عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كيف تطلب العلم
18659 مشاهدة
الدعوة

* الدعوة ليست مضيعة للوقت.
* تعارض العمل الدعوي مع الطلب
* واجب طلاب العلم في هذا الزمان
* إدراك طالب العلم للواقع
36- بعض الشباب يفترض أن هناك تعارضا بين العلم والدعوة ، فما قولكم رعاكم الله؟
لا تعارض بينهما، فإن مجال الدعوة واسع، يستطيع الطالب أن يزاوله ويقوم به في كل حين وفي كل مكان، فيمكنه أن يتعلم في المدرسة ويقوم بالدعوة هناك مع زملائه ومعلميه، حيث قد يوجد فيها من يخطئ أو يقترف منكرا أو يترك واجبا، فيحتاج إلى من يدعوه إلى الخير، ويحذره عن السوء والمنكر، وهكذا يقدر الطالب أن يقوم بالدعوة في طريقه إلى مدرسته ذهابا أو إيابا، فقد يلاقي من يحتاج إلى نصيحة أو إرشاد، فيدعوه وينبهه على ما وقع فيه من الخطأ، ويقوم بالدعوة في منزل أهله، ومع جيرانه، وفي المسجد، والسوق، والطريق، ولا يصده شيء من ذلك عن طلب العلم في مدرسة أو جامعة، أو حلقة علم، أو استفادة من كتاب، أو سماع طلبة، أو حضور ندوة علمية أو نحو ذلك، وهكذا من يعمل في وظيفة الدعوة إلى الله لا يشغله ذلك عن تعلمه واستفادته، وحضوره لمجالس العلماء، وبحثه عن المسائل المفيدة، وسؤاله طلبه العلم عما أشكل عليه، وطلب العلم حال الدعوة ممكن، فإن الداعية بحاجة إلى التعلم كل حين، لما قد يلاقيه من أسئلة واستفسارات يحتاج إلى تصحيح الجواب فيها.
37- بعض من ينصب جميع اهتمامه لطلب العلم إذا رأى من يهتم بالأمور الدعوية سفه من شأنه، ورماه بتضييع الأوقات فما رأي فضيلة الشيخ؟
لا يجوز مثل هذا، بل عليه أن يشجعه ويسدد رأيه، حيث إن طالب العلم يلزمه العمل بعلمه كل وقت، ويلزمه مع العمل الدعوة إليه، ثم الصبر على الأذى فيه، فكل من حصل على فائدة وتحقق صحتها فعليه أن يطبقها في نفسه، وعليه أن يدعو إخوانه المسلمين إلى العمل بها، ولو لم يتعلم بقية المسائل والأحكام، وليس من شرط الداعية أن يكون قد أحاط بكل العلوم، وأدرك كل الفنون، بل كل من علم حكما عمل به، ودعا إلى تعلمه والعمل به، ولا ترده الدعوة إليه عن مواصلة التعلم، وليست الدعوة خاصة بالأسفار وقطع المسافات إلى البلاد النائية لأجل دعوتهم، حيث يقدر على الدعوة وهو مقيم، لوجود من يحتاج إلى نصحه وتوجيهه، وكذا قد تحصل الدعوة بالمكاتبة، وإرسال النصائح التي يحصل بها نفع للمدعوين، وكذا تحصل الدعوة بالمكالمات الهاتفية ونحوها عند الحاجة إلى ذلك، ولا ينشغل بشيء من ذلك عن طلب العلم.
38- عند تعارض عمل دعوي محدد مع وقت كان الطالب خصصه لطلب العلم فأيهما يقدم؟
أرى أن يقدم العمل الدعوي؛ لأنه قد يفوت فيندم على عدم تداركه، ومثل ذلك: إذا كنت قد خصصت بعد صلاة العصر لقراءة في كتاب، ومطالعة لبعض الفوائد، وعملت بذلك أياما، واستفدت من هذا الوقت الذي لا يفرط فيه، ثم عرض منكر أو فحش، أو حدوث بدعة لبعض الجاهلين، وعرفت أنه بحاجة إلى نصيحة ومجادلة، وإطالة كلام يفوت معه الوقت الذي حددته للقراءة، فإنك تقدم نصيحة هذا الجاهل وإرشاده، لإمكان تدارك طلب العلم في وقت آخر.
39- إذا كان الشاب في مدرسته، ويستطيع العمل فيها بالدعوة والمشاركة في أعمال الخير، فهل يحث على ذلك أم لا؟ وبخاصة أن بعض الشباب يعرض عن المشاركة متذرعا بالانكباب على طلب العلم، وأنه لا يزال في مرحلة التلقي والطلب لا مرحلة الإلقاء والدعوة؟
مشاركته في أعمال الخير أولى به، وشغل وقته بالدعوة لا يعوق عن الدرس والتلقي الذي له أكثر الوقت، سيما والمدارس غالبا يلاحظ عليها الكثير من الخلل والنقص والمخالفات، فيوجد من بينهم من يحلق لحيته أو يقص منها، ومن يسبل في اللباس، ومن يشرب الدخان أو النارجيلة، ومن يتكاسل عن الصلاة، أو يتخلف عن الجماعة، ومن يلغو ويسخر ويهزأ بالآخرين، ويسب ويشتم، ويغتاب، ويلعن، ويعيب، ومن يزن بالهنات، أو يميل إلى الفواحش، ويسمع الأغاني، ويقتني آلات اللهو والباطل، يكثر مثل هذا في الطلاب أو المدرسين، والمدراء، والخدم، والموظفين، فلا يحتقر الطالب نفسه أن يلقي كلمة بعد الصلاة أو قبلها، ويضمنها النصح والتوجيه العام، ويفند بعض المعاصي التي يتصور وجودها قي ذلك المجتمع، ويورد الأدلة، ويبين وجه الصواب، وهكذا يدعو الأفراد وينبه الفرد سرا بما يلاحظه عليه، ولا يذكره علنا فالمؤمن يستر وينصح، والمنافق يهتك ويفضح.
