إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
خطبة الشيخ في الحرجة
5520 مشاهدة
الوصية بحفظ الصلاة

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، على رغم أنف من جحد به وكفر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سَيِّدُ البشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادةِ الْغرر، وسَلَّمَ تسليما كثيرا.
أما بعد:
أيها الناس اتقوا الله -تعالى- حق التقوى، واستمسكوا بـ:لا إله إلا الله فإنها العروة الوثقى، واحذروا المعاصي، واحذروا المعاصي، فإن أبدانكم على النار لا تقوى، وتواضعوا لله؛ فإن مَنْ تَوَاضَعَ لله رفعه، ومَنْ تَكَبَّرَ على الله وضعه، ومن زرع التقوى حمد عند الحصاد ما زرعه، واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يَدَ الله مع جماعة المسلمين، ومَنْ شَذَّ عنهم شَذَّ في النار، واعلموا رحمكم الله، أن الدنيا دار مَمَرّ، وأن الآخرة هي دار المقر، فتزودوا من مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُم، وتأهبوا ليوم حسابكم، وعَرْضِكُمْ على ربكم يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ واعلموا أنكم غَدًا بين يدي الله موقوفون، وبأعمالكم مَجْزِيُّون، وعن أفعالكم محاسبون، وعلى تفريطكم نادمون، وعلى رب العزة سَتُعْرَضُون وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .
ثم اعلموا عباد الله أن ربنا -سبحانه- ما خلقنا لِيَتَكَثَّرَ بنا من قلة، ولا لِيَتَعَزَّزَ بنا من ذِلَّة، ولكنه خلقنا لعبادته، وأمرنا بتوحيده وطاعته، فأمرنا بأن نعبده وحده، ونترك عبادة ما سواه؛ فيكون له التعظيم وحده، وتكون له العبادة وحده، فنخافه حق الخوف، ونرجوه حق الرجاء، ونتوكل عليه حق التوكل، ونُخْلِص له الدعاء، ونُخْلِص له القيام والعبادة، ونُعَظِّمُه حق التعظيم، ونُجِلُّهُ ونُبَجِّلُهُ، ونعرف بأنه -سبحانه- هو مالك الملك، وهو خالق الخلق، وهو ربهم ومدبرهم، فنستعين به وحده، ولا نستعين بغيره، ونلجأ إليه في أمورنا، ونستجير به مما نخافه ومما نَحْذَرُهُ، ونجعل له جميع أنواع التعظيم، وأنواع العبادة، وبذلك نكون ممن عبد الله حق عبادته، وأخلص له العبادة.
وهكذا أيضا نتواصى بفعل جميع العبادات، فنتواصى بالصلاة التي هي عماد الدين؛ والتي من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومَنْ ضيعها فهو لما سواها أضيع، فإن الله -سبحانه وتعالى- أَكَّدَ فرضيتها، فأولا: أنه فرضها على نبيه مباشرة بدون واسطة؛ لما أُسْرِيَ به وكَلَّمَ الله تعالى، ففرض عليه هذه الصلاة خمسين، ثم خففها إلى خمس، وقال: لا يُبَدَّلُ القول لدي، مَنْ حافظ على هذه الخمس فله أجر خمسين فحافظوا عليها يا عباد الله؛ فإنها تأمر بالخير، وتنهى عن الشر، وإنها لثقيلة إلا على المؤمنين، قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ .
وكذلك أيضا نتواصى على المحافظة على فعلها في جماعة المسلمين؛ فإن الله تعالى أمر بالاجتماع لها في قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ أي: أجيبوا داعِيَ الله الذي يدعو لهذه العبادة، واجْتَمِعُوا عليها في هذه البيوت التي هي بيوت الله، والتي فَضَّلَهَا، وأَذِنَ أن تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فيها اسمه، ألا وهي هذه المساجد التي عمرت بذكر الله -سبحانه وتعالى- فاعْمُرُوها بِذِكْرِهِ، واعْمُرُوها بطاعته، واعمروها بأداء هذه العبادة جماعةً؛ ولا تتخلفوا عنها، فَمَنْ تَخَلَّفَ عنها فقد تُوُعِّدَ بأنها لا تُقْبَلُ منه صلاته كما قال -صلى الله عليه وسلم- مَنْ سمع النداء فلم يُجِبْ فلا صلاة له إلا من عُذْرٍ .