إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
48588 مشاهدة
الميقات الثالث قرن المنازل (السيل الكبير)

وهو ميقات أهل نجد ومن كان على طريقهم من أهل المشرق ونحوهم، ويسمى أيضا قرن الثعالب، وهو عبارة عن جبل صغير ممتد شمالا وجنوبا من جانبي الوادي الذي يجري معه ماء يُقال له: السيل الكبير، وهذا من أقرب المواقيت إلى مكة، بينه وبين مكة مرحلتان؛ أي مسيرة يومين.
ولمّا فُتح الطريق الذي ينفذ من الطائف إلى مكة الذي يُسمى (بالهدا) (أو بالكرا)، و لا يمر بوادي السيل؛ اجتهد العلماء وحددوا فيه ميقاتا يحرم منه من أراد الحج أو العمرة، وكان يريد القدوم من ذلك الطريق.
وهذا الطريق -وهو طريق الهدا- يمر بوادٍ يُقال له (وادي محرم)، ووادي محرم يحاذي أعلى مكان من وادي السيل؛ ولذلك جعلوا وادي محرم ميقاتا لمن قدم من ذلك الطريق وأراد الحج أو العمرة.
والعلماء نصّوا على أن من دخل مكة من غير هذه المواقيت، لزمه أن يحرم إذا حاذى أقربها، فإذا لم يحاذِ بعضا، ولم يدرِ بالمحاذاة، لزمه أن يحرم إذا بقي بينه وبين مكة مرحلتان.
وهذا الميقات يحرم منه أهل الطائف وأهل البلاد الجنوبية الذين ينزلون من ذلك الطريق.