تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
الكنز الثمين
94173 مشاهدة
التوسل بحق السائلين عليه

عاشرا: يجوز التوسل بحق السائلين عليه، فحق السائلين عليه أن يجيبهم كما وعدهم.
ثم قال الكاتب:
[وما أنكروه وحاربوه ثابت في كتابهم (الورد المصفى المختار). ثم ذكر الدعاء المشهور: [اللهم إني أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض، وبكل حق هو لك وبحق السائلين عليك ... إلخ] .
جوابه:
إن هذا الدعاء لا بأس به، ولا دلالة على السؤال بذوات الأنبياء والأولياء؛ حيث لم يقل: أسألك بحق الأنبياء والصالحين أو بجاههم ومنزلتهم، وإنما سأل بحق السائلين، والمراد ما جعله حقّا على نفسه لكل من سأله ودعاه بقولـه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .
فكل من سأل الله فله حق الإجابة مع أنه حق تفضل وامتنان وكرم، وليس حق وجوب كما اعترف بذلك هذا الكاتب واستدل بقوله تعالى: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ وكقوله: وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ وكحديث معاذ حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا .

فحق السائلين عليه أن يجيبهم كما وعدهم، وهو حق أوجبه على نفسه، فسؤال الله تعالى بهذا الحق سؤال له بأفعاله لا بذوات السائلين، وإنما هو كقوله في الدعاء الآخر: أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك فالاستعاذة بمعافاته التي هي فعله كالسؤال بحق السائلين، الذي هو إثابتهم وهو من فعله تعالى.