضا على المؤهلات والشهادات وما أشبهها، وعلى البطاقات الشخصية وما أشبه ذلك؛ فرأوا عدم تحريمها، وإن كانوا بذلك قد خالفوا المشائخ الأولين كالشيخ محمد بن إبراهيم وحمود التويجري وغيرهم في أنها داخلة في النهي، ولكن اعتذروا بأنها فيها مصلحة ونحو ذلك.
كذلك أيضا أفتى بعض المشائخ بجواز اقتناء الصحف والمجلات التي فيها شيء من هذه الصور، والتي قد يتسلى بها بعض الأطفال، وينشغلون بها عما لا فائدة فيه أو عما فيه مضرة؛ فأجازوا السماح باقتناء هذه المجلات التي يقصد الذين نشروها والذين طبعوها -كمجلة الشباب والأسرة وما أشبهها- يقصدون بذلك إشغال الأطفال عما هو ضار عليهم، فلعل ذلك يُتسامح لما في ذلك من المصلحة، وارتكاب أدنى المفسدتين بتفويت أعلاهما. فهكذا أفتوا، ولكل اجتهاده، ولكل نظره.
وبكل حال.. أباح بعض العلماء الصور التي على الفرش إذا كانت ممتهنة، وممن أباح ذلك الشيخ ابن باز -رحمه الله- إذا كانت توطأ بالأقدام ويجلس عليها. استدلوا بأن عائشة لما نصبت ذلك القرام على السهوة -يعني على النافذة- وكان فيه صورة؛ عند ذلك نزعته بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فشققته وجعلت منه وسادتين منبوذتين؛ فيدل على أنها إذا كانت مهانة منبوذة لا غنى في ذلك أن ذلك لا يدخل في النهي، وأن الأمر فيه سعة.
وبكل حال نقول: إن الأصل هو طمس الصور التي يُخاف أن تعبد من دون الله وأن تعظم -سيما إذا كانت مجسدة؛ أي لها ظل ولها جرم- وإبعاد الصور المجسدة.
وأما الأطفال فإنه يمكن أن يعوضوا عن تلك الدمى بصور ما ليس بحيوان: صور سيارات، وصور أسلحة، وصور طائرات وما أشبه ذلك من الصنائع؛ ففيها ما يكفيهم ويتلهون به عن أن تجلب إليهم تلك الصور المجسدة التي هي صور حيوانات سواء من صور إنسان، أو صور خيل، أو صور طيور، أو ما أشبه ذلك. الأولى بالمسلم أن يبتعد ويبعد عن بيته كل شيء فيه مضرة، وفيه مفسدة على عقله وعلى دينه وعلى أمانته.
وأما الصور التي تلتقط بواسطة أفلام الفيديو فالظاهر أيضا جوازها؛ وذلك لأنها ليست ثابتة، وإن كانت متحركة بحيث أنهم يلتقطونها فيصورونها في ذلك الفيلم، ثم يعرضونها في هذا الجهاز الذي تنظر إليه وراء هذه الشاشة وهي متحركة، فإذا كانت مفيدة؛ يعني أنها مشتملة على فوائد كصور محاضرات، أو صور حروب تجري على المسلمين ويحدث فيها شيء من الاعتداء وما أشبه ذلك، أو صور مجاعات تمثل ما يقع فيه بعض أولئك المسلمين؛ مما يحصل به رقة القلوب لهم أو ما أشبه ذلك؛ فلعل هذا مما يتسامح فيه.
نكتفي بهذا، ونجيب على الأسئلة بعد الأذان، والله أعلم، وصلى الله على محمد .
الأسئلة
بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة وردت كثير من الأسئلة ولكن في عمومها تدور حول التصوير، وقد ذكرها الشيخ؛ لكن هناك جمع من الأسئلة نقولها باختصار.
