إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
كيف تطلب العلم
26057 مشاهدة print word pdf
line-top
إشكالات

* ما العلم المنصوص على فضله ؟
* كبر السن ليس عذرا .
* إعراض المرأة عن طلب العلم

42- يدور جدل كبير حول العلم المنصوص عليه في أحاديث (طلب العلم)، هل هو مخصوص بعلوم الشريعة، أم عام لكل علم ينتفع به المسلمون، ما قول فضيلتكم في ذلك؟
لا شك أن العلم الذي ورد فضله في الكتاب والسنة هو علم الشريعة المتلقى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي حمله عنه أصحابه، ثم من بعدهم، ويدخل في ذلك قراءة القرآن وتدبره، ومعرفة معانيه، وما فسره به الصحابة والتابعون الذين نزل بلغتهم، ورزقهم الله الفهم والإدراك لما يدل عليه، ويعم ذلك سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي أقواله وأفعاله، وتقريره، وسيرته، وصفته، وأخلاقه، وآدابه، فإن ذلك من بيانه الذي أمر أن يبين به ما نزل عليه، وقد يسر الله من جمع ذلك ورتبه، وأصبح سهل التناول، فمن طلبه وجده.
ولا شك أن علم اللغة العربية وسيلة إلى فهم كلام الله، وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- وكلام أهل العلم، فلا بد من تعلم النحو، ومفردات اللغة، وكيفية النطق بها، وكذا ما يحتاج إليه من علم الصرف والبيان والبلاغة، بقدر الحاجة، دون التوغل في ذلك، وأما بقية العلوم، فإما من فروض الكفاية؛ أي لا بد أن يكون هناك من يعرف الحكم فيها، ولو كانت دنيوية محضة كعلم الحساب، والرياضيات، والكيمياء، والفيزياء، ونحوها، فأما علم الكلام والمنطق، والفلسفة ونحوها فيجوز تعلمها لمن عنده علم بالعقيدة والدين الصحيح، ليتوصل إلى فهم اصطلاحات أهلها، والرد عليهم كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية فأما الجاهل أو ضعيف العقيدة، فإن علمها عليه خطر لما تسببه من الحيرة والانحراف.
43- يعتذر البعض عن طلب العلم بحجه كبر السن وفوات وقت الطلب، ويعتذر آخرون بكونهم لا زالوا صغارا ينتظرون أن يتقدم بهم العمر؟
متى تيسر للمسلم التعلم والتفقه لزمه ذلك، ولا يجوز الاعتذار عن التعلم بتقدم السن، فإن الكثير من الصحابة تعلموا وهم شيوخ، كأبي بكر وعمر وعثمان والعباس وابن عوف وأبي عبيدة وغيرهم، ثم من علماء التابعين من تعلموا في الكبر كصالح بن كيسان فقد أدرك ابن عمر وابن الزبير وتتلمذ على الزهري وطال عمره فمات سنة 140 هـ، ولما كان طلب العلم قد يكون واجبا على المسلم لم يخرج عن ذلك الكبير ولا الصغير، وقد روي عن مكحول مرسلا: لا يستحي الشيخ أن يتعلم من الشاب؛ أي لأن بقائه على الجهل نقص وعيب، وليس في تعلمه من الصغار غضاضة.
وأما الشاب فعليه التعلم في حداثته، فإن ذلك أقوى لمعلوماته، فقد قال الحسن -رحمه الله- طلب الحديث في الصغر كالنقش في الحجر. وروي عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- قال: تعلموا العلم فإنكم إن تكونوا صغار قوم تكونوا كبارهم غدا، وقال الزهري لا تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر -رضي الله عنه- إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم، وأيضا- فإن الشاب عنده وقت فراغ، ولا يدري ما يحدث بعده من العوائق.
44- تعرض كثير من الأخوات عن طلب العلم بحجة وجود العلماء وطلبة العلم، وأنه لن يحتاج إليها، فما توجيهكم لهن؟ وكيف يمكن أن يطلبن العلم؟
صحيح أنه يوجد الكثير من العلماء والعباد الذين يعرفون الأحكام، والحلال والحرام، ومع ذلك فإن كل شخص مكلف ومأمور ومنهي، فلا بد من تعلم المأمورات والنواهي التي هي في حقه من فروض الأعيان، وهكذا لا بد من شعور الإنسان أنه بحاجة إلى التعلم الذي ينفعه أو ينفع غيره، فإن المسلم لا يدري ما يحتاج إليه، ولا شك أن المرأة مكلفة كالرجل، ويلزمها تعلم ما تحتاج إليه في حياتها من العبادات والمعاملات، وما يمكن أن يجري للنساء من أمور النكاح، والطلاق، والعدة، والإحداد، والاستبراء، والرضاع، ونحو ذلك، ومما يحدث لها في حياتها خاصة في الحياة من حقوق لها أو عليها مع الزوج، أو مع الأولاد، أو مع الأبوين، أو الإخوة، أو الجيران، والأصدقاء، وكيف التعامل مع الجميع.
وهذه العلوم ونحوها موجودة في المؤلفات القديمة، وفي الكتب والأشرطة الجديدة، وتتلقى في المدارس، والمحاضرات، والخطب ونحوها، ولا يسع الجهل بها، ولو وجد هناك من يعرفها وينشرها من ذكور وإناث، فإن حمل العلم وحفظه من سمات الخير، وفضائل الأعمال، وفيه الأجر الكبير، كما ورد أن: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل له به طريقا إلى الجنة، وأن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم، وإن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر، وأن العلماء ورثة الأنبياء فيعم ذلك الذكور والإناث، وقد اعترف العلماء بفضل أمهات المؤمنين، وذكروا أن أفضلهن عائشة لما حفظت من العلم الذي انتفع به الصحابة ومن بعدهم.

line-bottom