الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
الإسلام والإيمان والإحسان
5492 مشاهدة
وجوب اتباع النبي وطاعته ومحبته

لا شك أن معنى شهادة أن محمدا رسول الله معناها أنه مرسل من الله، والرسول هو الذي يحمل رسالة يبلغها إلى غيره، والرسل هم الوسطاء بين الله وبين خلقه أرسلهم برسالته، رسالته التي أرسلهم بها هي عبادته كل واحد منهم يقول: إني رسول الله إليكم، إني مرسل من الله أرسلني إليكم حتى تعبدوه، وحتى تطيعوه وحده، وتتركوا عبادة غيره، فالرسول هو الذي يحمل الرسالة من قوم إلى قوم، يحمل الرسالة من الله تعالى، الرسل يحملونها من الله ويبلغونها لعباد الله.
إن كان رسل الملوك مثلاً الملك إذا أرسل واحدًا إلى أهل قرية فإنه يقول: أرسلني إليكم الملك فلان أن اعملوا كذا اغزوا في وقت كذا، أو أعطوا من أموالكم كذا وكذا، فرسل الله هم حملة شريعته الذين يبلغونها إلى الأمة، وذلك لأن الأمة يعني الناس يجهلون إذا لم يأتهم من يعلمهم، فلا يعرفون حق الله عليهم حتى يأتيهم رسول من الله فيبلغهم ويتلو عليهم ما أنزل عليه.
كما في قول الله تعالى: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ .
فهذا هو الرسول يعني المرسل نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- رسول من الله تعالى، ورسالته هي هذه الشريعة التي بلغها، وله على أمته حقوق:
الحق الأول: الإيمان برسالته:
نؤمن به ونصدق رسالته أمرنا الله تعالى بذلك فقال: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا يعني: القرآن، ومن آمن به صدَّق واعتقد أنه مرسل من الله تعالى، من آمن به صدق بكل ما جاء به فيكون بذلك صادقًا في أنه مؤمن برسالته، وضد الإيمان الكفر والتكذيب، ويقول صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به الإيمان به وبما جاء به تصديقه بكل ما جاء به وتقبله.
من حقوقه ثانيا: طاعته، أمر الله تعالى بطاعته وجعل فيها الأجر، ونهى عن معصيته وجعل فيها العذاب، فقال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا وقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثم قال: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا فدل على وجوب الطاعة، الطاعة هي الامتثال، طواعيته- صلى الله عليه وسلم- هي امتثال ما أمر به بأن يقول المؤمن: سمعًا وطاعة سمعنا وأطعنا ولا يقول: سمعنا وعصينا، قال الله تعالى: وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ وذم اليهود الذين قالوا: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا دل على أن واجب المؤمن هو الطاعة، وأن من يطع الرسول فقد أطاع الله، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كل الناس يدخل الجنة إلا من أبى. قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى فجعل طاعة الله تعالى وطاعة رسوله هي سبب دخول الجنة، وجعل معصيته سببا لدخول النار: من عصاني فقد أبى .
من حقه -صلى الله عليه وسلم- ثالثًا أن نتبعه، وقد جعل الله تعالى اتباعه فيه الخير بعد أن أمر بالإيمان به قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .
فاتباعه سبب للهداية، فمن لم يتبعه لا يصير من المهتدين، اتباعه السير على نهجه والسير على منواله وعلى سنته وفعل ما أمر وترك ما نهى عنه؛ لأنه إنما يأمر بما أمره الله به وينهى عما نهاه الله عنه. هذا هو حقيقة اتباعه قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم .
هذه فائدة عظيمة من فوائد محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن فوائد اتباعه قال بعض العلماء: إن هذه الآية رد على اليهود والنصارى الذين يدعون محبة الله ولم يتبعوا رسُله قال الله تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ يعني نحن نحب الله والله يحبنا.
فاختبرهم الله تعالى، وقال أين اتباعكم لما جاء عن الله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فمن أحب الله وأحب نبيه -صلى الله عليه وسلم- فإن لهذه المحبة علامة وهي الاتباع والطواعية.
يقول بعض السلف: من ادعى محبة الله ولم يوافقه فدعواه باطلة، أي: هو كاذب، ويقول آخر لما قيل له متى أحب ربي؟ قال: إذا كان ما يبغضه أمرَّ عندك من الصبر أي: فإذا كان أمر عندك من الصبر يعني: المعاصي أمر عندك من الصبر كان ما يحبه ألذ عندك وأحلى من العسل.
وعرفنا أن اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- حق من حقوقه، وأن على المسلمين أن يحبونه بكل قلوبهم، وأن تكون محبته تحملهم على طواعيته.
هناك من يقول: إننا نحب الرسول وإذا أحببناه فإننا نسأله وإننا نعظمه، فنقول: هذا من الخطأ، محبته إنما هي اتباعه وطواعيته، فأما الذين يدعونه مع الله فإن هؤلاء قد عصوا، نعتقد أنه -صلى الله عليه وسلم- بشر ما خرج عن كونه من البشر بل هو إنسان، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ميزه الله بأن أوحى إليه هذا القرآن، أنزله بواسطة الملك وإلا فإنه بشر مثلنا، ولكن هذه الميزة جعلته يحب ويطاع ولكن مثل ما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في معنى شهادة أن محمدا رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع.
هذه حقيقة شهادة أنه رسول الله فنطيعه بكل ما أمر؛ لأنه لا يأمر إلا بأمر ربه، ونترك ما نهى عنه وزجر، لا ينهى إلا عن الشيء الضار بنا، وكذلك نصدقه فيما أخبر به، وكذلك نقتصر على شرعه ولا نتعبد بشرع ما أتى به فنكون مبتدعين.
وفي تفسيرها في موضع آخر أن محمدًا عبده ورسوله، أنه عبد لا يعبد، ورسولٌ لا يكذب، بل يطاع ويتبع، بمعنى أنه عبد ولكن هذه العبودية أكسبته شرفًا، فإن عبوديته لله شرف وليس فيها نقص، وكذلك عبوديتنا، كونك عبدًا لله هذه العبودية لله شرف ورفعة، فلا يكون لعبوديته لله تعالى نقص عليه. هذا هو حقيقة شهادة أن محمدًا رسول الله.
أما الذين غلوا فيه وجعلوا له شيئًا من حق الله فإنهم قد خالفوا ما جاء به؛ لأن حق الله تعالى هو الإلهية لا يصلح منه شيء لملك مقرب ولا لنبي مرسل.
حق الله تعالى عبادته.
كذلك الذين رفعوا قدره عما هو عليه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب التواضع فكان يجلس على الأرض من باب التواضع ويقول: إنما أنا عبدٌ أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد يعني: أنه لا يرفع نفسه ولا يشمخ بأنفه، بل يتواضع لربه تواضعا كليًّا، كذلك أيضا نهى عن إطرائه ورفعه بقوله: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله وكذلك ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أن رجلًا قال له: ما شاء الله وشئت فقال: أجعلتني لله ندًّا قل ما شاء الله وحده أي: لا تجعل مشيئته قرينة لمشيئة الله فتكون قد جعلته ندًّا لله.
فهذا هو حقه، حقه الاتباع والطواعية وعدم مخالفته فيما جاء به، وعدم معصيته توعد الله تعالى على معصيته بعذاب قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لعلنا نكتفي بهذا فيما يتعلق بالشهادتين.