س: السؤال الأول يقول: الصور التي في الجرائد أو المجلات وهي في البيت -سواء كانت الصورة في الغلاف أم في الداخل- فهل يلزم طمس الصورة؟ وهل تمنع من دخول الملائكة؟
ذكرنا أن بعض المشائخ رخصوا في هذه الصور التي في الأوراق، والتي تلتقط بالماكينة أو بالكاميرا وترسم، وقالوا: إنها لا تدخل في النهي. وحيث أنها كثرت وتمكنت في كل الوسائل نقول: لعلها لا تدخل في عموم النهي، ولكن يحاول الإنسان بقدر ما يستطيع أن يزيل الظاهر منها؛ إذا كانت في باطن الصحيفة أو باطن المجلة؛ فلعل ذلك يعفى عنه لكونها غير بارزة. وإن كانت في الغلاف ونحوه؛ فاحرص على طمس الصور؛ طمس الوجه ونحوه.
س: يقول: رسم الكاريكاتير المعروف في الجرائد هل يجوز؟
لا شك أن الرسوم هذه أنها رسوم جديدة ما كانت معروفة من قبل. الرسم القديم إنما هو بالقلم وباليد ونحو ذلك، وأما هذه الرسوم بهذه الأجهزة وبهذه الآلات فهي شيء جديد، ما تكلم عليه المشائخ ولا العلماء المتقدمون، فهو داخل في الرسم أو التصوير بالكاميرا وما أشبهها.
س: يقول: رسم صورة الآدمي أو تصويره، ثم إلغاء الوجه، أو تبييض اللون؛ هل يكفي ذلك؟
لعله يكفي إذا طمس الرأس والوجه، أو طمس الوجه وأصبح كأنه القفا؛ فلعل ذلك يكون كافيا.
س: يقول: بعض الناس يصور بكاميرا الفيديو حفلات الزواج في القسم الرجالي، فهل يصح ذلك؟
نرى أن هذا لا يجوز؛ وذلك لأنه تصوير لنساء قد يكن غافلات أو متكشفات أو ما أشبه ذلك. أما تصوير شيء فيه فائدة كمحاضرات أو وقائع أو تمثيليات مباحة؛ فلعل ذلك جائز.
س: يقول: ثناؤكم -فضيلة الشيخ- على حركة طالبان في عملها؛ هل يدل على إقرار لها في منهجها؟
أقرها فيما كان صوابا؛ هذا الفعل -الذي هو إزالة هذه الصور وتحطيمها- مما يمدحون عليه؛ لأنه إزالة لآثار شركية، أو وسائل من وسائل الشرك.
س: يقول: مسألة التصوير على الخلاف فيها هل يسوغ الإنكار فيها؟
ينكر إذا كان لا فائدة فيه أو ليس هناك ضرورة. أما إذا كان فيه ضرورة كالصور التي لأجل الشهادات أو الجوازات أو البطاقات؛ هذه كأنها أصبحت ضرورية. وأما إذا كانت غير ضرورية، ولا حاجة إليها، ولا فائدة فيها؛ فننصح بعدمها، ومن ذلك ما يسمى بالصور التذكارية؛ حيث أنهم يصورون الطفل. يرسمون الأطفال ونحوهم وبعد ذلك يقولون: هذه صورتك وأنت طفل، هذه صورتك وأنت ابن عشر، وأشباه ذلك. أرى عدم الاقتناء لهذا.
كذلك أيضا كثير من الأموات تبقى صورهم بغير حاجة. إذا كانوا بحاجة إلى إبقاء حفيظته، فلا بأس أن تبقى وفيها صورته، فإذا لم يكونوا بحاجة فإنهم يتلفون ما عندهم.
س: يقول: وضع خط فاصل في موضع الرقبة؛ هل يكفي؟ وأيضا....وأيضا ترك فراغ للرقبة لا يوصله هل يكفي ذلك؟
لا يكفي إذا كان مرسوم الوجه -الوجه بكماله- فإنه يطمس الوجه. أما كونهم يقطعونه بهذا الخيط أو نحوه نرى أن هذا لا يكفي.
