إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
53462 مشاهدة
الرد على من قال إن القرآن مفترى

...............................................................................


لما كان المشركون يدَّعون ذلك، قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ يعني: اختلقه وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وتكلموا بكلام بُهت. هكذا يقول: فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني: أكاذيب الأولين بمعنى أنهم كذبوه وافتروه: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وكذلك قال تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قال: قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ما يكون لي ولا يحق لي أن أبدله من تلقاء نفسي، فليس هو كلامي، وإنما هو منزل من الله فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ والآيات كثيرة في إثبات أنه ليس بمفترى .
الرد على الذين يقولون: افتراه. قال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ يعني: أعلم بما تتكلمون فيه وما تقولون في هذا القرآن، ويقول: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا يعني أنه إفك، وأنه كذب، وأنه مفترى، فتحداهم الله، وقال: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ما قدروا على أن يعارضوه، وأن يأتوا بعشر سور وقال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .
ولما كان كلام الله اكتسب هذه الفضيلة، فاكتسب أولا أنه يُتَعَبَّد بتلاوته. ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف يعني: من قرأ: الم؛ فله ثلاث حسنات، وكل حسنة بعشر أمثالها فكيف إذا أكثر من قراءته.
كذلك أيضا أنه معجز للبشر. تحداهم الله أن يأتوا بمثله قال تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور فعجزوا، ثم تحداهم بسورة فقال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ادعوا أعوانكم، وادعوا شهداءكم، وادعوا شفعاءكم على أن تعارضوه، وتأتوا بسورة من مثله، ثم قال: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا أي: لا تفعلون أبدا فَاتَّقُوا النَّارَ .
كذلك أيضا اكتسب حَمَلَتُه هذا الفضل، اكتسبوا فضلا كبيرا، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على قراءة القرآن، ويفضل حَمَلَة القرآن ويقول: يؤم القوم أكثرهم قرآنا أقرؤهم لكتاب الله. يعني أقرؤهم يعني: أحفظهم لكتاب الله تعالى، فجعله هو الأفضل في إمامتهم في الصلاة، ولا شك أن ذلك دليل على الفضل، ودليل على الميزة التي تميز بها هذا القرآن.
وكذلك أيضا لا تصح الصلاة إلا بقراءة القرآن، ولا يجوز فيها، ولا تجزئ فيها قراءة غيره، فذلك دليل على فضله.