إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
خطبة الجمعة العطيف
5645 مشاهدة
أيام الحج موسم الطاعة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، كالمبتدعة والمشركين، نحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء المبين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق تقاته ولا تموتن إلى وأنتم مسلمون؛ فأطيعوا أمره ولا تخالفوه فتكونوا من الخاسرين، واذكروه قياما وقعودا وعلى جنوبكم ولا تكونوا من الغافلين، واشكروه على ما أولاكم من الخيرات ولا تكونوا بنعمته من الجاحدين، واغتنموا أوقات الفراغ قبل أن تتقلص الأوقات؛ فتكونوا فيها من المفرطين، واعلموا عباد الله، أنكم في موسم عظيم، وفي موسم كريم وأيام شريفة، لا ينبغي تضيعيها، ولا التفريط في حفظها؛ فإنها أيام الحج، وأيام الذكر، وأيام العبادة وأيام الطاعة، وأيام القربات التي أقسم الله تعالى بها في محكم الآيات، وسماها الأيام المعلومات، وأمر بذكره فيها؛ ليكون العبد من الذاكرين، فقال الله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
هكذا أمرهم بأن يشهدوا منافع لهم، وأن يكثروا من ذكر الله، ويخص هذه الأيام المعلومة بالإكثار من ذكر الله تعالى، وأقسم الله بهذه الليال في قوله تعالى: وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ؛ فالليال العشر: هي هذه الليال؛ أي ليالي العشر من ذي الحجة، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فضل هذه الأيام بقوله عليه الصلاة والسلام: ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من هذه الأيام ؛ يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ؛ أي هذا بلغ درجة الفضل، وأما بقية الأعمال ..
فالعمل في هذه الأيام أفضل منها، وإن أفضل الأعمال التي تعمل في هذه الأيام؛ أداء مناسك الحج، الذي جعله الله فريضة على الأمة، وأمرهم به، وجعله ركنا من أركان الدين، فقال تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ؛ أي أكملوه أو أكملوا مناسكهما.
وكذلك قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وبين الله تعالى أن الحج له مواسم وله أوقات، فقال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ أخبر بأن الحج أشهر، بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أشهر الحج بأنها: شهر شوال، وشهر ذو القعدة، والعشر الأول من شهر ذي الحجة ينعقد الحج فيها، ولا ينعقد قبلها ولا بعدها لفوات موسمه.