س: يقول: تصوير الجسم بدون الرأس هل يجوز أم لا يجوز؟
قد يقال..: إن الجسم شبيه بالشجرة؛ ولذلك لما سئل ابن عباس أفتى بأنه قال: عليك أن تصور هذه الشجرة وما لا روح فيه. إذا كنت فاعلا وأن هذه صنعتك؛ فإذا رسمت يد مثلا أو صدر، أو رسم باطن الإنسان بما في ذلك الرئتان والقلب والأمعاء وما أشبه ذلك لأجل الاستفادة من ذلك، فهذا لا مانع منه.
س: يقول: الصور التي على الملابس سواء كانت صورة آدمي، أو صورة مرسومة، أو صورة حيوان؛ هل تعتبر ممتهنة؟ وكيف التصرف بها مع بقاء اللباس؟
أولا: ننصح الذين يستوردونها، سوف يجدون غيرها ما يقوم مقامها.
وثانيا: ننصح الذين يشترونها؛ نقول: ابتعدوا عنها، وسوف تجدون غيرها ما يقوم مقامها.
وثالثا: إذا حصل أنها اشتريت؛ فإن الأولى أن الإنسان عليه -في هذه الحال- أن يحرص على طمس ما يستطيع منها. يمحو الوجه أو نحوه بمزيل أو ما أشبه ذلك، أو يجعلها خفية؛ يعني يجعلها في اللباس الذي يلي الجسد؛ حتى تكون غير ظاهرة، ولعل ذلك يكفي في الامتهان.
س: يقول: تصوير رحلات الشباب وهم يلبسون ملابس الرياضة ومثل ذلك. هل تؤيدونه؟
لا حاجة إلى ذلك. الرحلات مثلا هذه يلتقطون صورة وهم يلعبون، وصورة وهم متجردون من لباسهم العادي، ومرتدون للباس اللعب وما أشبه ذلك، لا أؤيد هذا.
س: يقول: التصوير بكاميرا الفوتوغراف.. لأجل التعليم؛ هل يسوغ ذلك أو لا؟
إذا كانت من وسائل التعليم؛ الوسائل لها أحكام المقاصد؛ فينظر إلى ذلك العلم؛ هل يتوقف على ذلك الرسم؛ فيقال: لا بأس به. وأما إذا لم يتوقف، بل يمكن التعليم بدون هذا الرسم، فنرى أنه لا يجوز.
س: يقول: ترغب بعض الجمعيات والمدارس التصوير بالفوتوغراف أو بكاميرا الفيديو وذلك لإثبات الأنشطة؛ لأن الصورة تفعل ما لا تفعله الكلمات، فهل يسوغ لهم ذلك؟
قد يجوز ذلك في بعض الحالات التي إذا شاهد الناس تلك الصورة رقت قلوبهم؛ سواء الصور المتحركة بكاميرا الفيديو، أو الصور المرسومة بغير ذلك؛ لا شك أنها -والحال هذه- تحرك القلوب.
هناك مثلا يصورون مجاعات في بعض البلاد يرسمونها في هذه الأشرطة -أشرطة الفيديو- وكذلك أيضا يصورون حروبا طاحنة يقعون فيها المسلمون؛ يقعون فيها مع أعدائهم؛ يكون في ذلك أيضا ما يحرك القلوب لنجدتهم ولنصرتهم، ويعرف المسلمين بأحوالهم، فإذا كان فيها مصلحة فلا مانع منها.
س: يقول: ينكر بعض الإخوة على المسئولين في المراكز الصيفية في قضية الصور الصغيرة -هذه- بحجة أنها لا داعي لها، فكيف الإنكار؟ وكيف الجواب؟
نعرف بعد.. ما سبب الإنكار؛ فإذا كان لا داعي لها كما يقول ولا حاجة إليها فالإنكار صحيح. إذا كان هناك داع فلعل ذلك مما يسوغ ذلك. هناك –مثلا- يعتذرون في الاختبارات أنه قد يدخل إنسان باسم غيره، ويكتب الجواب باسم ذلك الذي كان غائبا وهو ضعيف؛ فيحصل بذلك الاشتباه؛ فلذلك رأوا من المصلحة أن كلا يكون معروفا، وترسم صورته على شهادته أو على مكانه، وهذا قد رأوه ضروريا وإن لم يكن إلزاميا.