وهكذا له أن يشتغل في نشاط المدرسة، ويشارك في إعداد الصحف الحائطية، وكتابة المقالات المفيدة، وتصوير وطبع الكلمات القيمة، والنشرات الدينية والأدبية، مما يكون له وقع وتأثير في النفوس، وفائدة محسوسة بإذن الله -تعالى- في تحسين الأحوال والأخلاق، وأعتقد أن ذلك لا يعوق عن طلب العلم، ومذاكرة الدروس، والتلقي عن المعلمين، أما إن كان قليل الفهم، أو ضعيف الذاكرة، متى اشتغل بالنشاط والدعوة قل حفظه من العلم، فإن الأولى له الانكباب على طلب العلم والمذاكرة، وكذا من كان منهمكا في المعاصي فإصلاح نفسه أولى به، والله أعلم.
40- ما واجب طلاب العلم في هذا الزمان الذي اشتدت فيه غربة الدين، وتكاثرت فيه الفتن على المسلمين؟ وهل ترون أن إقامتهم للدروس العلمية وتأليفهم للرسائل والكتب كاف في أداء الواجب؟
واجب طلبة العلم كبير، وحملهم ثقيل، فإن الله -تعالى- حملهم العلم الذي هو شرعه، وكلفهم بالعمل به، وبالبيان والبلاغ، فأولا: يلزمهم العمل بالعلم، فإنه ثمرة ما تعلموه، فالعلم بلا عمل، كالشجر بلا ثمر، ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، وهذا أمر مشاهد محسوس، فمن لم يعمل بعلمه لم يبارك له فيه، ولم ينتفع به، حيث إن جمهور الناس يقتدون به في عمله أكثر من اتباعهم لأقواله، ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- ما معناه: علماء السوء جلسوا على أبواب النار يدعون إليها بأفعالهم، ويدعون إلى الجنة بأقوالهم، فإذا قالت أقوالهم هلموا، قالت أفعالهم لا تسمعوا، فلو كان ما يقولون حقا لكانوا أول العاملين به... اهـ.
قال الشاعر:
يـا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفســك كـان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فـإذا انتهت عنـه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى بـالقول منـك وينفع التعليـم
لا تنـه عن خلق وتأتي مثله عـار عليـك إذا فعلـت عظيم


41- ما مدى حاجة طلاب العلم إلى معرفة وإدارك واقعه الذي يعيشه؟
الحاجة ماسة بأهل العلم إلى معرفة واقع الأمة الحالي، ثم القيام بما يلزم حامل العلم من معالجة ما يحتاج إلى علاج، فمتى انتشر الجهل بالدين، وانشغل الجمهور بالمصالح الدنيوية، وأكبوا على الدنيا، وعظموا أهلها، وتخبطوا في ظلمات الجهل والهوى، لزم العلماء الانتباه لذلك، والسعي في تعليم أفراد الأمة ما يلزمهم في دين الله، سواء عن طريق الإذاعة، أو الخطب، أو الحلقات، أو المجالس، أو الأسواق، أو في المجتمعات والمراكب البرية والجوية، سواء بإلقاء أسئلة يطلب الجواب عليها، أو إقامة مؤتمرات ودورات علمية يجمع إليها أهل الرغبة من المسنين الجهلة، ويبذل ما يرغبهم من أعطية، وهدايا، وجوائز لمن واظب وحفظ، ومتى أعرض الجمهور عن العمل بالعلم وعاندوا الحق، وركبوا أهواءهم، وتمادوا في غيهم، واستمروا في المعاصي، وترك الطاعات بدون عذر الجهل، كان لزاما على حملة العلم السعي في علاج ذلك بتقوية جانب أهل الحسبة، وبالأخذ على يد الظالم، والحرص على إقامة الحدود، وعقوبة العصاة والمعاندين، ومنعهم من مزاولة الأعمال التي يتعدى ضررها، وتعزير من يعاند ويخالف بجلد، أو سجن، أو طرد عن وظيفة، أو تنكيل، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
ومتى تمكن دعاة الكفر والمبتدعة من نشر أديانهم ومعتقداتهم، واهتبلوا غفلة الناس، وبنوا الكنائس والحسينيات، وفتحوا مدارس يعلمون فيها الكفر والانحراف، لم يسع العلماء السكوت، بل تحتم عليهم أن يقوموا بدورهم للأخذ على أيدي أهل الضلال، وطردهم وإبعادهم عن بلاد الإسلام، وتأييد دعاة التوحيد، وتمكين المخلصين من طرد أولئك، وإقامة الحق مكان الباطل، وبناء المساجد والمدارس الإسلامية.