عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
حوار هاتفي مع الشيخ أجراه عادل باناعمة
8155 مشاهدة
المعاملات العصرية بين المعارضة والتأييد

- الله يجزيكم بالخير فضيلة الشيخ. طيب فضيلة الشيخ في هذا العصر أيضا تعددت النوازل التي تحتاج إلى فتاوى فقهية شرعية: كالمعاملات المالية الجديدة مثلا وما أشبهها، وقد اختلفت كلمة العلماء في كثير من هذه القضايا، وينادي البعض اليوم بضرورة اللجوء إلى الفتوى الجماعية في مثل هذه المسائل بما تقتضيه من إحاطة بجوانبها المختلفة -حتى غير الشرعية منها- فما رأيكم في هذا؟ وكيف ترون المخرج من هذا الاضطراب في الفتاوى؟
لا شك أن هناك معاملات جديدة فيها منافع يتعلق بالإحالات وبالحوالات وبالصرف وبالبنوك وأعمالها وما أشبه ذلك، وأنها تحتاج إلى فتوى تعتمد الدليل، وقد اختلفت فيها فتاوى المشائخ، فمنهم من تشدد في المنع ورأى عدم التساهل فيها، وأن كل هذه المعاملات الجديدة لا يجوز التعامل بشيء منها كالحوالات وما أشبهها، والصرف وما أشبهه، وتمسكوا بما يذكره العلماء المتقدمون من تلك القواعد.
ونرى أن في هذا تحجر لواسع، وأنه يجب أن تعطى هذه المعاملات الجديدة حظها من النظر، وألا يتوسع فيها توسعا يبيح ما كان محظورا، ولا يشدد فيها تشديدا يضر بالأمة، ويضر بالاقتصاد، ويضيق على الناس؛ وذلك لأن هذه المعاملات استعملها الكفرة ونحوهم، وحصلوا باستعمالها على ثروات وعلى كثرة أموال، واستخدموها وحصلوا بها على فوائد، والذين استعملوها من المسلمين، إذا استعملوها على جانب مباح أو قريب من المباح؛ حصلت لهم تلك المصالح وتلك الفوائد، وتجنبوا ما هو محظور ومحرم؛ فلا يكون في ذلك حرج إن شاء الله.
قد ذكر العلماء أن الأصل في المعاملات الإباحة إلا ما دل عليه دليل على تحريمه نص واضح، وحيث إن أكثر هذه المعاملات الجديدة لا دليل عليها نص إلا أخذا من باب العمومات، وتلك العمومات قد دخلها التخصيص، فنرى التساهل في كثير منها، يعني كالحوالات والصرف وما أشبه ذلك.
وأما إذا كانت ظاهرة دخولها في بعض الأدلة الممنوعة، فلا نرى التوسع في الترخص فيها -إن شاء الله- وحبذا لو أن العلماء -هيئة كبار العلماء- اجتمعوا على إصدار فتاوى تتعلق بهذه القضايا؛ حتى يزول ذلك الاختلاف فيما بينهم، منهم من يتشدد كما في بعض فتاوى هيئة كبار العلماء، ومنهم من يتساهل، ومنهم من يتوسط؛ وخير الأمور أوساطها.