إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كلمة في سلاح الحدود وسائل الثبات على الدين وكلمة عن صلاة الجماعة
3209 مشاهدة
الحث على صلاة الجماعة وبيان أهميتها

.... الصلاة مع جماعة المسلمين من واجبات المسلمين، الواجبات التي أوجبها الله، قال الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ دليل على أنك إذا سمعت داعي الله عليك أن تأتي مسرعا، وتؤدي الصلاة، وقد توعد الله الذين لا يأتون إذا سمعوا النداء بأن يحرمهم في الآخرة السجود، في الآخرة يقول الله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ .
إذا كان يوم القيامة وتجلى الله تعالى لعباده سجد المؤمنون، خروا سجودا لله، وأما العاصي الذي يمتنع من السجود، أو يسمع الداعي فلا يأتي إليه؛ فلا يقدر على السجود، إذا أراد أن يسجد انقلب على ظهره، وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ذليلة أبصارهم، وقد كانوا في الدنيا يدعون إلى السجود، يسمعون الداعي يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وَهُمْ سَالِمُونَ فلا يأتون مع أنهم سليمة أفكارهم.
فنقول: إن الذي يسمع داعي الله ولا يجيبه حري أن يعاقبه الله؛ ولذلك جاء في القرآن قوله تعالى: يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ وقال: وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أترضى أن تكون منقطعا عن ولاية الله تعالى، ليس لك ولي ولا ناصر؟ الذي لا يجيب داعي الله لا يكون له من الله ولي ينصره ويتولاه.
فتأملوا هذه الآيات: آية في سورة الأحقاف: يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وآية في سورة ن والقلم وما يسطرون، وهي قوله تعالى: وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ وآية في سورة البقرة قوله: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ فيركعون في جملتهم ومعهم، فإذا عصى الإنسان ولم يعمل بهذه الآيات خيف عليه ألا تقبل عبادته.
وتعرفون أيضا لماذا بنيت المساجد؟ الدولة -والحمد لله- دولة مسلمة عمرت المساجد، والمسلمون في كل قرن يبنون في البلاد مساجد، ويجعلون فيها مؤذنين، فهل هذه المساجد بنيت عبثا؟ حاشا، ما بنيت إلا لعبادة الله، ولعمارتها بطاعته؛ ولأجل ذلك أضافها الله إلى نفسه، قال تعالى في سورة البقرة: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا هذا الذي يسعى في خرابها، وتعطيلها، وإهمالها، وإغلاقها، وعدم عمارتها؛ هذا هو أظلم الظلمة؛ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا لا شك أن هذا من أظلم الظلم.
كذلك أيضا ذكر الله تعالى الذين يعمرونها، فقال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ؛ يعني تكون مرتفعة، لها مناراتها، ولها علاماتها ومحاريبها: أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ؛ يعني يذكر فيها اسمه بالنداء: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله ونحو ذلك، وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ ؛ يعني يعمرونها بالتسبيح والتكبير، يُندب أن أهل الدين والصلاح يعمرونها بالذكر بالغداة والعشي، يعني الذكر بالغداة من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، وفي العشي بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.
كان عباد الله الصالحون يجلسون في المسجد بعد العصر إلى الغروب، وبعد الفجر إلى الشروق، يسبحون ويحمدون، يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لا تلهيهم ولا تشغلهم أموالهم، ولا تجاراتهم، ولا بيعهم وشراؤهم عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ .
فنتواصى -أيها الإخوة- بأن نحافظ على هذه الصلاة؛ وذلك مخافة العقوبة، جاء في بعض الروايات: أن الذي يسمع النداء -حي على الصلاة، وحي على الفلاح- ثم لا يأتي وليس له عذر؛ ليس بمريض، وليس بكبير عاجز، وهو رجل من الله عليه بالقوة؛ يصب في أذنيه الآنك يوم القيامة -الرصاص المذاب- جزاء على أنه سمع داعي الله تعالى ولم يجب، لا شك أن هذا وعيد.
وجاء في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- لرجل ضرير البصر، بعيد الدار: هل تسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فأجب أجب النداء، أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ ولو كان هناك رخصة أن يصلي في بيته، أو يصلي في مكتبه لرخص النبي -صلى الله عليه وسلم- لرجل أعمى، ضرير البصر، بعيد الدار، بينه وبين المسجد نخيل وأودية، وليس له قائد يلائمه، لا شك أن هذا دليل على أنه يلام، ويعاتب على عدم إجابته للصلاة؛ فتواصوا، وأوصوا إخوانكم، وحُثُّوهم على صلاتهم مع الجماعة، وحذروهم من المنكرات ومن فعل المحرمات.