جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
محاضرات في محافظة الباحة
4000 مشاهدة
الطعن في الإسلام من باب المرأة

ثم إنهم دخلوا أيضا على الإسلام من باب أن الإسلام هضم حقوق النساء، وظلم المرأة وأنه أضر بها. وأن المرأة في دين الإسلام محجورة بين أربعة حيطان ليس لها تصرف، وأن وليها يأخذ على يديها فلا يدع لها شيئا. وأن الإسلام ظلمها، وأنه كبت أو بخس حقها؛ حيث جعلها على نصف الرجل، ولم يجعل لها تعصيبا، ولم يجعل لها ميراثا تاما، وجعل شهادتها ناقصة، ورماها بأنها ناقصة عقل ودين. فكان ذلك أيضا مدخلا. كبُر على المسلمين أن يسدوا هذا المدخل. فلذلك كثر الدعاة الذين يدعون إلى تبرج النساء وأنه لا حرج في ذلك، أن المرأة لا حجر عليها بأن تخرج متبرجة وتبدي زينتها. وقد استجاب لذلك خلق كثير من النساء، فبرزن وخرجن من بيوتهن وأسفرن عن وجوههن. لا شك أن هذه من المصائب.
كذلك أيضا زين لكثير منهن حالة التشبه بنساء كافرات. فتشبهن بهن في كثير من الأخلاق، مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم يقول شيخ الإسلام رحمه الله: هذا الحديث إن لم يدل على كفر المتشبه بالكفار، فلا أدنى من أن يدل على تحريم التشبه. وكذلك أيضا قال صلى الله عليه وسلم: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال .
فاجتهد هؤلاء الدعاة من الكفار ومن المغرورين بالكفار في أن تتشبه المرأة بالرجل في كل أو في أغلب خصائصه. وكذلك أيضا زين لها أن تتشبه بنساء الكفار ونحوه. ونذكر بعض الأشياء التي وقع بها النساء في هذه الأزمنة؛ ليكون ذلك منبها إلى كيد الكفار؛ الذين يكيدون للإسلام والمسلمين ليصيدوا الجهلة والغوغاء بهذه المصائد، وبهذه المكائد.