إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
فتاوى في التوحيد
29445 مشاهدة
هل بين الرسل مفاضلة؟

س23: هل بين الرسل مفاضلة؟
الجواب: نعم، قال الله -تعالى- تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وقال -تعالى- وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا .
وهذه المفاضلة يختص الله بها من يشاء من رسله إما لفضله في نفسه، وإما لما اتصف به من العقل والنفس الطيبة، وإما تخصيص من الله له بالفضل، وإن كان غيره أزكى منه وأعقل وأكثر عبادة، فهو فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد ذكر الله فضل بعض الرسل فذكر أنه كلم موسى تكليما، وأنه اصطنعه لنفسه، قال -تعالى- وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي وقال: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي وأخبر عن نوح أنه عبد شكور، وعن إبراهيم أنه اتخذه الله خليلا، وعن عيسى أنه رفعه إليه، وعن محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه شرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره.
وقد اتفق العلماء على أن أفضل الرسل الخمسة الذين هم أولو العزم، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -عليهم الصلاة والسلام- وأن أفضلهم الخليل إبراهيم ومحمد وأن محمدا أفضل الأنبياء على الإطلاق، ثم لا يلزم من التفاضل تنقص الآخرين ولا عيبهم، فالجميع رسل الله وأنبياؤه الذين اصطفاهم لحمل رسالته ولتبليغ شرائعه، فنعرف لهم فضلهم، ونصلي ونسلم عليهم، ونعتقد عصمتهم فيما بلغوه عن ربهم.
كما أن المؤمنين يتفاضلون بسبب الأعمال والإخلاص فيها، ثم يتفاوت ثوابهم في الجنة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب؛ لتفاضل ما بينهم رواه أحمد والترمذي وصححه
والواجب على المؤمن تصديق رسل الله جميعا، والإيمان برسالتهم، والعمل بما بلغه من الشرائع الثابتة ليلحق بالمؤمنين، فمن أحب قوما حشر معهم. والله أعلم.