الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
خطبة الجمعة العطيف
6692 مشاهدة
من تأخر عن أداء فريضة الحج

فبعد ذلك نقول: إن من تأخر عن أداء فريضة الحج، وقد تيسرت أسبابه يعتبر مفرطا، ويعتبر مهملا؛ حيث إنه ترك ركنا من أركان الدين وهو قادر عليه، واعتبره بعض الصحابة كافرا أو نصرانيا قال عمر -رضي الله عنه- أما لقد هممت أن أبعث إلى هذه القرى، فمن قدر على الحج فلم يحج أن أضع عليهم الجزية؛ ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين.
وكذلك روي عن علي أنه قال: من قدر على الحج ولم يحج يعني الفريضة فليمت إن شاء يهوديا، وإن شاء نصرانيا. وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على المبادرة والإسراع لأداء هذا النسك فقال: بادروا بالحج -يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ؛ وذلك أن الإنسان لا يدوم على حاله؛ ففي هذه الأزمنة قد يكون هو آمن مطمئن، فقد يتبدل الأمن بالخوف، وقد تتبدل الصحة بالمرض، وقد يتبدل الغنى بالفقر، وقد يتبدل الصغر بالكبر، ويتبدل الشباب بالهرم؛ فيعوقه عائق، ويعتبر مفرطا مهملا؛ فيكون ملوما؛ حيث إنه فرط وهو قادر.