عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
53448 مشاهدة
رد قول الأخطل النصراني في العقيدة

...............................................................................


يقولون: إن هذا الأخطل يقول: إن الكلام لفي الفؤاد؛ يعني أن الذي يكون في الفؤاد هو الكلام، وأما اللسان فإنه لا يسمى كلاما يعني النطق بالحروف لا تسمى كلاما؛ لأن هذا شاعر عربي. يأتيهم حديث مروي في الصحيحين بأسانيد ثابتة ويردونه ويقولون: هذا خبر آحاد لا نقبله في العقيدة.
فنقول: عجبا لكم تقبلون قول شعر الأخطل الذي روي بغير إسناد، وتردون الأحاديث الصحيحة التي رويت بالأسانيد الثابتة المتصلة التي ليس بها ضعف ولا انقطاع. تقدمون كلام الأخطل مع أنه ما روي بإسناد. هاتوا لنا إسناد هذا البيت. من الذي رواه بالإسناد؟ ما يجدون له إسنادا، ثم يقال: إنه بُحث عنه في ديوان الأخطل ولم يوجد؛ ما وُجد في ديوانه، ثم يُقال أيضا: إنه رواه كثير منهم: إن البيان لفي الفؤاد، وليس الكلام؛ وذلك لأن النطق باللسان هو الكلام. وأما الذي يكون في القلب فإنما هو القدرة على البيان، ثم نقول لهم أيضا: إن هذا الشاعر على تقدير أنه قاله فإنه نصراني ولا يقبل كلام النصارى في العقيدة؛ وذلك لأن النصارى قد ضلوا في مسمى الكلام فإن عيسى عندهم هو نفس الكلمة يدعون أنه نفس الكلمة. يعني أن قوله: وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ أن عيسى كلمة الله أنه نفس الكلمة.
ومعلوم أن عيسى مخلوق، فيكون على عقيدة النصارى أن كلام الله مخلوق. أفتأخذون عقيدة النصارى وتحكمون بها علينا معشر المسلمين وتقولون: هذا شاعر عربي. بئسما اخترتم.
ودليلهم في ذاك بيــت قاله
فيما يقال الأخطل النصراني
لا شك أن الذين
نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم
نبذ المسافر فضلــة الآكال

وأنهم استدلوا بكلام هذا النصراني؛ أنهم في غاية الضلال فلا يلتفت إلى استدلالهم.
استدلوا به كما ذكرنا على شيئين: على الاستواء:
قد استوى بِشْرٌ على العراق
.........................

ولا دلالة في ذلك، والصحيح أيضا أنه محرف أو أنه مُتقول، واستدلوا به على أن الكلام مخلوق -وأنهم يعني الأشاعرة- وأن الكلام ما يقوم بالقلب لا أنه ما يقوم باللسان فجعلوا الأخطل هو قدوتهم، وتركوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وتركوا الآيات القرآنية، وتركوا الأحاديث النبوية، وتركوا أشعار العرب الفصحاء، وتركوا أيضا كلام أهل اللغة. كل ذلك قدموا عليه كلام هذا النصراني.