س: يقول: الاحتفاظ بالصورة الفوتوغرافية ليس لأجل التعظيم ولكن لأجل الذكرى هل يجوز؟
لا. أرى أنه لا حاجة إليه إذا كان لمجرد الذكرى؛ لكونه –مثلا- يحتفظ بذكر الميت عشرات السنين بصورته أو ما أشبه ذلك. لا حاجة إلى ذلك؛ فأرى كراهية ذلك.
س: يقول: وجود الصورة لأجل ترقيق مشاعر الناس، هل يجوز؟
ذكرنا أنه يجوز ترقيق مشاعر الناس. عندنا –مثلا- مجاعات تحصل في كثير من البلاد فيصورون ما هم فيه؛ وترق القلوب إذا عرضت، وغير ذلك من الصور المفيدة.
س: طيب يا شيخ، هل يجوز تصوير المرأة من أجل ترقيق المشاعر؟
نرى أنه لا يجوز، لكن إذا كان النساء في تلك البلاد متكشفات كأنه لا فرق بينهن وبين الرجال كما في بعض الدول -ولو كانت تتسمى بالإسلام-؛ فيلتقطون الصور، ويدخل فيها صور نساء -يعني عن طريق التبع- كما ذلك واقع في حروب البوسنة والهرسك وكوسوفا وغيرها. صورت لهم أفلام كثيرة، وظهر فيها كثير من صور النساء في تلك المعارك وفي تلك الأماكن؛ وحصل بعرضها شيء من الرقة في قلوب الناس كان لها تأثير. وإذا كانت تبعا فلا بأس، وأما استقلالا أن يقصد تصوير المرأة فلا يجوز.
س: يقول: دخول المصلي للمسجد ومعه صور في جيبه هل يجوز أم لا؟
إذا كانت مخفية كالصور التي في النقود، أو بطاقة الأحوال أو ما أشبهها- إذا كانت مخفية؛ فإنهم معذورون بحملها، هذا من الضروريات.
س: يقول: شخص صور أناسا وهم غير راضين عنه، فهل يجب عليه تمزيقها، أو عدم عرضها على الناس؟
عليهم أن يطالبوه بأن يمكنهم من تمزيقها إذا كانوا لا يريدون ذلك؛ فلا يجوز له أن يصورهم وهم لا يريدون ذلك، ولا أن يعرض صورهم وهم لم يرغبوا ذلك.
س: يقول: وضع صورة الآدمي على الجدار، هل يجوز؟
لا يجوز؛ وذلك لأنها تعتبر صورة ظاهرة.
س: يقول: شاب مغترب عن أهله ووطنه، ويريد منه أبواه إرسال صورة يطمئنون عليه والشاب متحير في جواز ذلك.
لعل ذلك جائز؛ أن يرسل لهم صورة من بطاقته الشخصية، أو من جوازه؛ أنهم قد يعوزهم رؤيته ليطمئنوا على صحته، ولعل هذه الصورة تطمئنهم، ويفضل أن تكون صورة في أشرطة فيديو أو ما أشبه.
س: يقول: يا شيخ، ظهرت في الآونة الأخيرة –بكثرة- ما تسمى بالأفلام الكرتونية المدبلجة، فما حكم شرائها للأطفال؟
نرى كراهيتها، لكن إذا كان الأطفال لا بد أنهم إما أن يجلسوا أمام الشاشات التي فيها صور عارية، وما يكون في ذلك من الأفلام الخليعة فيفتتنون، وإما أن ينشغلوا بهذه الأفلام الكرتونية كما تسمى، فبعض الشر أهون من بعض؛ إذا كان لا بد من شغلهم بأحد الأمرين اختير ما هو أسهل.
