إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
كيف تطلب العلم
18585 مشاهدة
إشكالات

* ما العلم المنصوص على فضله ؟
* كبر السن ليس عذرا .
* إعراض المرأة عن طلب العلم

42- يدور جدل كبير حول العلم المنصوص عليه في أحاديث (طلب العلم)، هل هو مخصوص بعلوم الشريعة، أم عام لكل علم ينتفع به المسلمون، ما قول فضيلتكم في ذلك؟
لا شك أن العلم الذي ورد فضله في الكتاب والسنة هو علم الشريعة المتلقى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي حمله عنه أصحابه، ثم من بعدهم، ويدخل في ذلك قراءة القرآن وتدبره، ومعرفة معانيه، وما فسره به الصحابة والتابعون الذين نزل بلغتهم، ورزقهم الله الفهم والإدراك لما يدل عليه، ويعم ذلك سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي أقواله وأفعاله، وتقريره، وسيرته، وصفته، وأخلاقه، وآدابه، فإن ذلك من بيانه الذي أمر أن يبين به ما نزل عليه، وقد يسر الله من جمع ذلك ورتبه، وأصبح سهل التناول، فمن طلبه وجده.
ولا شك أن علم اللغة العربية وسيلة إلى فهم كلام الله، وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- وكلام أهل العلم، فلا بد من تعلم النحو، ومفردات اللغة، وكيفية النطق بها، وكذا ما يحتاج إليه من علم الصرف والبيان والبلاغة، بقدر الحاجة، دون التوغل في ذلك، وأما بقية العلوم، فإما من فروض الكفاية؛ أي لا بد أن يكون هناك من يعرف الحكم فيها، ولو كانت دنيوية محضة كعلم الحساب، والرياضيات، والكيمياء، والفيزياء، ونحوها، فأما علم الكلام والمنطق، والفلسفة ونحوها فيجوز تعلمها لمن عنده علم بالعقيدة والدين الصحيح، ليتوصل إلى فهم اصطلاحات أهلها، والرد عليهم كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية فأما الجاهل أو ضعيف العقيدة، فإن علمها عليه خطر لما تسببه من الحيرة والانحراف.
43- يعتذر البعض عن طلب العلم بحجه كبر السن وفوات وقت الطلب، ويعتذر آخرون بكونهم لا زالوا صغارا ينتظرون أن يتقدم بهم العمر؟
متى تيسر للمسلم التعلم والتفقه لزمه ذلك، ولا يجوز الاعتذار عن التعلم بتقدم السن، فإن الكثير من الصحابة تعلموا وهم شيوخ، كأبي بكر وعمر وعثمان والعباس وابن عوف وأبي عبيدة وغيرهم، ثم من علماء التابعين من تعلموا في الكبر كصالح بن كيسان فقد أدرك ابن عمر وابن الزبير وتتلمذ على الزهري وطال عمره فمات سنة 140 هـ، ولما كان طلب العلم قد يكون واجبا على المسلم لم يخرج عن ذلك الكبير ولا الصغير، وقد روي عن مكحول مرسلا: لا يستحي الشيخ أن يتعلم من الشاب؛ أي لأن بقائه على الجهل نقص وعيب، وليس في تعلمه من الصغار غضاضة.
وأما الشاب فعليه التعلم في حداثته، فإن ذلك أقوى لمعلوماته، فقد قال الحسن -رحمه الله- طلب الحديث في الصغر كالنقش في الحجر. وروي عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- قال: تعلموا العلم فإنكم إن تكونوا صغار قوم تكونوا كبارهم غدا، وقال الزهري لا تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر -رضي الله عنه- إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم، وأيضا- فإن الشاب عنده وقت فراغ، ولا يدري ما يحدث بعده من العوائق.
44- تعرض كثير من الأخوات عن طلب العلم بحجة وجود العلماء وطلبة العلم، وأنه لن يحتاج إليها، فما توجيهكم لهن؟ وكيف يمكن أن يطلبن العلم؟
صحيح أنه يوجد الكثير من العلماء والعباد الذين يعرفون الأحكام، والحلال والحرام، ومع ذلك فإن كل شخص مكلف ومأمور ومنهي، فلا بد من تعلم المأمورات والنواهي التي هي في حقه من فروض الأعيان، وهكذا لا بد من شعور الإنسان أنه بحاجة إلى التعلم الذي ينفعه أو ينفع غيره، فإن المسلم لا يدري ما يحتاج إليه، ولا شك أن المرأة مكلفة كالرجل، ويلزمها تعلم ما تحتاج إليه في حياتها من العبادات والمعاملات، وما يمكن أن يجري للنساء من أمور النكاح، والطلاق، والعدة، والإحداد، والاستبراء، والرضاع، ونحو ذلك، ومما يحدث لها في حياتها خاصة في الحياة من حقوق لها أو عليها مع الزوج، أو مع الأولاد، أو مع الأبوين، أو الإخوة، أو الجيران، والأصدقاء، وكيف التعامل مع الجميع.
وهذه العلوم ونحوها موجودة في المؤلفات القديمة، وفي الكتب والأشرطة الجديدة، وتتلقى في المدارس، والمحاضرات، والخطب ونحوها، ولا يسع الجهل بها، ولو وجد هناك من يعرفها وينشرها من ذكور وإناث، فإن حمل العلم وحفظه من سمات الخير، وفضائل الأعمال، وفيه الأجر الكبير، كما ورد أن: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل له به طريقا إلى الجنة، وأن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم، وإن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر، وأن العلماء ورثة الأنبياء فيعم ذلك الذكور والإناث، وقد اعترف العلماء بفضل أمهات المؤمنين، وذكروا أن أفضلهن عائشة لما حفظت من العلم الذي انتفع به الصحابة ومن بعدهم.