خطبة الشيخ في الحرجة
الوصية بكثرة ذكر الله تعالى
وأوصيكم ونفسي بِكَثْرَةِ ذِكْرِ الله -تعالى- فاذكروا الله كما أمركم، يقول الله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قرآن> رسم> ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> إن الله يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتَحَرَّكَتْ بي شفتاه متن_ح> رسم> ويقول: رسم> مَنْ ذكرني في نفسه ذكرتُهُ في نفسي، ومَنْ ذكرني في ملأ ذكرته في ملأٍ خيرٍ منهم متن_ح> رسم> .
ويُخْبِرُ -صلى الله عليه وسلم- بِفَضْلِ ذِكْرِ الله -تعالى- فيقول لصحابته: رسم> ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والْوَرِقِ، وخير لكم من أن تَلْقَوْا عدوكم؛ فَتَضْرِبُوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟! قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ذِكْرُ الله متن_ح> رسم> هكذا أخبر بأن ذِكْرَ الله خير من هذه الأعمال كلها.
وما ذاك إلا أَنَّ مَنْ ذكر الله -تعالى- عَظُمَ قَدْرُ ربه في قلبه، ومَنْ ذكر الله -تعالى- تَذَكَّرَ عظمته، وتَذَكَّرَ جلاله وكبرياءه، وتَذَكَّرَ الوقوف بين يديه، وتَذَكَّرَ الحاجة والفاقةَ إليه، وتَذَكَّرَ أنه رب العالمين، وأنه إله الأولين والآخرين، وأنه الْمُتَفَرِّدُ بالتصرف في العباد، وأنه الكبير المتعال، وتذكر أن كل شيء من المخلوقات فإنه حقير وفقير، وذليل وصغير بين يَدَيْ ربه، وأن ربه -سبحانه وتعالى- هو مالك الْمُلْكِ، وهو ذو الجلال والإكرام، وهو الذي بيده الملك، وله الحمد وله الْمَنُّ، وله الثناء الحسن، وهو خالق كل شيء، ورب كل شيء، كما عَظَّمَ نفسه بقوله تعالى: رسم> لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ قرآن> رسم> .
فَذِكْرُنا لله -سبحانه- يُذَكِّرُنا بعظمته وجلاله وكبريائه.
وذِكْرُنَا لله -سبحانه- يُذَكِّرُنَا بالوقوف بين يديه، ويُذَكِّرُنَا بالحساب؛ حسابِهِ لنا على الأعمال صَغِيرِها وكبيرِها.
وذِكْرُنَا لله -سبحانه- يُذَكِّرُنا بخشيته والخوف منه.
وذِكْرُنَا لله -سبحانه- يُذَكِّرُنا بيوم القيامة، وما يكون فيه من الجزاء على الأعمال صغيرِهَا وكبيرِهَا.
وذِكْرُنَا لله -سبحانه- يُذَكِّرُنَا بعذاب الآخرة ونعيمها؛ يُذَكِّرُنَا بما وعدنا الله، بما وعدنا وبما تَوَعَّدَ به أهل المعاصي وأهل المخالفات،
فَمَنْ ذكر الله -تعالى- خافه واتقاه، ومَنْ ذكر الله -سبحانه- أطاعه وامتثل ما أَمَرَهُ به، ومَنْ ذكر الله -سبحانه وتعالى- تَرَكَ معصيته وابتعد عن مخالفته، ومَنْ ذكر الله دائمًا فإن الله تعالى يذكره فيما بين ملائكته، كما أخبر بأن رسم> مَنْ ذكرني في نفسه ذَكَرْتُهُ في نفسي، ومَنْ ذكرني في ملأٍ ذَكَرْتُهُ في ملأٍ خيرٍ منهم متن_ح> رسم> .
وذِكْرُ الله -تعالى- هو كل شيء يُذَكِّرُ به، فدعاء الله تعالى ذِكْرٌ له، وتسبيحه وتحميده ذِكْرٌ له، وتهليله وتوحيده ذِكْرٌ له، وكذلك ذِكْرُ آلائه ونِعَمِهِ من الذِّكْرِ، إذا تَذَكَّرَ العبد نِعَمَ الله عليه فَقَدْ ذَكَرَهُ، وإذا تَذَكَّرَ آياتِهِ ومخلوقاتِهِ فَقَدْ ذَكَرَهُ، وإذا تَذَكَّرَ وَعْدَهُ ووعِيدَهُ فَقَدْ ذَكَرَهُ، وإذا تَذَكَّرَ آياته التي نصبها معجزاتٍ لعباده، وآيات بيناتٍ فَقَدْ ذَكَرَهُ، وإذا تَفَكَّرَ في مخلوقاته، تَفَكَّرَ في نفسه، وتفكر فيما بين يديه وما خلفه، وتَفَكَّرَ في خَلْقِ السماوات والأرض، وتَفَكَّرَ فيما خَلَق من دابة على وجه الأرض في البر والبحر.
فَكُلُّ ذلك من ذِكْرِ ربه، كل ذلك يُذَكِّرُهُ بعظمة الله -سبحانه وتعالى- يُذَكِّرُهُ بأن ربه الذي خلق هذا الخلق؛ هو الذي يستحق أن يُعْبَدَ، وهو الذي يُصَلَّى له ويُسْجَدُ، وهو الذي يُطَاعُ ولا يُعْصَى، وهو الذي تَوَعَّدَ مَنْ عصاه بالعقاب، ووعد مَنْ أطاعه بالثواب، فَأَكْثِرْ يا عَبْدَ الله مِنْ ذِكْرِ الله -تعالى- في كل حالاتك لتكون من الذاكرين الذين وعدهم الله تعالى بقوله: رسم> وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا قرآن> رسم> .
مسألة>