س: هل يجوز مشاهدة المباريات الرياضية في التلفزيون مع عدم النظر للعورة؟
نرى عدم الحاجة إلى هذه المباريات سواء حضورها ومشاهدة اللاعبين وهم يلعبون، أو رؤيتها في الشاشات وفي التلفزيون؛ ماذا يستفيد الناظر إليهم سواء ظهر شيء من عوراتهم -كالركبة أو الفخد- أو لم يظهر، كأن كان لباسهم ساترا للركبة وما تحتها؟! فما فائدة الذين ينظرون في ذلك؟! لا يجنون من ذلك فائدة سواء فاز هذا الفريق أو غلب هذا الفريق. ما الفائدة من وراء ذلك؟! الفوز لهم أو عليهم، ولا يستفيد غيرهم من هذا.
س: يقول: بعض الشباب –هداهم الله- يضع صورة لأحد المغنيين في سيارته، فماذا أفعل وكيف أنصحه؟
لا شك أن في هذا تشجيع لأولئك المغنيين والمطربين والفنانين ونحوهم، وأن في ذلك نشر لسمعتهم، وكذلك أيضا ترغيب للناس، وإعلان عن أسمائهم؛ فعليك أن تنصح من رأيته يفرح بذلك أو ينشر لهم صورا، أو كذلك أيضا يشجعهم أو يثني عليهم أو يذكر مآثرهم، أو يستشهد بشعرهم أو بغنائهم، فكل ذلك مساعدة على هذا المنكر.
س: يقول: هل وضع الصورة بهيئتها الحقيقية دون الرأس أو ملامح الوجه كالعين والأنف لا تعتبر صورة استدلالا بحديث: ألا إن الصورة الرأس ؟
الأصل في الصورة أنها الوجه؛ وذلك لأنه الذي يتميز به. فأنت لا تميز إنسانا إلا إذا رأيت وجهه، وإن كانت الرِّجل أيضا قد تميز الأثر ونحوها. فأما اليد والصدر والظهر ونحو ذلك فإنه لا يحصل به التميز؛ فلذلك قال كثير من العلماء: إن الصورة هي الوجه الحقيقي، فإذا لم يكن هناك وجه؛ فلعله لا يسمى صورة حقيقية.
س: يقول: الرسم الذي في المدارس -مادة الرسم- إذا كان فيها رسم لآدمي، هل يسوغ للطالب الرسم؟
إذا كان هذا مادة مدرسة فيحرص على ألا يرسم الوجه؛ العينين، والمنخرين، والشفتين، والحاجبين، والأذنين، وصورة الوجه. إذا رسم شيئا من داخل الجسد أو من ظاهره كالأصابع والأنامل، ومن باطن الجوف، وما أشبه ذلك؛ فإن ذلك مما يتسامح فيه.
س: يتحرج كثير من الطلاب في دخول كتاب الإنجليزي إلى المسجد بحجة أن هذه الصور غير مقصودة؛ فما حكم ذلك؟
ننصحهم بألا يدخلوا بهذه الصور سواء في مادة أو في كتب إنجليزي، أو في غيرها- لا يدخلوا بها المساجد؛ لحرمة المساجد. إذا احتاجوا إلى ذلك فيطمس وجوهها.
س: يقول -السؤال الأخير- الخروج في التلفزيون، هل هو يجوز أو لا يجوز؟
لا شك أن التلفاز وما أشبهه -وكذلك أشرطة الفيديو- أنها من الأشياء الجديدة، وأن التصوير فيها إنما هو التقاط لهذه الصور، ثم نشر لها، ثم بث لها في هذه الأجهزة التي تلتقطها وتتلقاها. هذا لا شك أنه يحصل فيه خير وشر. وإذا كان لا بد منه، وأن كثيرا من الناس يقابلونه ويتلقونه في بيوتهم ولا بد لهم منه؛ فكونه ينشغل بشيء من الحق أولى من كونه يكون كله باطلا.