القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
مسئولية الآباء تجاه الأبناء
3837 مشاهدة print word pdf
line-top
صور من شفقة الأنبياء على بنيهم

ذكر الله تعالى عن نوح عليه السلام شفقته على ولده، كان له ولد قيل: اسمه كنعان وكان ليس على دينه، بل خالفه، وكذلك كانت امرأته ليست على دينه.
أما أبواه فقد هداهما الله، وكانا على الإسلام، وماتا مسلمين؛ ولذلك دعا لهما في آخر سورة نوح: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا .
ولما عصى قومُه دعا عليهم، قال: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا فاستجاب الله تعالى دعوته، وأهلك من كان على الأرض من الكفار، وما نجا إلا أصحاب السفينة، كان ولده هذا من جملة من خالفه؛ فلذلك دعاه: يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ اركب معنا في هذه السفينة حتى تنجو، ولكن ذلك الولد عصى، وقال: سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ .
لَمّا أنه ارتفع الماء وصل إليه وهو في الجبل أراد أن يأتي إليهم في السفينة، ولكن حال بينه وبينهم موج من أمواج الماء، فعند ذلك غرق هذا الولد، ولما غرق فإن نوحا عليه السلام أحزنه غرق ولده، ودعا ربه أن ينجيه، وقال: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي إنك وعدتني بنجاة أهلي، وذلك لأن الله قال: فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ .
كانت امرأته ممن سبق عليها القول أنها لا تنجو، وولده هذا ممن سبق عليه القول، ولكن الله تعالى ذكر عنه رقته ورحمته بولده: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قال الله له: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ يعني الذين وعدناك بأنهم من أهل النجاة إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ وفي قراءة: (إنه عَمِلَ غيرَ صالح) عمِلَ عملا غير صالح.
فهذه رحمة الوالد لولده حتى ولو كان مخالفا له في الدين، دعا أن ينجيه الله تعالى ولكن لما لم يكن على دينه ما أنجاه الله.
كذلك أيضا ذكر الله تعالى دعاء إبراهيم عليه السلام في مقام الخوف قال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ هكذا دعا ربه وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ؛ ذلك أنه لما رأى أن الأصنام تمكنت عبادتها فقال: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يعني فدعا اللهَ -تعالى- لأولاده –لبنيه- أن ينجيهم من عبادة الأصنام.
وذلك دليل على أن الوالد يحزنه أن يكون أولاده على الضلال، وأن يخرجوا عن الإسلام وأن يقعوا في الشرك، فدعا الله -تعالى- لأولاده أن يجنبهم عبادة الأصنام في مقام الرغبة، وفي مقام الدعوة للخير دعا ربه لأبنائه بقوله: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي يعني وفي ذريتي إقام الصلاة، رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ .
هكذا ما نسي أولاده، دعا لهم بهذا الدعاء، ولا شك أن إقامة الصلاة سبب لبقية الأعمال الصالحة، كأنه يقول: إذا أقاموا الصلاة فإنهم يكونون قد اهتدوا إلى الحق والصواب، فهكذا تكون رقة الآباء.
هكذا دعوا لأولادهم بالنجاة من الشر، وبالتوفيق للخير، وهكذا يجب على غيرهم.
ذكر الله تعالى عن إسماعيل قال الله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ما نسي أهله، يعني أولاده ذكورا وإناثا ونساءه، ومن كان تحت يده، كان يأمرهم بالصلاة والزكاة، لا شك أن هذا دليل على مسئولية الوالد، وأنه يحرص على تعليم أولاده، وأمرهم بالصلاة، والزكاة، ونحوها.
والأمر يقتضي الإلزام، بمعنى أنه إذا أمرهم فإنهم يمتثلون، أو أنه يلزمهم، يأمرهم أمر إلزام أن يؤدوا الصلاة، وأن يخرجوا الزكاة، وأن يطيعوا الله تعالى ورسوله.
وكذلك أيضا كان الصحابة رضي الله عنهم يمتثلون الأوامر والإرشادات التي وجهت لهم من الله تعالى؛ ذُكر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الثاني بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله لصلاة الليل، في آخر الليل يوقظهم لصلاة التهجد، ويقرأ قول الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا صلاة الليل صلاة تطوع، صلاة آخر الليل ونحوه صلاة تهجد، ومع ذلك فإنه كان يأمرهم، يوقظهم، ومع ذلك يستدل بهذه الآية: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن يراد بذلك الأُمة، كل فرد من أفراد الأمة فإنه مخاطَب بأن يقال له: مُر أهلك بالصلاة، مُرهم بالصلاة؛ وذلك لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا يستدعي من الوالد أو من الوالدين أن يعتنوا بأولادهم، وأن يربوهم على العبادات التي من جملتها أداء هذه الصلاة التي جعلها الله تعالى من أركان الإسلام.
فهذا تأديب من الله تعالى.

line-bottom