اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
خطبة الجمعة العطيف
8269 مشاهدة print word pdf
line-top
أيام الحج موسم الطاعة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، كالمبتدعة والمشركين، نحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء المبين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق تقاته ولا تموتن إلى وأنتم مسلمون؛ فأطيعوا أمره ولا تخالفوه فتكونوا من الخاسرين، واذكروه قياما وقعودا وعلى جنوبكم ولا تكونوا من الغافلين، واشكروه على ما أولاكم من الخيرات ولا تكونوا بنعمته من الجاحدين، واغتنموا أوقات الفراغ قبل أن تتقلص الأوقات؛ فتكونوا فيها من المفرطين، واعلموا عباد الله، أنكم في موسم عظيم، وفي موسم كريم وأيام شريفة، لا ينبغي تضيعيها، ولا التفريط في حفظها؛ فإنها أيام الحج، وأيام الذكر، وأيام العبادة وأيام الطاعة، وأيام القربات التي أقسم الله تعالى بها في محكم الآيات، وسماها الأيام المعلومات، وأمر بذكره فيها؛ ليكون العبد من الذاكرين، فقال الله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
هكذا أمرهم بأن يشهدوا منافع لهم، وأن يكثروا من ذكر الله، ويخص هذه الأيام المعلومة بالإكثار من ذكر الله تعالى، وأقسم الله بهذه الليال في قوله تعالى: وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ؛ فالليال العشر: هي هذه الليال؛ أي ليالي العشر من ذي الحجة، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فضل هذه الأيام بقوله عليه الصلاة والسلام: ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من هذه الأيام ؛ يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ؛ أي هذا بلغ درجة الفضل، وأما بقية الأعمال ..
فالعمل في هذه الأيام أفضل منها، وإن أفضل الأعمال التي تعمل في هذه الأيام؛ أداء مناسك الحج، الذي جعله الله فريضة على الأمة، وأمرهم به، وجعله ركنا من أركان الدين، فقال تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ؛ أي أكملوه أو أكملوا مناسكهما.
وكذلك قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وبين الله تعالى أن الحج له مواسم وله أوقات، فقال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ أخبر بأن الحج أشهر، بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أشهر الحج بأنها: شهر شوال، وشهر ذو القعدة، والعشر الأول من شهر ذي الحجة ينعقد الحج فيها، ولا ينعقد قبلها ولا بعدها لفوات موسمه.

line-bottom