القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
خطبة الجمعة العطيف
9584 مشاهدة print word pdf
line-top
الطاعات التي يتقرب بها غير الحجيج

أما أهل القرى فيتقربون إلى الله تعالى بصيام يوم عرفة ؛ لأنه من أفضل الأيام، ومن قدر على أن يصوم الأيام التي قبله فذلك خير وأجر كبير، يتقربون أيضا بصلاة العيد؛ أي الصلاة التي يصلونها وهي صبح اليوم العاشر؛ يتلقون فيها تعاليم وخطبا، ويتلقون فيها نصائح وإرشادات، كذلك أيضا يشاركون إخوانهم الحجاج في ذبح الأضاحي، التي هي سنة أبينا إبراهيم لما أن الله تعالى أمره بذبح ولده وفلذة كبده، فعزم على ذلك وامتثل الأمر، ثم إن الله تعالى فدى إسماعيل بكبش أقرن كبير؛ فكانت سنة مؤكدة في المسلمين: أنهم في هذا اليوم يتقربون إلى الله تعالى بذبح ما تيسر من هذه الأضاحي التي يسرها الله تعالى وسخرها في قوله تعالى: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ من نعم الله أنه سخر لنا هذه البهائم، لو شاء لأذهبت كما تذهب الوحوش كما تذهب الظباء والوعول، ولكن ذللها وجعلها طوع الإنسان؛ بحيث إنه يتمكن من حبسها، وأخذ صوفها ووبرها، ويتمكن من ركوبها، ويتمكن من ذبحها وأكل لحمها؛ فكانت هذه نعمة عظيمة، لذلك على المسلم أن يذكر الله تعالى، ويشكره على ما أولاه من هذه النعم، وأن يكثر من ذكره ولا يغفل عن ذكره؛ فإن الله تعالى نهى عن الغفلة في قوله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ .

line-bottom